ما أَسلَمَ القَلبَ وَأَصفى السَمَرا
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
ما أَسلَمَ القَلبَ وَأَصفى السَمَرا | وَأَهنَأَ الشِتاءَ في تِلكَ القِرى |
وَأَطوَل اللَيلَ بِهِ وَأَقصَرا | |
تَجري اللَيالي عَذبَةٌ كَالساقِيَة | يُضَنُّ مِنها بِاللَيالي الباقِيَة |
كَأَنَّها بَقِيَّةٌ من عافِيَه | |
في لَيلَةٍ لِطولها وَسنانه | وَالأَرضُ مِمّا شَرِبت نَشوانه |
عادَ فَأَلفى أُمَّهُ سَهرانَه | |
فَقالَ ما عَوَّدكِ اللَيلُ السَهَر | لَم يَبقَ إِلّا ساعَتانِ لِلسَحَر |
أَقرأُ في وَجهِك يا أُمِّ خَبَر | |
غَلواءُ ما حَلَّ شَقِيَّه | أَما تَبَقّى لِلرَّجا بَقِيَّه |
مسكينَةٌ | وَيل امِّها صَبِيَّه |
وَحاوَلَ النَومَ بِدونِ جَدوى | كَأَنَّ في عَينَيهِ قَلباً يَهوى |
وَقَلبُهُ كانَ بَريئاً خِلوا | |
وَاِنتَقَل اِنتِقالَةً عَجيبَه | مِن أَلَمِ الروحِ الى غَيبوبَه |
كَشُعلَةٍ في نَفسِهِ مَشبوبَه | |
طَوراً يَرى غَلواءَ في صِباها | تَشِعُّ في وُجدانِهِ عَيناها |
مَعقودَة الحُسنِ عَلى رَيّاها | |
وَتارَةً في كَفَنٍ مُلتَفَّه | يُسَرَّحُ المَوتُ عَلَيها كَفَّه |
بِحَسرَةٍ عاطِفَةٍ وَلهفَه | |
بارِزَةً مِن فَمِها الأَسنانُ | مُزرَقَّةً كَأَنَّها ديدان |
وَاللِّثَةُ الحَمراءُ زَعفَرانُ | |
ذاتَ شُحوبٍ راعِبٍ زَهيبِ | كَأَنَّهُ لَونٌ من الذُنوبِ |
أَو نَفَسٌ من صَدرِها المَكروبِ | |
وَكانَت الظُلمَةُ في أَشجانِ | وَالريحُ كَالمِبرَد في الأَبدانِ |
وَاللَيلُ فيها كَضَمير الجاني | |
وَلم يَكَد من حُلمِهِ يُفيق | حَتّى اِعتَراهُ خَدَرٌ عَميقُ |
وَجُنَّ في دِماغِهِ العُروقُ | |
فَأَبصَرَ المَريضَةَ المُحتَضَرَه | مَسدولَةَ الذَوائِبِ المُبَعثَره |
جِنّيئةٌ هائِمةٌ في مَقبَره | |
وَحلَّ في أَهدابِهِ تابوتُ | في قَلبِهِ صَبِيَّةٌ تَموتُ |
تَموتُ في غَيبوبَةٍ وَسَكرَه | لَها مِن العُمرِ ثَماني عَشرَه |
وَعِندَما أَفاقَ من رُؤياهُ | وَحَدَّقت الى الدُجى عَيناهُ |
رَأى نِياماً كُلَّ من في الدارِ | إِلّا عُيونَ الهِرِّ ذاتَ النارِ |