ملأ الكونَ بشراً عدلُه واعتداله
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
ملأ الكونَ بشراً عدلُه واعتداله | وأغنى البرايا برُّه ونوالُهْ |
حوى عزمَ كسرى في مهابةِ قيصرٍ | وما اسكندر في هزم دارا مثاله |
مَتى قِسْتَه بِفَرْدٍ منهم ظلمته | فقد زينت كلَّ الملوك خلالُه |
دلائلُ أخبار الخواقين أجمعتْ | على أنه عنهم منيعٌ مناله |
عظيمُ مقالٍ ما كبا زندُ رأيه | سنىُّ فعالٍ لا تُسامى فِعاله |
له هيبةٌ عند العدى أصفيةٌ | يَسير به نحو القلوب جلاله |
يقول أناسٌ طالعَ السعدُ حظه | وما السعدُ إلا عقله وعِقاله |
محا غيْهبَ الأوهام قسراً بمصره | أما تبصرُ العِرفانَ يسمو هلاله |
على الدهر نذْرُ قد وفى فيه وعده | ببحرِ خصمٍ قد روتْنا سِجالُه |
يغيضُ على العافي الجنوح فراتُه | ويطفو على الجافي الجموحِ زلاله |
دفاترُ تاريخ السلاطين سُطرتْ | مناقبُهم فاستجمعتها خِصاله |
تلقبهُ ألقابُ فخرٍ وسؤدد | وتروى لنا ما صحَّ عنه اتصاله |
مآثره بين الأنام مفاخرٌ | وآثارهُ لا تنتهي وكماله |
دَهتْ كلَّ ذي فهم عزائمُ حزمه | وما فوفَتْ إلا أصابت نِباله |
نراه دوماً ظافراً بغريمه | ويحنو على من كبلته حِباله |
أما أنه مولَى شمائلُه بها | حنانٌ لمن تجنى عليه شِماله |
لمصرَ به شأنٌ طريف زهتْ به | وعزٌّ منيف قد أظلت ظِلاله |
ألا أيها المرتابُ في أن دارنا | تفوق على كل الرجال رجاله |
سلْ المجدَ عن تلك الميادين هل عدا | ببهرتها قرن يباري نضاله |
لها الآن في كل النواحي أدلةٌ | بها زال عن ربِّ الجدال جداله |
أتاح لها المولى مليكاً قد انتمى | إليها ومن أقصى البلاد ارتحاله |
محمدُ أفعالٍ عليُّ مكارم | بديعُ صفاتٍ لا تعدُّ فضاله |
وما مثلها مقدونيا إذ أتتْ به | وقد كان فيها حِمله وفصاله |
منازلٌ منها اسكندر فاتحُ الورى | إذا لم يكن عمُّ الأمير فخاله |
بسيف الخديوي صولةُ البغي قد عفتْ | فلا صائلٌ إلا تداعى صياله |
يضاهيه في أوصافه الغُرِّ نجلُه | إذا ما تصدى نحوَ شأوٍ يناله |
دماثةُ أخلاق الجميع خليقةٌ | وقد زانهم خلقٌ تجلى جماله |
ترى فيهم عباسَهم ذا طلاقةٍ | لدى السلم لكن لا يُطاق نزاله |
مساعي سَعيِد في البحار سعيدةٌ | دواعٍ إلى الخيرات والاسم فاله |
كفى الدواري فخراً بأن زمانه | غدا عنده عبداً عليه امتثاله |
نواصي الأعادي تحتَ قبضةِ كفه | إذا جال في قومٍ تناءى مجاله |
أليس منبعُ الشام قد زال شُؤْمُه | وصار سواءً سهلُه وجباله |
لئن قام أحياءُ الدروز لحتفهم | فيا ريحَ من أخَنى عليه ضلاله |
أينتظرون الحاكم اليوم بعدما | تبين فيما يزعمون محاله |
وما يمنٌ عند العزيز عسيرةٌ | ويسرُ عسيرٍ عنده ما تخاله |
هنيئاً لمن ألقى السلاحَ بساحةٍ | يُصان بها نفسُ النزيل وماله |
ألمَّ حمىً لا ضيمَ فيه لوافدٍ | ولاذ بطود لا تسامى خِلالُه |
مناهجُه في حكمه مستقيمةٌ | ملأ الكونَ بِشراً عدله واعتداله |