أَلفَيتُها وَمن التَحَسُّر لا تَعي
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أَلفَيتُها وَمن التَحَسُّر لا تَعي | تَذري الدُموعَ وَحيدَةً في المخدعِ |
فَكَأَنَّها وَالدَمعُ يخطِفُ صَوتَها | رَمزٌ التَعاسَةِ في الزَمانِ الموجعِ |
فَسأَلتَها عَمّا يُشيرُ شجونَها | وَعَلامَ تُطلِقُ زَفرَةَ المُتَفَجِّعِ |
فَإِذا بِها رَفَعَت لطافَةَ رَأسِها | بِتَخَشُّعِ أَوحى إِلَيذَ تَخشعي |
وَرَنَت إِلى قَفصٍ هُناكَ مُعَلَّقٍ | بِمَحاجِرٍ غَرِقَت بِماءِ الأَدمُعِ |
فَحَزَرتُ أَنَّ الدَهرَ سلَّم طيرها | ليدِ الحِمامِ فَطيرُها لم يرجِع |
قالَت فَقَدتُ من الحَياةِ مُؤاسِياً | يا طالَما أَوحى الهمامَ لِأَضلُعي |
فَإِذا تَغنّى بِالزُهورِ وَبِالنَدى | كَيفَ الهَوى لِغُناهُ لَم يَتَسَمَّعِ |
وَآلهفَ قَلبي أَينَ مِنهُ قَصائِدٌ | لَم يروِها حَتّى بَيانُ الأَصمَعي |
بَل أَينَ مِنهُ الموصِلي وَصوته | وَلِسانُ معبدِ بِالغِناءِ المبدعِ |
وَآلهفَ قَلبي كَيفَ واراهُ الثَرى | وَأَنا هُنا أَحيا بِعَيشٍ أَمرعِ |
أَوَلَم يَكُن لي في حَياتي مُؤنِساً | يَلهو بِهِ قَلبي وَيَطرَبُ مَسمَعي |
ماذا جَنى الحسونُ في جُنحِ الدُجى | حَتّى أُصيبَ بِسَهمِ ذلِكَ الأَسفَعِ |
أَلِأَنَّهُ هجرَ الحُقولَ وَبردَها | وَأَتى يغرِّدُ في زَوايا مخدَعي |
فَأَجَبتُها كفّي البكا وَتصبُّري | فَالطَيرُ ماتَ وَلم يَعد من مَطمَعِ |
لكِنَّما أَصغي لما سَأَقولُه | فَبِمَوتِهِ عظةٌ لِكُلِّ ملوِّعِ |
كم رَدَّدت في مَسمَعَيكِ مَراشِفي | حريتي يا ميُّ أَثمنُ ما مَعي |
فَنَبَذتِها وَجَحدتِ ما ردَّدته | وَصَنعتِ بِالحسونِ أَفظَعَ مصنَعِ |
ما جاءَ حَتّى تَسجنيهِ وَإِنَّما | حَتّى تقيهِ شَرَّ فَقرٍ مدقعِ |
فَجَعَلتِهِ بَينَ الحَديدِ مُقَيَّداً | يا حُرَّةً قَيَّدتِ حراً فَاِنزَعي |
لَو يَفقَهُ الإِنسانُ مَعنى شَرِّه | لَبَكى طَيلاً بِالدُموعِ الهمَّعِ |