تُذَكِّرُني وَحَقِّكَ ما نَسيتُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
تُذَكِّرُني وَحَقِّكَ ما نَسيتُ | وَهَل أَنسى شُجونَكَ ما حَييتُ |
أُحِسُّكَ في الحَرارَةِ مِن حَنيني | كَأَنَّكَ في غَليلِ دَمي تَبيتُ |
وَأَسمَعُ مِنكَ ما أَسمَعتَ قَلبي | وَقَد غَدَرَ الحَبيبُ المُستَميتُ |
يُغَرِّقُ مِن عُيونكَ في عُيوني | هَوً ساهٍ وَوِجدانٌ شَتيتُ |
تَقولُ أَرى عَلى وَقبَيكَ خَمراً | إِذا وُصِفَت تَنَكَّرَتِ النعوتُ |
أَخافُ عَلَيكَ مِن دَمِها فَإِنّي | بَذَلتُ لَها الحَياةَ وَما رَويتُ |
هَواكَ هَوايَ قَلبُكَ مِثلُ قَلبي | كَما تَهوى عَلى مَضمَضٍ هَويتُ |
سَلَكنا مُعضِلَ الدُنيا وَلكِن | شُفيتَ مِنَ الشَقاءِ وَما شُفيتُ |
تُرابُ القَبرِ أَسلَمُ مِن فِراشٍ | عَلى جَنبَيهِ ثُعبانٌ وَحوتُ |
رَأَيتُكَ تَملَأُ الدُنيا ضِياءً | وَفي عَينَيكَ تَحتَرِقُ الزُيوتُ |
وَتَفنى في المَحَبَّةِ وَهيَ بِكرٌ | وَيَسمَنُ حَولَكَ البُغضُ المَقيتُ |
وقَلبُ الحُرِّ آفَتُهُ هَواهُ | وَآفَةُ وَحيِهِ الأَدَبُ النَحيتُ |
فَفيهِ يُحَقَّرُ الخَزُّ المُوَشّى | وَيُكرَمُ في سِواهُ العَنكَبوتُ |
تَكَلَّم يا فِليكسُ فَنَحنُ صَرعى | وَفي أَعماقِنا حُلُمٌ يَموتُ |
وَعَلِّم كَيفَ تُكتَسَبُ المَراقي | وَكَيفَ تُشادُ لِلأُمَمِ البُيوتُ |
وَكَيفَ صَواعِقُ الأَفكارِ تَهوي | وَكَيفَ يُجَلجِلُ الشَعبُ الصَموتُ |
أُفَتِّشُ في سُكوتِكَ عَن بَياني | فَيُخرِسُهُ بِرَوعَتِهِ السُكوتُ |
وَأَبحَثُ عَن شُعاعِكَ في سِراجي | وَلي مِن زَيتِكَ العُلوِيِّ قوتُ |
سَمِعتُ المِنبَرَ المَحزونَ يَشكو | فَتَتَّضِعُ الأَرائِكُ وَالتُخوتُ |
يَقولُ رُزِقتُهُ أَشهى طَعامي | وَلَمّا اِشتَدَّ ساعِدُهُ قَويتُ |
أَبَرُّ الوُلدِ بِالآباءِ خُلقاً | وَأَقرَبُهُم إِلَيَّ إِذا زُهيتُ |
عَلى عُريي نَما أَمَلاً وَلَمّا | أَظَلَّتني ذِراعاهُ كُسيتُ |
يَلُفُّ وَتينُهُ خَشَبي فَيَحيا | وَيَنبُضُ لي بِهِ شَرَفٌ وَصيتُ |
وَكُنتُ أَوَدُّ لَو ذَوّيتَ نَوطاً | لَهُ وَإِلى سَريرَتِهِ رَقيتُ |
وَنَوطُ البَعضِ تُحرَمُهُ الأَعالي | وَيُمنَحَهُ الزِبانِيَةُ التَحوتُ |
سَمِعتُ عَروسَ شِعرِكَ في خَيالي | تَقولُ عَشِقتُهُ حَتّى اِشتَهَيتُ |
فَفي عَينَيهِ ذَوبُ السِحرِ يُرغي | وَفي أَهدابِهِ المِسكُ الفَتيتُ |
بَذَلتُ لَهُ الخَطايا مِن عُروقي | وَحينَ لَمَستُ مِرشَفَهُ نَقيتُ |
وَأَطلَقتُ الرَوِيَّ لَهُ جَواري | قيانٌ في مَزاهِرِها رَبيتُ |
سَمِعتُ بِلادَكَ الثَكلى تُنادي | ليَ الغِطريفُ وَالرجُلُ الثَبيتُ |
ليَ الأَنوارُ في عَنَتِ اللَيالي | إِذا ما راغَتِ الدُنيا العَنوتُ |
ليَ الفُصحى عَلى أَدَبٍ بَليغٍ | وَمِن أَليانِ ثَديَيها سُقيتُ |
وَلَيسَ ليَ الضَواري في خُدوري | تَسَرَّتني وَكَالسِلَعِ اِقتُنيتُ |
يُقَعقِعُ في مَشافِرِها سَميجٌ | وَأَدرَدُ أَشنَعُ الدَعوى هَريتُ |
عَذيري مِن مَماليكٍ مَوالٍ | لَهُم خُطَطٌ وَلَيسَ لَهُم سُموتُ |
سَمِعتُ القَبرَ يَنفُثُ مِن دُجاهُ | حَديثاً فيهِ أَشجاني الخُفوتُ |
يَقولُ إِلَيَّ يَأتي كُلُّ حَيٍّ | وَيَبقى في تُرابي ما بَقيتُ |
يُقيمُ اِثنانِ في دُنيا سُكوني | فَتىً يَفنى وَآخَرُ لا يَموتُ |