مَغناكِ مُلتَهِبٌ وَكَأسُكِ مُترَعه
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
مَغناكِ مُلتَهِبٌ وَكَأسُكِ مُترَعه | فَاِسقي أَباكِ الخَمر وَاِضطَجِعي مَعَه |
لَم تُبقِ في شَفَتَيكِ لذاتُ الدِما | ما تَذكُرينَ بِهِ حَليبَ المرضعه |
قومي اِدخُلي يا بنتُ لوط عَلى الخنى | وَاِزني فَإِنَّ أَباكِ مهّدَ مَضجَعَه |
إِن تُرجِعي دَمك الشَهِيِّ لِنَبعَه | كَم جَدوَلٍ في الأَرضِ راجِع مَنبَعَه |
لا تَعبَأي بِعِقاب رَبِّكِ إِنَّهُ | جُرثومَةٌ من نارِكِ المُتَدَفِّعَه |
في صَدرِكِ المَحمومِ كِبريتٌ إِذا | لَعِبَت بِهِ الشَهَواتُ فَجَّر أَضلُعُه |
فَبِكُلِّ صَقعٍ مِن ضُلوعِك قِسمَة | خِلَعٌ عَلى لَهَب الشَبابِ موزَّعَه |
إيه سدومُ بُعثتِ مِن خَلِلِ اللظى | حَمراءَ في شَهَواتِكِ المُتَسَرِّعَه |
في كُلِّ جيلٍ مِن لَهيبِكِ سُنَّة | سَكرى محطَّمَة عَلَيهِ مُخَلَّعَه |
عَقَبت بيَ الذِكرى إِلَيكِ فَأَشعَلَت | قَلبي وَأَجفاني رُؤاكِ الموجِعَه |
شاهَدت مِن خَلَلِ اللَهيبِ حَدائِقاً | كانَت نَواضِرَ في الفُصولِ الأَربَعَة |
نَشَقَت مِن الفِردَوسِ عبقَة سِحرهِ | وَمن السَماءِ طُيوبِها المُتَضَوِّعه |
خَضراءَ طاهِرَة الغراس كَأَنَّها | بِصَفاءِ عَدنٍ لا تَزالُ مُبَرقَعَه |
وَكَأَنَّ مِن تَكفيرِ آدم نَفحَةً | فيها وَمن صَلَواتِ حَواءٍ دِعه |
وَرَأَيتُ غَدراناً مَراضِع تُربَة | بِأَجِنَّة الزهر النَدِيِّ مرصَّعَه |
وَمراوِح الفَجرِ الجَميلِ عَلى الذَرى | يَلقى عَلَيها كُلَّ طيرٍ مخدَعَه |
وَرَأَيتُ حوراً في شُفوفِ زَنابِق | بَيضاء من لَبَن الجنان مُشَبَّعَه |
نَفخ الصِبا بنُهودِها فَتَكَوَّرَت | وَتَبَسَّمَت عَن وَردَةٍ مُتَرَفِّعَه |
ماذا فَعَلتِ سُدومُ أَينَ جَواذِبٌ | كانَت عَلى تِلكَ الخُدورِ مجمَّعَه |
فيمَ اِستَحالَ لُبانُكِ النامي إِلى | خَمر بكاساتِ الفجورِ مُشَعشَعَة |
ذَوَّبَت خَمرِكِ لا لِيُصبِح طاهِراً | لكِن لِيَستَهوي النُفوسَ فَتَجرَعَه |
وَجَعَلتِ غَرغَرَةَ الأَفاعي كَأسَه | لِيَذوقَ مِنها كُلَّ قَلبٍ مَصرَعَه |
سَكَرَت بِكِ الدُنيا سدومُ فَكلَّها | زمرٌ عَلى طرق الحَياةِ مُتَعتَعه |
وَأَثرَتِ حُنجُرَة الفجور فَأَطلَقَت | حِمَماً عَلى نَغَمِ الجَحيمِ مُوَقَّعَه |
أَغنيَّة حَمراء أَنشَدَها الخنى | مِزَقاً عَلى أَوتارِكِ المُتَقَطِّعَه |
أَسدومَ هذا العَصر لَن تَتَحَجَّبي | فَبِوَجهِ أمكِ ما بَرِحَتِ مُقَنَّعَه |
كانَت مُنَكَّرَة كَوَجهِكِ عِندَما | هَبَّت عَلَيها مِن جَهَنَّم زَوبَعَه |
قَذفتك صحراءُ الزِنى بِحَضارَة | ثَكلى مُشَوَّهَةِ الوُجوهِ مُفَجَّعَه |
بُؤرٌ مُسَتَّرَة الفَسادِ بخدعة | نَكراءَ بِالخَزِّ الشَهِيِّ مُرَقَّعَه |