ألا فادعُ الذي ترجو ونادى
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
ألا فادعُ الذي ترجو ونادى | بُحبك وإن تكن في أيّ نادي |
فمن غَرس الرجا في قلب حُرٍ | أصابَ جَنى النجا غِبّ الحصاد |
ومن حُسن الخلائق سله صنعاً | جميلا فهو أوفى بالوداد |
وحدثْ عن وفا خلٍ وفّى | بمرسلٍ حُبه في القلب بَادي |
ورب أخ تلاهى عنك يوما | فربّ وداده أبداً ودادي |
بنو الآدابِ إخوانٌ جميعاً | وأخدانٌ بمختلف البلاد |
خلائفُ عنصرٍ كل تغذى | بأثداء العلا دونَ اقتصاد |
وآدابُ الفتى تعليه يوماً | إلى الأنجاد من بعد الوهاد |
وآدابِي تُسامى بي الدراري | على شعثى وتبلغني مُرادي |
ومالي لا أتيه بها دلالا | وقد دلتْ على نَهج الرشاد |
إلى سُبل الفخار تقود حزمي | وفي ميدانه عزمُ انقيادي |
عِصاميٌّ طريفُ المجد سعياً | عظاميُّ شريفٌ بالتِّلاد |
سوى نسب العلوم لي انتسابٌ | إلى خير الحواضرِ والبوادي |
حُسينيُّ السلالة قاسميُّ | بطهطا معشري وبها مهادي |
لسان العرب يُنسب لي نجاراً | ويدنيني إلى قُسّ الإياد |
وحسبي أنني أبرزت كتباً | تبيدُ كتائباً يوم الطراد |
فمنها منبعُ العرفان يجري | وكم طرسٍ تَحبَّر بالمداد |
على عدد التواترِ مُعرباتي | تفي بفنون سلم أو جهاد |
وملطبرون يشهدُ وهو عدل | ومنتسكو يقرُّ بلا تمادي |
ومغترفو قراح فراتِ درسي | قد اقترحوا سِقاية كل صادي |
ولاح لسان بَاريسٍ كشمسٍ | بقاهرة المعزّ على عبادي |
ومحيي مصرَ أحيا كان قدري | وكافأني على قدر اجتهادي |
سأشكرُ فضلَه ما دمتُ حياً | وما شكري لدى تلك الأيادي |
رعى الحنان عهدَ زمان مصر | وأمطرَ ربعَها صوب العهاد |
رحلتُ بصفقة المغبون عنها | وفضلي في سِواها في المزاد |
وما السودانُ قطُ مُقامُ مثلي | ولا سَلماي فيه ولا سَعادي |
بها ريحُ السمومُ يشم منه | زفيرَ لظى فلا يُطفيه وادي |
عواصفها صباحاً أو مساءً | دواماً في اضطراب واطّراد |
ونصفُ القوم أكثره وحوشٌ | وبعضُ القوم أشبهُ بالجماد |
فلا تعجبْ إذا طبخوا خليطا | بمخ العظم مع صافي الرماد |
ولطخُ الدُّهْنِ في بَدنٍ وشعر | كدهن الإبل من جَرب القراد |
ويُضربُ بالسياط الزوجُ حتى | يُقال أخو ثَباتٍ في الجلاد |
ويرتق ما بزوجتهِ زماناً | ويصعبُ فتقُ هذا الإنسداد |
وإكراهُ الفتاة على بغاءٍ | مع النهى ارتضوْه باتحاد |
نتيجته المولّدُ وهو غالٍ | به الرغباتُ دوماً باحتشاد |
لهم شغفٌ بتعليم الجَواري | على شبقٍ مجاذبة السفاد |
وشرحُ الحال منه يضيقُ صَدري | ولا يُحصيه طرسي أو مِدادي |
وضبطُ القول فالأخيارُ نُزْرُ | وشرُ الناس منتشرُ الجراد |
ولولا البيضُ من عُرْبٍ لكانوا | سواداً في سوادٍ في سواد |
وحسبي فتكها بنصيف صحبي | كأن وظيفتي لبسُ الحِداد |
وقد فارقتُ أطفالا صغاراً | بطهطا دونَ عَوْدي واعتيادي |
