ذكرتُ أسىً وبعض الأمر يُنسِي
مدة
قراءة القصيدة :
8 دقائق
.
ذكرتُ أسىً وبعض الأمر يُنسِي | وما في الدهر داتمةٌ لأُنسِ |
يروم المرء آمالاً طِوالاً | ودنياهُ تُقاضيه بعكسِ |
لكلٍّ نية يبني عليها | ولم يقم البناء بغير أُسِّ |
ومن يغرس أصول الشر يجني | ثمار الحزن يانعةً بغرسِ |
وشتان الذي يبني دياراً | ومن يسعى لتخريب ودرسِ |
ومن طلب العلاء بلا محل | أعادته مطالبه لركسِ |
وبعض الناس يخطب بنت عز | فما أعطته منها غير رفسِ |
ومن لم يحفظ النعما بشكر | فما أولاه أن يرمى بتعسِ |
وبعض الداء يبرأ بالتداوي | وبعض منه مردود بنكسِ |
وفَلْسُ المرء جُنْدٌ وهو صَرْفٌ | ولم تقم الجنود بغير فلسِ |
وللتدبير فوق المال فضل | فكيف إذا هما اجتمعا بنفسِ |
ومن يُجِع الجنود وهم حماةُ | تفرَّق أمره ودُهي بنحسِ |
ولم تقم الجنود بلا أمير | ولم تقم الفروع بغير قنسِ |
ومني ملك لواء الرأي يمضي | ولم يحفل بعامي وعرسِ |
وللعقبى عقول عارفات | بما يأتي بتخمين وحَدْسِ |
إذا شبَّت لظى الهيجاء شابت | رؤوس غُذِّيت بصباً وأنسِ |
هنالكم المحامد والمخازي | ويُقْذَف غِشُّ رِعديد ونِكسِ |
لقد طلّقت أحزاني ببيت | وسيع الأمن وهو بدار حبسِ |
لبثت بها بصلح من زماني | وأيَّامي بهَا أيام عرسِ |
وما دار المضيبي في قراها | علاً إلا كملك فوق كرسي |
كسَاها الله بُرْداً من أمان | يمدُّ بكف تنقية وقدسِ |
فإن تُشرِْف عليها من بعيد | حسبت غمامة حدقت بشمسِ |
إذا ما زادها ضيف بليل | قرته بطيب زاد غير ممسِ |
وليسَ بها أذى حر وبرد | ولا الحشرات تأويها لضرسِ |
بصفحتها مسايل طيبات | كمثل مسايل كتبت بطرس |
إذا نسَماتها هبت بليل | تضوّع عطرُها في كل جنسِ |
تراهم في مسايلها نشاوى | بأجفان من النسماء نُعْسِ |
وعادتها بمن يبغي فسَاداً | بها ترديه داهيةٌ تنسّي |
كان السوق وسط محلّتَيْها | نجوم مجرة بسماء وَرْسِ |
كأن غلالة حمراء حيكت | بأوسطها طرائف من دِمَقْسِ |
كأنَّ الفرسخي كريم قوم | بسيط الراحتين بفيض رغسِ |
يباين ماءه فصلي شتاء | وصيف كلما وافى بجنسِ |
فإن قرٌّ فذا باللمس حَرٌّ | وإن حَرٌّ فذا بردٌ بلمسِ |
كأنَّ الناس طفل وهو ثدي | لمرضعة غزير في المحبسِ |
سمعتُ مع الصُّوار له خرير | يحقّق علمهُ بلسان فُرسِ |
كأنَّ المسجد المعمور يَروي | بما يملي له من علم غرسِ |
توسط في الحمى كنظيره في | السما والأرض وامتازا بقدسِ |
وإنَّ الخير موضوع لديه | ومحمول بكليات خمسِ |
سمت بالفرسخي ديار حبس | كما بالذكر يسمو كل طِرسِ |
إذا ما جئتَ ليلاً أو نهاراً | بها تستغني عن قمر وشمسِ |
قد انفردت بلذة كل عين | من الدنيا وشهوة كل نفسِ |
