هو الدهر تغشى الكائناتِ نوائبُه
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
هو الدهر تغشى الكائناتِ نوائبُه" | "على الخلق تجري كل يوم عجائبُهْ |
يود الفتى الدُّنيا ويعلم غدرها" | "ولكن إليها الحب طبعاً يجاذبُهْ |
وللدهر صولات وفي الناس غفلة" | "فلم يشعروا إلا وفيهم ضرائبُهْ |
تُشَنُّ عليهم كل يوم جنودُه" | "وتَثبت فيهم كُتْبُه وكتائبُهْ |
فلا سهل إلاَّ فيه منه إغارة" | "ولا وعر إلا فوقه حلَّ ناهبُهْ |
يروم الفتى منه أموراً طويلةً" | "فيمضي ولم تحتم إليه مطالبُهْ |
ويجهد فيه النفس في غيرِ طائل" | "وليسَ له إلا البلا وجوالبُهْ |
ويُسلب منه ما يحق فناؤُهُ" | "ويعلم أنَّ الدهر لا شك سَالبُهْ |
ويجمع منه للتراب فيغتدي" | "وقد قُطعت أترابه وترائبُهْ |
نطقنا فكان الدهر أفصح ناطق" | "وعشنا فما في العيش إلاَّ معاطبُهْ |
بدأنا فكان البدءُ أصلاً لذاتنا" | "ويا رُبَّ بدءٍ تستمر مشاربُهْ |
فلو كان هذا الدهر يفهم عتبنا" | "بما جرَّهُ فينا لكنا نعاتبُهْ |
إذا هلك الأبناء وهو أبوهم" | "فكيف يرجَّى صفوُه ومطالبُهْ |
وما تنسب الأهلاك مِنه حقيقة" | "ولكن مجازاً تقتضيه دواعبُهْ |
ولله في المخلوق سَبْقُ إرادةٍ" | "عليها جرت أحكامه ومخاطُبهْ |
وكيف يرجي المرء لذة عيشةٍ" | "وقد فارقته غِيده وشبائبُهْ |
تُشاهِد عيناه مصارَع أهله" | "من الحتف والتغيير لا شكَّ نائبُهْ |
تُشاهِد عيناه مصارَع أهله" | "من الحتف والتغيير لا شكَّ نائبُهْ |
درى أن ما يحويه لَهْوٌ وباطل" | "متى يَدْرِ ما غاياته وعواقُبهْ |
فأين إلى أين الهروب وطالب المنا" | "يا سريع لم يفت منه هاربُهْ |
أرى العمر مثل الدَّين فالبعض حاضر" | "يؤدَّى وبعض منه يَنْظُر طالبُهْ |
وجمهرة الموتى صنوف فواحد" | "يموت ولم تحزن عليه أقاربُهْ |
وبعضهم إن مات يبكيه أهلهُ" | "وجيرانه فقداً لهُ وحبائبُهْ |
وبعضهم ما مات إلا تضعضعت" | "مشارقه من فقده ومغاربُهْ |
كما هدّ رزء مصطفى كامل العُلا" | "بمصر فعمت كل مصر مصائبُهْ |
ومن كان يملا الأرض حُبّاً صلاحُه" | "فلا عجب أن عمَّها منه صائبُهْ |
ومن أضحك الدنيا سروراً حضورُه" | "فلا غَرْوَ إن أبكى السَّماواتِ غائبُهْ |
لئن فجعت مصرٌ به فلطالما" | "كساها سروراً سعيُه ومناصبُهْ |
فتى شأنه جمع المفاخر والعلا" | "ونظم شتات الدين سعياً مكاسبُهْ |
فتى أحرز الأوطانُ حُكماً وحِكمة" | "وساست ديارَ المسلمين مناقبُهْ |
فتى كان نوراً يستضيءُ به الورى" | "بليل تجلت بالضلال غيَاهُبهْ |
فتى مارس الأشياء علماً وأظهرت" | "إلينا خفياتِ الأمور تجاربُهْ |
فتى كان للاسلام حرزاً ومعقلاً" | "وحصناً منيعاً فاستهل جوانبُهْ |
لهُ الهمة العليا لاحراز كلمة الإ" | "له فطالت في العلاء رواجبُهْ |
تجرد سيفاً قاطعاً كل عارض" | "على حرم الإِسلام فاشتدّ جانبُهْ |
لقد كان في أيامه ناشرَ اللِوَا" | "لِوَا الدين حتى قام في الأرض خاطبُهْ |
فلو كان من سهم المنايا حمايةٌ" | "إذاً لحمته سُمْرُه وقواضبُهْ |
ومذ حملوه فوقهم قلتُ سارت" | "الجبالُ وهذا الحشر تبدو غرائبُهْ |
فيا بدرَ فَضلٍ كيف طال غيوبه" | "ويا بحرَ فضلٍ كيف غيضت غواربُهْ |
ويا دهر رِفْدٍ كيف بدل غيره" | "ويا طور مَجْدٍ كيف هدت مناكبُهْ |
فيا عصبة الإِسلام نوحي على الذي" | "هوت إذ هوى أقمارُه وكواكبُهْ |
على مثله فلتذهب النفس حسرة" | "وفي مثله فليَسكب الدمعَ ساكبُهْ |
فيا أهل مصر بل أيا كل مسلم" | "عزاءً فإن الصبر يظفر صاحبُهْ |
فبالمصطفى عن مصطفى سلوة لكم" | "وما شربا فالكل لا بدَّ شاربُهْ |
إلهي عقد المسلمين مبدَّدٌ" | "وقد علقت للكفر فيهم مخالبُهْ |
أقم ناصراً للدين شهماً فقد خوت" | "معالمهُ ضَعفاً فضاقت مذاهبُهْ |
أما ناظمٌ منهم فيجمع شملهم" | "أما قائم فيهم تفل مضاربهْ |
أما لحِمى الاسلام حامٍ فيعتلي" | "سماء معاليه وتبدو كواكُبهْ |
فأين حماة الدين والعرب الأُلى" | "يعافون ذكر العار لا كان راكبُهْ |
لقد أعلن الداعي وأفصح فيكم" | "فهل ناهض بالحق منكم يجاوبُهْ |
فإن تحرق الأحشا مصيبةُ مُصطفى" | "فمنا ومنكم من تفوق مراتبُهْ |
فلولا ابن تركي في عمان مشمر" | "لقامت على الاسلام فيها نوادبُهْ |
هو الملك السُّلطان فيصل من صفت" | "موارده فضلاً وطابت مشاربُهْ |
حمى حوزة الاسلام فارتاح أهله" | "ودبر أمر الملك فانزاح طالبُهْ |
إذا ما نداه فاض عمت مواهبه" | "فلم يحكه التيار طمت خواربُهْ |
لقد أفصحت أفضالُه كل الْكنٍ" | "فدفَّق حتى نظّم الجَزْعَ ثاقِبُهْ |
فلا زال في عمر طويل ولم تزل" | "غرائِبه تبدي الهُدى ورغائبُهْ |