عسى طيفُ من أهوى لعينيَ يهتدي
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
عسى طيفُ من أهوى لعينيَ يهتدي" | " وإني مهما ابيضت العين أرقد |
كأنَّ بجفني ما بقلبي من الهوى" | " متى يرتقب غمضاً به يتوقد |
أقضّي نهاري بالكآبة والأسى" | " وأقطع ليلي كالسّليمِ المسهَّد |
وأستنشق النسماء من جانب الحمى" | " لتطفي لهيباً من حشىً متوقد |
فبالله يا ريح الصباح تحمّلي" | " سلامَ محب نازح الدار مكمد |
سلاماً لأحباب نأوْا بحشاشتي" | " وغودرتُ مُلقىً بين ربع ومعهد |
أما علموا أني مقيم على الوفا" | " وأني في دين الهوى لم أُفَنَّدِ |
تحدر دمعي يسبق الغيث جارياً" | " ومالي أرى عينيكما مثلَ جلمد |
جرى قلبُ مطبوع الهوى من جفونه" | " وغارت دموع المدعي المتردد |
ضَعَا عن بيان فوق صدري يديكما" | " فلم تجدا إلا دمائي بموقد |
وهذي دموعي فانظراها فلا يُرى" | " صَدوق الهوى إن لم تكن مثل عسجد |
وربَّانةُ السَّاقين خمصانةُ الحشى" | " متى يرَها بدر الدجنة يسجد |
أتت تنثني كالخيزرانة ليلة" | " غُدَافيّة من شعرها المتجعد |
تمزِّق من أنوارها كل ظلمة" | " تعطِّر من أعطارها كلَّ مرقد |
شكى خصرُها المظلومُ من ظلم رِدفها" | " كما يشتكي من ظلمها العاشق الصَّدي |
نثرت لها در العتاب مفصَّلاً" | " وأبدت لعيني ما حكى لحن معبدِ |
إذا أحرقت باللثم وجنتُها الحشى" | " شفيت الحشى من ريق فِيهَا المبرّد |
وبِتنا كما شاء الهوى نجتني المنى" | " ونفتح بعد الغمِّ كل مسدَّد |
إلى أن قضت بالبعد عنها يد النوى" | " وللدهر حكم يجتدي ثم يعتدي |
ومالي وشكوى الدهر هَبْ إنه اعتدى" | " فأين نصيري منه أو أين مُنجِدي |
نصبت رجائي ليلة بعد ليلة" | " لتحصيل مأمول وتيسير مقصد |
وحمّلتُ نفسي ركبَ كُل شديدة" | " وكلفت سيري فوق حرف مشدّد |
وخضتُ الدجى بحراً إلى أن بدا لنا" | " كشمس الضحى وجه الهمام محمد |
هو المخجل الدأما هوا لمنهل الدِّما" | " هو القطر للأندى هو البدر في الندي |
عريق العُلا فرّاج كل شديدة" | " كريم السجايا باسط الوجه واليد |
مليُّ الثنا فعّال كل حميدةٍ" | " ومن يفعل المعروف في الناس يُحمدِ |
إذا جئته يوماً لتفريج غمة" | " تراه لها يهتز مثل المهنَّد |
شجاع شديد الثائرات تهابه" | " أسود الشرى من بأسه المتوقد |
تعلم منه البحر سِيما سماحة" | " فأزبد غيظاً إذ غدا جار مُزْبِد |
يناديه أعيان القبائل رحمة" | " وكلهم يبغي نجاحاً لمقصد |
إلى بابه تطوى السباسب والفَلا" | " ويثنى على مسعاه في كل مشهد |
نَمَتْهُ إلى العليا عباهل سادة" | " مقاديم قد طالوا وصالوا بسؤدد |
أمن حمد حاز العلا أم أتاه من" | " هلال الذي طم العلا أم محمد |
سحائب جود تخصب الأرض عيشها" | " تجلت علينا من سما العدل أحمد |
وقام على تلك السبيل محمد" | " يروح على فعل الجميل ويغتدي |
شمائل فيه نيرات قضى بهَا" | " حقوقَ العلا وامتاز عن كل سيد |
فطَوراً تراه صهوةَ الخيل راكباً" | " وطوراً تراه عاكفاً بطنَ مسجد |
وطوراً تراه في سرير مدبّراً" | " حكومته بالعدل يهدي ويهتدي |
صحار اكتست منه جمالاً وبهجة" | " فطالت به في حسنها المتفرِّد |
أقام عليها بالعمارة بعدما" | " تخرب منها كل شيْءٌ مشيَّدِ |
وجمَّع فيهَا ما تفرق من نُهى" | " طوائِفها باللطف والخُلُق الندي |
فأضحت عروساً تستعيد شَبابَها" | " وترتع في طِيبٍ من العيش أرغدِ |
أعدَّ كرام الخيل والابْل زينةً" | " لإدراك مطلوبٍ وتقريب أبعد |
فمنهن ما كالعين أو كاللّجَينْ أو" | " كقطعةٍ ليلٍ حالكِ الصبغ أسود |
ومنها له النُجْب الكرائِمُ أَخجلت" | " كرائِمَ للنعمان في دهر مسعد |
وكم ظهرت منه محاسنُ جمّةٌ" | " فما ينتهي بالفضل إلا ويبتدي |
أتيناهُ من بُعْدٍ تجوب ركابُنا" | " إليه الفيافي فدفداً بعد فدفد |
حدانا إليه الاشتياقُ لما مضى" | " من الوُدّ والعهد القديم المؤكد |
فلم نر إلا البحر بالفضل زاخراً" | " ولم نر إلا الفجر في برج أسعدِ |
وتَّمت لنا الآمال عند لقائه" | " وتمَّ له الاقبال في كل مقصد |