أَيهَا الفُرْسَانُ رُوَّادَ السَّمَاءْ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أَيهَا الفُرْسَانُ رُوَّادَ السَّمَاءْ | إِنَّنَا قَوْم إلى المَجْدِ ظِمَاءْ |
خَبِّرُونَا وَانْقَعُوا غُلَّتَنَا | كَيْفَ جَوُّ السَّائِدِينَ العُظَمَاءْ |
كَيْفَ جُوُّ الفَتْحِ فِيمَا سَخَّرَتْ | مِنْ قُرَى الدُّنْيَا عُقُولُ العُلَمَاءْ |
كَيْفَ جَوُّ العَبْقَرِيَّاتِ وَقَدْ | شَالَتِ الأَطْوَادُ فِيهِ كَالْهَبَاءْ |
خَفَقَتْ أَلْوِيَةُ الغَرْبِ وَلَمْ | يَكُ بِالأَمْسِ لَنَا فِيهِ لِوَاءْ |
فَلَنَا اليَوْمَ بِهِ أَجْنِحَةٌ | وَلَنَا أَبْطَالُنَا وَالشُّهَدَاءْ |
هَبَطَ النَّسْرُ بِفَرْخَيْهِ وَمَا | كَانَ صَيَّادُهُمَا غَيْرَ القَضَاءْ |
أَيَّ سَطْرٍ فِي المَعَالِي كَتَبَا | بِالزَّكِيِّ الحُرِّ مِنْ تِلكَ الدِّمَاءْ |
قُتِلاَ فِي حُب مِصْرٍ وَلَهَا | كُلُّنَا بِالمَالِ وَالرُّوحِ فِدَاءْ |
نَحْنُ فِي دَارِ الأَسَى نَبْكِيهِمَا | وَهُمَا فِي الخَالِدِينَ السُّعَدَاءْ |
شَرَفٌ لَوْ بَذَلَ المَرْءُ بِهِ | عُمْرَهُ لَمْ يَكْنِ العُمْرُ كِفَاءْ |
بيْنَ مَنْ يَرْثِي وَمَنْ يُرْثَى لهُ | أَكْثَرُ الأَحْيَاءِ أَوْلَى بِالرِّثَاءْ |
أيُّهَا السِّرْبُ المُوَافِي وَبِهِ | عَن فَقِيدَيْهِ العَزِيزَيْنِ عَزَاءْ |
هَاتِ نَسِّمْنَا نَسِيماً طَاهِراً | لَمْ يُكّدَّرْ بِقَذىً مِنْهُ الصَّفَاءْ |
خَالصِاً مِنْ أَثَرِ السُّمِّ الَّذِي | يُفْسِدُ الذُّلُّ بِهِ طَلْقَ الْهَوَاءْ |
مَا شَعُورُ المَرْءِ فِي تِلْكَ العُلَى | حِينَ يَرْقَى وَلَهُ مُلْكُ الفَضَاءْ |
أَيَرَىَ فِي الشَّامِخَ المُنْدَاحِ مِنْ | دُونِهِ كَيْفَ مَآلُ الكِبْرِيَاءْ |
أَيَرَى وَالبَحْرُ مَرْدُودٌ إِلى | مُلْتَقَى حَدَّيْهِ مَا حَدُّ البَقَاءْ |
أَيَرَى الضِّدَّيْنِ مِنْ خَفْضٍ وَمِنْ | رِفْعَةٍ صَارَا إِلى شَيْءٍ سَوَاءْ |
جَوْلَةٌ لِلْمَرْءِ إِنْ يَسْمُ بِهَا | فَبِهَا كُلُّ الرِّضَى قَبْلَ الفَنَاءْ |
نَزَلَ الأُسْطُولُ فِي أَعْيُنِنا | مَنزِلَ القُوَّةِ مِنْهَا وَالضِّيَاءْ |
وَتَلَقَّتْهُ الحَنَايَا هَابِطاً | مَهْبِطَ اليَقْظَةِ مِنْهَا وَالرَّجَاءْ |
فَرِحَ الأَحْيَاءُ فِي مِصْرَ بِهِ | فَرَحاً لَمْ يَنْتَقِصْ مِنْهُ مِرِاءْ |
وَاسْتَقَرَّتْ مِنْ مُنىً مَقْلِقَةٍ | لَمَثَاوِيَهَا بَقَايَا القُدَماءْ |
شَرَفاً يَا سِرْبُ لاَ يَكْرُثْكَ فِي | عَزَّةِ الفَوْزِ نَكِيرُ السُّفَهَاءْ |
هَلْ تَنَالُ الصَّائِلَ الجَائِلَ فِي | فَلَكِ النَّسْرِ سِهَامٌ مِنْ هَوَاءْ |
قُسِمَ العَيْشُ وَأَدْنَى قِسْمَةٍ | فِيهِ لِلمُسْتَسْلِمِينَ الضُّعَفَاءْ |
منْذ أَزْمَعْتَ مَآباً وَعَدَتْ | دُونَهُ الأَخْطَارُ فِي تِلْكَ الجِوَاءْ |
كُلُّ نَفْسٍ وَجَمَتْ مِنْ خَشْيَةٍ | وَأَحَسَّتْ مَا تُعَانِي مِنْ بَلاَءْ |
إِنِّمَا البُعْدُ عَنِ القَلْبِ نَوىً | لَيْسَ مِنْ يَنْأَى عَنِ العَيْنِ بِنَاءْ |
مَنْ تَرَاهُ يَصِفُ الوَجْدَ الَّذِي | وَجَدُوهُ إِنْ دَنَا يَوْمُ اللِّقَاءْ |
أَلْقَوُا السَّمْعَ إِلى الغَيْبِ وَقَدْ | حَبَسُوا الأًنْفَاسَ حَتَّى قِيلَ جَاءْ |
فَتَمَثَّلتَ لَهُمْ فِي صُورَةٍ | مَا رَأَتْ أَرْوَعَ مِنْهَا عَيْنُ رَاءْ |
مِصْرُ فِي الوَجْهَيْنِ شَطْراً مُهْجَةٍ | خَفَقَتْ لِلْعَائِدِينَ البُسَلاَءْ |
وَتَمَلَّتْ غِبْطَةً ضَاعَفَهَا | بَاعِثُ العُجْبِ وَدَاعِي الخُيَلاَءْ |