تجنّى أهلها شرّاً عليها | فأضحت وحشة من بعد أنسِ |
وقد لبست غلائل طاهرات | فأمست بُردة غُمست بِنجسِ |
مساجدها الزواهر قد خلت من | جماعات لورّاد ودَرسِ |
وأمسى سُوقُها عطلاً كخَوْد | تساقط حَلْيُها من بعد لبسِ |
فيا لله كم عينٍ ونفسِ | بها فاضت لعهد غير مَنسي |
تقدمتِ الخساس لنَتْج شرٍّ | لقد نتجت مقدمة الأخسِ |
ولم نألُ اجتهاداً في هداهم | وأوضحنا الرشاد بغير لَبسِ |
مُرُوا بالعُرْفِ وانهَوا عن سِواه | وذا سكن لكم يغدو ويمسي |
إذا ظهر الزنى في دار قوم | بهم كثر الفنا وقُضِي بفَرْسِ |
وراعُوا حفظ داركم بعدل | فمأرب إذ عَدت رُميَت بطمسِ |
بسوقكم انتهُوا عن بيع سُحْت | وبخس واقْتِنا مَكْسٍ ووَكسٍ |
وبيع الحُرِّ نار وهو عارٌ | ومخربة البناء المُسْتَرسِّ |
أقيموا العدل بالميزان وارعَوا | حمى المولى بمكيال وسدسِ |
لكم في أهل مَدْيَنَ أي وعظ | وبالأشرار قد قَبُح التأسّي |
وكم قامت بها خطباء عدل | تذكر في عُكاظ خِطاب قُسِّ |
فلم يرسب بهم نصح ووعظ | وتاهوا كالذين رموا بمَسِّ |
وطال الأمن فيهم لا عَدُوّ | يصبّحهم ولا مرض يُمسّي |
إذا فتح العدو لهم عيوناً | تَداركها إلهُهُم بطمسِ |
ومَسَّ الرِّجزُ بُلداناً فأقوَتْ | ولم ينظر لحوزتهم بمَسِّ |
ولم أر للقبيلةِ كالأعادي | ألمَّ لها واذهب للتعسّي |
محاربة العدا تلهي الأداني | عن البغضاء بينهم وتنسي |
وبالأمراض وعظ واتعاظ | ولين حشا من الذنب المنسّي |
وقد صدعوا بآيات توالت | وهم في سَكرة تُضحي وتُمسي |
فأمضى حكمَه الجبَّارُ فيهم | وألقى بينهم أسواط رجسِ |
فماجُوا بالتطاول والتعادي | وساسُوا الضُرَّ في مال ونفسِ |
فبعضهم يحاول نيل ملك | وبعضهم يمانعه بروسِ |
وأضحوا فرقتين وكل إحدى | على الأخرى تجاذبها بخسِّ |
وصاغوا ذات يوم لطف كيد | وجمعهم يسُوقهم مرسّي |
ودقّوا عِطرَ مَنْشم وقتَ عصرٍ | ووجهُ الشمس مَطليٌّ بورسِ |
فلم تسمع ولم تر غير برق | ورعد من سنا صُمْعٍ وحَسِّ |
وحاك النقع حلة طيلسان | على الأرجاء واكتحلت بنقسِ |
فقمنا بين بارقة أضاءت | وراعدةٍ أصاخت كل هجسِ |
وطفنا بين مُسودٍّ تجلىّ | ومنهدّ تعلىّ كل نفسِ |
كأنَّ الرمي والمرميُّ شهب | تخر على شياطين بلمسِ |
كأنَّ حسيسهَا أصوات نحل | أحطن ببيتهنَّ تجاه دبسِ |
دعونا بس واعلان العوافي | وصُمعهم تلبينا ببَسِّ |
إذا اشتهت القبائل طعم حرب | فلا يشفي سوى الشبع المدسّي |
وقلعتهم لمدفعها غمامَ | حداه رعد همهمة وجرسِ |
كأن البيت يخطبها فردت | بهدٍّ لا يؤلف وجه عِرسِ |
وجمهرة البيوت بهنَّ تَيْهٌ | بألسنةٍ تَكَلَّمُ غيرِ خُرسِ |
