جاءت كموج البحر تخطر بالكفَل
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
جاءت كموج البحر تخطر بالكفَل | وقوامها بالطعن في الأحشا كَفَلْ |
بيضاء ما لمحت أسرّةُ وجههَا | بدرَ الدجى متعرّضاً إلا أفَلْ |
أهلُ الهوى هاموا بحسن صفاتها | سمعاً فكيف ولو رأوها بالمقلْ |
وَقْعُ العيون على قلوب أولي الهوى | يوم اللقاء أشدُّ من وقْع الأسَلْ |
إنَّ التعرضَ للحتوف مُحبَّبٌ | إن كان غايته الوصولَ إلى الأملْ |
لولا مقارفة الفتى لذنوبه | لوجدته متهافتاً لِسَنا الأجلْ |
والمرءُ أيامَ الأمان بغفلة | يُمسِي ويُصبح في البطالة والكسلْ |
فإذا أتاه الخطب أحرقَ قلبَه | أسفَا على التفريط في زاكي العملْ |
هلا أعدَّ إلى الخطوب حماية | فإذا أتته لها تجلد وابتهلْ |
من يدرِ أنّ لقاءه لحبيبه | حتمٌ ايحسن أن يلاقي بالزللْ |
أسفي على حق الحبيب أضعته | جهراً فوجهي منه في فرط الخجلْ |
أنعامه في كل يوم جمّةٌ | ولو المعاصي قابلتها لم تزلْ |
الله ربي إن هذا الناس ما | عرفوا الإله حقيقة وهو الأجلّ |
لم يخُلَقوا عبثاً فأمسوا رُتَّعاً | في غَيّهم تِيهاً كأنهمُ هَمَلْ |
والناس منهم في البرايا من إذا | طرقته داهيةُ الخطوب لها استذلّ |
إن الصبور الجَلْد من إن أقبلت | بجهاته زمر البلا كان البَطَلْ |
كمقام سيدنا المعظم فيصل | في البحر إذ هو من ظفار قد قفلْ |
ركبوا ب نور البحر والسلطان في | كرسيّه كالشمس في برج الحملْ |
والبحرُ أوطأ ظهَره متذللاً | بسكينة للركب يعرف من حمَلْ |
بَيْنا يسير عليه وهو برقْدة | حتى تنبه بالأشاخر واختبلْ |
فكأنما عرف الشريكَ فهزَّهُ | غيظ كذلك من يشارك في العملْ |
أوَقد درى هذا عليه مُستَوٍ | بسرير هامته وهذا قد سفَلْ |
ولعلَّ ذلك منه رفض إذ رأى ال | ملكَ المعظمَ فاستخف به الجذلْ |
أم ذاك خوف منه حين علا على | صهواته ارتعدت فرائصُه وَجَلْ |
بل ذاك أمر ساقه المولى على | من لم يخفه فصار وعظا كالمثلْ |
ولقد أبان الله قدرته على | كل الخلائق إنه الملك الأجلْ |
الله أكبر كم شجاعٍ في الوغى | إذ شاهد البحر المَهُول قد انخذلْ |
فتوقدت فَحماته جمْراً فجا | ء الموجُ يعلو فوقهم مثل الجبلْ |
غشيتهم الظلمات فوقهم وتح | تهمُ فكانت فيهم سودَ الحُلَلْ |
فإذا أتتهم موجة من وجهةٍ | ولوا وجوههم إليها كالقِبَلْ |
لم يلتفت أحد إلى أحد ففي | كُلّ له عن غيره أمرٌ شغَلْ |
رجعوا بأردية السرّور مليئةً | من طيبات ظفار لكن قد رَحَلْ |
كم مُترفٍ مترفّهٍ أنساه ما | يعتاده من نعمة خوفُ الأجلْ |
يا نعم نور البحر كم من صدمة | في البحر زاحمها بصَدْرٍ لا يُفَلّ |
كم ظلمة فيه استقلت فانجلت | عن راكبيه بنوره يوم استقل |
يهوى فيُوشِك أن يقبّل قعَره | طوراً ويعلو تارة يبغى زُحَلْ |
والأمر ضاق وشمرت أحوالهم | عن ساقها بالرعب وانقطع الأملْ |
والمال أن يتلف يُرى بدلٌ له | والنفس أن تتلف فليس لها بدلْ |
وعلا الصريخُ وآل أمرهمُ إلى | ملك الورى رب الأواخر والأوَلْ |
يا سامعاً ذا النون في الظلمات إذ | ناداهُ فاكشف عن عبيدك ما نزلْ |
وتروّعوا فتورّعُوا وتقربوا | بنذورهم لله إن طال الأجلْ |
يتداركون تخلّصاً والموت بَيْ | نَ عيونهم هلاّ ارعَوَوْا زمنَ المهلْ |
وتخالفت آرائهم حتى بدا | تدبير نور البحر بالخور احتملْ |
علم الإله العجز منهم ظاهراً | والأمر مرجعه إليه إذْ عضَلْ |
فتداركتْهم رحمة منه عَلى | إنقاذهم لمَّا تقطعت الحِيلْ |
بركاتُ سيدنا المعظم فيصل | طارت بهم في ساحل الأمن الأدلّ |
يا خور خور كرامة ما أنت خورُ ج | رامةٍ بل أنت متَّسع الأجلْ |
حصّنتَ أعماراً ومنها عمر من | لو توزن الدنيا بقيمته عَدَلْ |
زهرت به الدنيا كعارض مُجْدِبٍ | بكر النعيم به فأشرق واستهلّ |
سفَرَت مكارمه بأجياد الورى | دُررا فهل لنوال راحته خَوَل |
والشهم تيمور بصحبته أتى | صعبَ الشكيمة واردَ الأمر الجلل |
ما همَّ في أمر ليدرك شأوَهُ | إلاَّ تزحزحت المهامِهُ والقُلَلْ |
ما أبرقت كفَّاهُ في سحب الندى | إلاَّ وأشرق بالعَطَا وجهُ الأملْ |
رجعوا بتاج سَلامة فاهتزتِ | الدُّنيا بمقدِمهِم وأشرقت الدُوَلْ |
وتَلبّست أرجاؤنا فَرحاً بهم | لم لا وسلطان الرعايا قد وصَلْ |