خلِّ لغرام لصبٍّ دمعه دمُه
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
خلِّ لغرام لصبٍّ دمعه دمُه | حيرانُ تُوجده الذكرى وتُعدمُه |
فاقنعْ له بعلاقات علقن به | لو اطلعتَ عليها كنت ترحمه |
عذلته حين لم تنظر بناظره | ولا علمت الذي في الحب يعلمه |
لو ذقَت كأس الهوى العذريِّ ما هجعت | عيناك في جنح ليل جن مظلمه |
ولا ثنيت عنان الشوق عن طلل | بال عفت بيد الأنواء أرسمه |
ما الحبُّ إلا لقوم يعرفون به | قد مارسُوا الحب حتى هان معظمه |
عذابه عندهم عذب وظلمته | نور ومغرمه بالراء مغنمه |
كلفت نفسك أن تقفوا مآثرهم | والشيء صعب على من ليس يحكمُهُ |
إني أورِّي عَذُولي حين يسألني | بذكر زينب عن ليلى فأوهمه |
وطالما سجعت وهنا بذي سلم | ورقاء تعجم شكواها فأفهمه |
وتثنى نسماتُ الغور حاكية | علم الفريق فأدري ما تترجمه |
يا من أذاب فؤادي في محبته | لو شئت داويت قلبا أنت مسقمه |
سقى الحيا ربع صب سار منه إلى | شُعب المريحات هامي المزن يوهمه |
وبات يرفض من سفح الخزام إلى | وادي أرام وما والي يلملمه |
يسوقه الرعد في تلك البطاح إلى | أم القرى ورياحُ البشر تقدمه |
وكلما كف أوكلت ركائبه | باداه بالرحب مسعاه وزمزمه |
لما ألب على البطحاء عارضَه | على المدينة برق راق مبسمه |
سقى الرياض التي من روضها طلعت | طلائع الدين حتى قام قيِّمه |
حيث النبوة مضروب سرادقها | والنور لا يستطيع الليل يكتمه |
والشمسُ تسطع من خلف الحجاز وفي | ذاك الحجاز أعز الكون أكرمه |
محمدٌ سيد السادات من مضر | سر النبيين محيي الدين مكرمه |
فرد الجلالة فرد الجود مَكْرُمةً | فرد الوجود أبر القلب أرحمه |
نور الهدى جوهر التوحيد بدر سما | ءِ المجد واصفه بالبدر يظلمه |
من نور ذي العرش معناه وصورته | ومنشيء النور من نور يجسمه |
ومودع السر في ذات النبوة من | علم وحسن وإحسان يقسمه |
فذاك من ثمرات الكون أطيب ما | جاد الوجود به أعلاه وأعلمه |
فما رأتْ مثله عين ولا سمعت | أذن كأحمد أين الأين تعلمه |
أمست لمولده الأصنام ناكسة | على الرءوس وذاق الخزي محرمه |
وأصبحت سبل التوحيد واضحة والكفر يندبه بالويل مأتمه | |
والأرض تبهج من نور ابن آمنة | والحق تصمى ثغور الجور أسمعه |
وإن يقم لاستراق السمع مسترق | فعنده صادر الأرجاء يرجمه |
إن ابن عبد مناف من جلالته | شمس لأفق الهدى والرسل أنجمه |
العدل سيرته والفضل شيمته | والرعب يقدمه والنصر يخدمه |
أقام بالسيف نهج الحق معتدلا | سهل المقاصد يهدي من تيممه |
وكلما طال ركن الشرك منتهيا | في الزيغ قام رسول الله يهدمه |
سارت إلى المسجد الأقصى ركائبه | يزفه مسرج الإسرا وملجمه |
والشوق يهتف يا جبريل زجُّ به | في النور ذلك مرقاه وسلمه |
والعرش يهتز من تعظيمه طربا | إذ شرَّف العرش والكرسيُّ مقدمه |
والحق سبحانه في عز عزته | من قاب قوسين أو أدني يكلمه |
فكم هنالك من فخر ومن شرف | لمن شديد القوى وحيا يعلمه |
حتى إذا جاء بالتنزيل معجزة | يمحو الشرائع والأحكام تحكمه |
هانت صفات عظيم القريتين وما | يأتيه جهلاً أبو جهل ويزعمه |
حال السها غير حال الشمس لو علموا | بل أهل مكة في طغيانهم عمهوا |
فاصدع بأمرك يا ابن الشم من مضر | فقد بعثت لأنْفِ الشرك ترغمه |
لك الجميل من الذكر الجميل ومن | كل اسم جود عظيم الجود أعظمه |
يا أيها الآمل الراجي ليهنك ما | ترجوه ذا كعبة الراجي وموسمه |
قبرا تشاهد نوراً حين تبصره | عيني وأنشق مسكا حين ألثمه |
كم استنبت رفاقي في زيارته | عني وما كل صب القلب مغرمه |
كم يصافحه من لا يدي يده | ولا فمي عند تقبيل الثرى فمه |
متى أناديه من قرب وأنشده | قصيدة فيه أملاها خويدمه |
مهاجريه افترت كمائمها | عن نور در لسان الحال ينظمه |
كم يأمل الروضة الغراء ذو شغف | يرجو الزيارة والأقدار تحرمه |
مستعدياً بحبيب الزائرين على | دهر تنكرَ بالإهمال معجمه |
فقم بعبدك يا شمس الكمال وكن | حماه من كل خطب مر مطعمه |
وادع الكريم إذا ضاق الخناق به | خاب من أنت في الدارين ملزمه |
يا سيد العرب العرباء معذرة | لنادم القلب لا يغني تندمه |
أنطت ظهري بأوزار وجئتك لا | قلب سليم ولا شيء أقدمه |
يا صاحب الوحي والتنزيل لطفك بي | لا زلت تعفو عن الجاني وتكرمه |
وهاك جوهر أبيات بك افتخرت | جاءت بخط سير الذنب يرقمه |
فانهض بقائلها عبد الرحيم ومن | يليه إن هم صرف الدهر يدهمه |
واجعله منك برأي العين مرحمة | إذا ألم به من ليس يرحمه |
وإن دعا فأجبه واحم جانبه | يا خَيْرَ من دفنت في القاع أعظمه |
فكلْ من أنت في الدارين ناصره | لم تستطع محن الأيام تهضمه |
عليك من صلوات الله أكملها | يا ماجدا عمت الدارين أنعمه |
يندى عبيرا ومسكا صوب عارضها | ويبدأ الذكر ذكراها ويختمه |
ما رنَّح الريح أغصان الأراك وما | جابت على أبرك الجنان حومه |
وتنئى فيعم الآل جائدةً | بكل عارض فضل فاض مسجمه |