فلم يرعوا لعيسى قط عهداً | ولا لِسَواه من صلحاء أنسِ |
وصبّحهم ويُحمد وجهُ صبحِ | ومسَّوه بحربهم بعبسِ |
فبان الخطب عن قتل وجرح | وكانت أي راهبة برسِّ |
وكان بشهر شعبان التفاني | بيوم السبت منه عصرَ خَمسِ |
وطال الأمن والتاريخ جب | عرتنا وحشة من بعد أنسِ |
فما أدهاه من شهر تقضى | وحسبك عبرة ما كان أمسِ |
وشعبان لحبس كان فألاً | لهم بتشعُّبٍ ولزوم حبسِ |
فلا تعجب لحبس ان تفانوا | فهم أتباع ذبَيان وعبسِ |
وابنا قيلة احتدموا قديماً | وابنا وائل ومضوا كأمسِ |
وكيف اذمُّ حبساً في جنابي | وهم سيفي إذا أُبلى وترسي |
غطارفة جحاجحة أسود | صدور جحافل وبدور غلسِ |
إذا نزلوا مدى واستنزلوه | فهم في الحالتين سُخاة نفسِ |
إذا ضنَّت يد الخضراء جادوا | على الغبرا ببسط يدٍ وأُنسِ |
وإن قامت رحى الهيجاء كانوا | لها الأقطاب في دور وجرسِ |
لهم وَثَباتُ صدقٍ للمنايا | إذا صرخ المنادي يا لحبسِ |
عصائب مهدوا لِسَما المعالي | مراقي فارتقوا بندى وبأسِ |
هم جزآن والمجموع كُلٌّ | وأعراق بأصل مسترسِّ |
وبطنا يحمد فيهم أقاما | بأبراج من الجوزاء قُعسِ |
أثارا فتنة أخرى فهاجت | نفوساً من جناة الحرب حُمْسِ |
كُماة لا يهابون المنايا | بمخلبها رمتهم أو بضرسِ |
متى ضربت صياصيهم أفاضت | بصمعهم الشداد سحاب تعسِ |
فكان المرء في سفك وقتل | وكانت تلو عمتها بأمسِ |
ومن بلدانها الغربي طابت | مشاربه ومرَّت بالتحسَي |
وكان الزاهب اسماً بدَّلوه | بذال نقطت بمداد رجسِ |
هو السبب المهيج للبلايا | وللأشياء أسباب تؤسي |
على خضرائه استولى فريق | لآخر فيه من رطب ويبسِ |
وكان العهد ممدوداً عليهم | وكلهم يجاذبه بخسِ |
وقد شرقت بلادهم بجوع | وخوف بعدما شرقت بعكسِ |
وأضمر بطنها شراً ولكن | غدا شبعان من عسر وحرسِ |
سألت الله صرف الشر عنها | وعود الخير في مال ونفسِ |
وهذي الفتنة استولت على من | ثوى فيها وشاركها بدسِّ |
وأسمى العارفون بها حيارى | لما نالتهم منها بغمسِ |
وعزل النفس عنها فرض عين | أيدخل مؤمن أعمال رجسِ |
وإن الخير كل الخير فيمن | يكون ببيته أمثالَ حِلْسِ |
وبذل النفس صعب وهو حلو | على الأعدا ومرٌّ في الأخسِّ |
وإني من شلاشلها خَليُّ | ولم أكُ من صلاصلها بوَجْسِ |
وكم رؤيا لنا دلَّت عليهَا | وعقلٍ ناظر فيها بحدسِ |
فجاءت بكرة شوهاء تخشى | مطالعها تُقادُ بزي عنسِ |
فلا أهلاً ولا حلّت وولّت | تُذَبُّ بسائقي طرد وعكسِ |
إلهي أنت أحفى بي فثبّت | على تقواك قلبي قبل خلسي |
بنفسي حسن ظني فيك فيما | أردتُ وأنت أعلم ما بنفسي |
فمنَّ عليَّ بالغفران واختم | على عملي بتزكية وقدسِ |