شمس من الأنس صار الحسن هيكلها
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
شمس من الأنس صار الحسن هيكلها | ألقت إليها النُهى طوعاً معوَّلَها |
رمحية القدّ بَطّاشية خُلُقاً | صُبحيَّة الخَدّ تعنو النيِّرات لَها |
أُمنيَّةٌ شرعُها سفك الدماء على | أهل الغرام ولا ذنبٌ فيحملَها |
ما فوَّقت لحظَها في الناس راميةً | إلا أصابت من الألباب مقتلها |
ولا سرى نَشْرُها المسكيّ في رِمَم | تَبْلى بحكم الهَوى إلاَّ وقُمن لها |
يا بانة في رياض الحسن قد نشأت | سُقِيتِ من صفوة اللذاتِ سلسلَها |
نسيم عتبيَ يا سمرَاءُ مرَّ بكم | والسُّمر أعدلُها ما كان أعدَ لها |
هل آن ميلُك نحوي يا نسيمُ فمن | عاداته للعوالي أن يميّلَها |
ما قيّدت مهجتي حُسنَى حديثِكم | إلاَّ رَوتْ مقلتي بالدمعِ مُرْسَلَها |
يا نِعَم أيامنا بالرَّقمَتْين بكم | وخَيرُ أيامنا ما كان أوَلَها |
من يشتري مهجتي دهراً بيومِكم | لله ما كان أغلاه وأسهلَها |
أتت صروفٌ وحالت دونكم دولٌ | وأرسلتْ نُوَبُ الأيام جحفَلها |
والدهرُ من طبعه لم تصفُ منزلةٌ | للمرء لم يرضَ إلا أن يبدلها |
لمّا نَبت بي أحوالُ الزمان ولم | يكن بَكَفي ما قدْ بَلَّ أنُملها |
وأحدقت بي ديون أثقلت عُنْقي | لم أُلْفِ مَنْ فَضلْهُ عني تحملها |
والناسُ صنفان إما حاسد نعمى | أو مستهين بنفسي إذ تخلَّلَها |
نَفسُ التقيّ وإن هانت على سَفِل | لا تُستهان لأنَّ الله فضّلَها |
إنَّ الأفاضل محسودون نعمتَهم | وبالأراذل تدري الناس أفضلَها |
وقادني دعوة ممن مكارمه | تحلُّ من عنق المأسور أكبُلَها |
كساني الله رأياً أن أجشمه | مصاعب الأمر كي أرتاد أسهلَها |
عمدتُ عمدة عُقبانِ مُعمّمة | بالسّحب أجبلُها تغتال أجدلَها |
نعالها الصخرة العُظمى وهامتها | الشِعّري وإكليلُها بالتاج كلَّلَها |
كأننا في تعالينا بذروتها على | المجرة أوردناك جدولَها |
قد جُبْت عقبانَها المستشرفاتِ على | عقبانِ عزمٍ يُقّوي الله أرجلَها |
ومن يَجُب أوعر الأشياء في طلب الع | لياء لا بدَّ أن يجتاح أسهلها |
وصفو دنياك مسبوق بأكدرها | لم تحلُ إلاَّ إذا جرعتَ حنظلَها |
حتى أناخت بيَ الآمال كارعة | في لُجِّها ضارباتٍ فيه كلكلها |
يا من لِمسقطَ قد طارت به هِمم | بشراك بَّوأتَ للحاجات منزلَها |
إن رمتَ للحاجة السوداء فيصلَها | فَيمّمَنْ ذا اليدِ البيضاءِ فيصلها |
مَلْكٌ به شيمُ الإِحسَان مجملةٌ | لكن يشنُّ على الدنيا مُفصَّلَها |
والسَيل إن فتحت أبواب مخرجه | عمّ النواحي أعلاها وأسفلَها |
إني لأرحم هاتيك البحورَ على | دَأمائها إذ ندى كفَّيْهِ أخجلَها |
وأرحم الأنفس الهَلكى بصارمه | لمَّا أثارت شهودُ الموت جحفلها |
ما استقبلت هامةٌ للفقر في جهةٍ | إلاَّ بماضي النّدى في الحال جند لَها |
شديد بطش تقود الأُسدَ سطوتُه | ولو سرى ذكرهُ في الشم زلزلَها |
كبير حلمٍ بلا ذلٍّ ولو نشرت | دنياهُ نكبتها فيه تحمَّلَها |
ما جاءهُ أحد يوماً بمعذرة | من زلَّةٍ زلَّها إلا تقبلَها |
ومن ترقى بمرقى الحلم ما عرضت | في قصده حاجة إلا وحصَّلَها |
ميسور سَعْي تُرى الآمالُ واقفةً | له فيلبسُ منها فيه أجملَها |
إذا سواري العُلاَ مالت أعدَّ لها | تمكينَ عزٍّ فسوّاها وعدَّلَها |
يقي عُمانَ بألطاف السياسة من | زلازل الشرِك أن تجتاحَ معقلَها |
قويُّ عزمٍ إذا خطبٌ ألمَّ على | أملاكها رَدَّه قسراً وثقلَها |
سهران طرف على تدبير دولتهم | وهم نيامٌ فما أغفى وأغفلَها |
يقظان قلب يسوس الملك مجتهداً | في حفظه بمقامات تأهّلَها |
مدبّر ما رمي يوماً بداهية | دهياء إلا رمى بالكشف معضِلَها |
عُبّاد عيسى النبي صاغوا مُحاولةً | في ملكه فانثنوا يبرون أنملَها |
أهل الطواشي صبيح راعهم بحمى | دار ابن لقمان لمَّا شد أرجلَها |
لا بُوركُوا في مساعيهم ولا نهضت | قناتهم لا ولا لاقَوا مُؤمَّلَها |
يا أيُّها الملك المعمورُ دولته | شكراً لمن عزّز الأشيا وذلّلها |
أولاكها الله أنعاماً تجلُّ فقيِّ | دْها بشكر طويل تُعْط أطولها |
ما كان من دأبي الأشعارُ ممتدحاً | لكن فتحتم لنا بالجود مُقفَلَها |
إذا كُلَيب القوافي أهلكته ضبا | عُ البخل إني بكم أغدو مُهلهلها |
خذها بديعة حسن قبلةً لمل | وك الشعر والله أدعوه ليقبلها |
حازت من الحسن أقصاهُ وغايته | وحُزت من رُتب العلياء أكملَها |