أَسال مسلسل السَحب العَوالي
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أَسال مسلسل السَحب العَوالي | فَرَوى شَعب مكة وَالعَوالي |
أَم الآفاق قَد مَلَئَت عُيونا | فَأَغرَقَ نَبعُها شَم الجِبال |
أَم العَباس في قَوم عطاش | قَد اِستَسقوا بِذل وَاِبتِهال |
عَهَدت الغَيثَ يُنعِش كُل روح | وَيَحي النَفس بِالماء الزَلال |
طَغا ماءَ الجُفون وَما دنت بي | سَفين الشَوق من جودى الوِصال |
وَقَد أَصبَحت في بَحر عَميق | مِنَ الظُلَماء مَجهود المَلال |
ضَللت بِلَيل اِسقامى طَريقى | اِلَيكُم ساداتي فَاِنعوا ضَلالي |
قَضيت بِكُم لَيالي مُقمِرات | فَلَم قَد أَظلَمت هذي اللَيالي |
وَكانَ الدَهرُ مُلتَفتا اِلَينا | وَها هُوَ مُغمِض الاِجفان قالى |
فَلَوا أَسفى عَلى اِنسان عيني | غَدا في سِجن سَقم وَاِعتِقال |
حَجبت بِسِجنِهِ عَن كُل خل | وَصِرت مُخاطِبا صور الخَيال |
أَاِنسان العُيون فَدتك روحي | يَهون لِعود نورِكَ كل غالي |
أَتَرضى البُعد عَن عَيني أَليف | أَضر بِعَزمِهِ ضيق المَجال |
أَذَبتَ حَشاشَتي فَزعا وَرَوعا | شَغلت باسوا البلبال بالى |
بِمَن جَعَل العُيونَ أَجل مَأوى | لِحِفظِكَ أَيُّها الباهي الجَمال |
حَياتي بَعد بعدك لا أَراها | سِوى سَكرات نَزعات ثِقال |
وَكَيفَ أَعد لي روحا ترجى | وَشَمس الروح مالَت لِلزَّوال |
غَدَوت بِفُرقَة الفُرقانِ صَبا | أَسايل في التِلاوَةِ كل تال |
وَلَولا أَن حفظ النصف مِنه | شَفى قَلبي لَذُبت مِن اِشتِعالي |
لَعُمري لِلحَديثِ حَياة روحي | وَراحَة مُهجَتي وَنَفيس مالي |
وَكَم في الفِقه مِن دُرَر تحلت | بِها فِكري وَمن درر غَوالي |
أَمس الكتب من شغفي عَلَيها | وَاِبلى حَسرَة من سوء حالي |
وَأَندُب مُهجَتي حَيا لِأَنّي | حُرِمت بَدائِع السِحر الحَلال |
تمس المُصحَف الاِسمي يَميني | وَقَد وَضَعتُ عَلى قَلبي شَمالي |
وَأَنشِدُهُ لآيك طال شَوقي | وَمالي غَيرُها عَز وَمالي |
كَلامَكَ في الحَياةِ وَبَعد مَوتي | وَفي يَوم التَغابُن وَالجِدال |
غِذائي راحَتي نوري أَنيس | دَليلي بِهجتي أَملي كَمالي |
فُراقُكَ صدني عَن كُل قَصد | وَقَد مَرَّ المَذاق لِكل حالي |
فَكَيفَ أَرومُ بَعدَ اليَومَ ربحا | وَأَيّامي ذَهَبنَ بِرَأس مالي |
وَلكِنّي أَرى في الصَبرِ طبي | وَمُكحلة الجَلا حُسن اِمتِثالي |
فَيا اِنسان عَين غابَ عَنها | وَبدلني بِه طول المَلال |
عَسى أَلقاكَ مُبتَهِجا مُعافى | وَأَصبِح مُنشَدا أَملى صَفا لي |
لِتَهنَأ مُقلَتي بسنا حَبيب | بَديع الحُسن مَحمود الوِصال |
وَاِنظُم أَحرفي كَالدر عَقدا | بِهِ جيد الصَحائِفِ عاد حالي |
فَربي قادِرٍ برّ رَحيم | يُجيب بِفَضلِهِ السامي سُؤالي |