أفكر فيهم سراً وجهراً | ولا سَمرى يطيب ولا رقادي |
وعادت بهجتي بالنأي عنهم | بلوعة مهجةٍ ذاتِ اتقادِ |
أريد وصَالَهم والدهرُ يأبى | مواصلتي ويطمعُ في عنادي |
وطالت مدةُ التغريب عنهم | ولا غنمٌ لدىّ سوى الكساد |
وما خلتُ العزيزَ يريدُ ذلي | ولا يُصغى لأخصامٍ حدادِ |
لديه سعوا بألسنةٍ حدادٍ | فكيف صغى لألسنةٍ حدادٍ |
مهازيلُ الفضائل خَادعوني | وهل في حربهم يكبو جوادي |
وزخرفُ قولهم إذْ مَوهوهُ | على تزييفه نادى المنادي |
فهل من صَيرفي المعنى بصير | صحيحِ الانتقاء والانتقاد |
قياسُ مدارسي قالوا عقيمُ | بمصر فما النتيجةُ في بعادي |
وكان البحرُ منهجَ سفن عزمي | فكدتُ الآن أغْرقُ في الثَّمادِ |
ثلاثُ سنين بالخرطوم مرت | بدون مدارس طبق المراد |
وكيف مدارس الخرطوم تُرجى | هناك ودونَها خَرطُ القتاد |
نعم تُرجَى المصانعُ وهي أحرى | لتأييد المقاصد بالمبادي |
علومُ الشرع قائمةٌ لديهم | لمرغوب المعاش أو المعاد |
خدمتُ بموطني زمناً طويلا | ولي وصفُ الوفاء والاعتماد |
فكنتُ بمنحة الإكرام أوْلى | بقدرٍ للتعيش مُستفاد |
وغايةُ مطلبي عَوْدي لأهلي | ولو من دون راحلةٍ وزادي |
وصبري ضاع منذ اشتدّ خطبي | وهوْنُ الخطب عند الاشتداد |
وكم حسناً دعوتُ لحسن حَالي | وكم نادى فؤادي يا فؤادي |
وأرجو صدرَ مصر لشرح صدري | وجهد الطول في طول النجاد |
وكم بُشرتُ أن عزيزَ مصر | تفوهَ بالفكاك ولم يفاد |
وحاشا أن أقولَ مقال غيري | وذلك ضد سرّي واعتقادي |
لقد أسمعتَ لو ناديتَ حياً | ولكن لا حياةَ لمن تُنادي |
وفي دار العزازةِ لي عياذٌ | يَقيني نشبَ أظفار العوادي |
أميرُ كبار أرباب المعالي | فنى في شرعة العرفان هادي |
عروفُ ألمعي لا يُباري | بمضمار العلا طلقُ الجياد |
يوافر فضله الركبانُ سارتْ | وغَنىّ باسمه حادٍ وشاد |
وقالوا في معارفه فريدٌ | فقلتُ وفي الرياسة ذو انفراد |
وفي الأحكام قالوا لا يُضاهَى | فقلتُ وذو تحر واجتهاد |
وقالوا في الذكاء ذكا فقلنا | وثاقبُ ذهنه وارى الزناد |
وقالوا وفقَ الحسنُ المُسَمَّى | فقلت وكم حدا بالوصف حاد |
وبحر حجاه يبدو منه در | لغوّاصِ العلوم بلا نفاد |
فيا حسنَ الفعال أغثْ أسيرا | بسجن الزنج يحكي ذا القياد |
عليه دوائرُ الأسواء دارتْ | وطالتْ وفقَ أهواء الأعادي |
وقد فوضتُ للمولى أموري | وذا عينُ الإصابة والسداد |
عسى المولى يقول امضُوا بعبدي | فيقضى لي بتقريب ابتعادي |
وما نظمُ القريض برأْسِ مالي | ولا سَندي أراهُ ولا سِنادي |
وافرُ بحره إن جاد يوماً | فممدوحي له وصف الجواد |
وليس لبكر فكري من صداقٍ | سوى تلطيف عودي في بلادي |
فا أسمى ذراها من بيوتٍ | رَزانٍ في حماستها شداد |
ومسكُ ختامها صلوات ربي | على طه المُشَفَّعِ في المعاد |
وآل والصحابة وكلَّ وقت | مواصلةٍ إلى يوم التنادِ |