ما بالُ مصرَ وقد جلتْ عن بأسِها
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
ما بالُ مصرَ وقد جلتْ عن بأسِها | وافترَّ ثغرُ البشر عن عَبَّاسِها |
وروتْ حديثَ الجود عنه مثلما | روتْ ارتفاعَ النيل عن مقياسها |
ما بالها حيث الأماني قد وفتْ | بابَ الرجا من بعد شدة يأْسِها |
ما بالها حيث الحفيدُ يَسُوسُها | ويزيد تشييداً لرفعِ أساسِها |
شبلٌ تأسَّدَ حيث ساد كأصله | هل تترك الآرامُ حِفظ كِناسِها |
إن سار نَحوَ الحج خلَّف وحشةً | أو عاد عادتْ مصر في إيناسها |
فلسانها بالشكر يلهجُ والثنا | والشكر للنعما أجل لباسها |
لا غروَ أن دانت له مصر فقد | أسدى له طُسْنٌ محبةَ ناسها |
ربحتْ تجارةُ من خزائن ماله | قلبُ الرعية وهو من حُرَّاسها |
صدرٌ وبالإخلاص مفردُ عصره | يشفى صدورَ الناس من وسواسها |
لما رقى العلياءَ رقّ لحالها | وصفتْ وراقتْ منه خَمرة كأسها |
بُشرَى الأهالي إذْ وفاها سَعدُها | في فَرطِ يقظتها وفقدِ نعاسها |
قد كان يوم فدائه شبانها | تاريخ طرد مرائها ومراسها |
جادت به مصر وحازتْ سُؤْددا | تبدو به إذ كان نتجُ غِراسها |
هو من بينها حيث والى برها | فلدى الولاية لا تقل له واسها |
فبجِده يحيى مآثرَ جَدّه | ويمدُّ بالتأييد قوةَ باسها |
بالألمعية لا يَسامُ ذكاؤه | إن شئتَ قِسهُ بقسّها وإياسها |
وسلالةٌ علويةٌ هو دوحها | وبيانُ معناها بديعُ جناسها |
وفصاحةٌ عربيةٌ هو ربها | وبراعةٌ منتهى نبراسها |
وعقيدةٌ مما يشينُ سليمةَ | تأبى طموحَ النفس في أهجاسها |
هو جسمُ مصر وفردُ جوهر رُوحِها | فاعجبْ لفردٍ وهو جمعُ حواسها |
تزهو به مصرُ كيانع جَنةٍ | تزهو بروض شقيقها أو آسها |
يرمى العفاةَ بطارفٍ وبتالدٍ | رمى الكماةِ السهمَ عن أقواسها |
إن أحَبستْ وقفاً عليه حبَّها | فالخيرُ كل الخير في إحباسها |
يوم الولاية كان يومَ مسرةٍ | فرحتْ به أممٌ على أجناسها |
فشريعةُ الإسلام زاد فخارها | وتشيدت بالعز بعدَ دراسها |
أولو العهدِ به تقوّى جأشها | أمناً وقد شِدْتَ عُرى استئناسها |
ماذا مديحي وهو بدرٌ طالعٌ | يرقى من الجوزاء ذروةَ راسها |
وإذا المروءةُ قابلتْهُ بأصلها | وفتْ النتيجةُ طبق شكل قياسِها |
وسيرتقي في الفخر أقصى شأوه | إن تُضرب الأخماسُ في أسداسها |
ما جل قصدي في قصيدي كثرة | بل زينةُ الأبيات سبكُ جناسها |
حسبي القبولَ إجازةً لقَصِيدةٍ | أرجُ القبول يفوحُ من أنفاسها |
هي بنتُ هذا الفكر عباسيّةٌ | نورُ الخِلافَةِ لاحَ في قرطاسها |