أرشيف المقالات

مقاصد سورة الحجر

مدة قراءة المادة : 31 دقائق .
نور البيان في مقاصد سور القرآن

"سلسلة منبريّة ألقاها فضيلة شيخنا الدكتور عبد البديع أبو هاشم رحمه الله، جمعتها ورتبتها وحققتها ونشرتها بإذن من نجله فضيلة الشيخ محمد عبد البديع أبو هاشم".
 

(15) سورة الحجر
الحمد لله رب العالمين، نحمده سبحانه وتعالى ونستعينه ونستهديه ونتوب إليه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، ولن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى أمانته، ونصح لأمته، وكشفت الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهادٍ حتى أتاه اليقين، فصلوات ربنا وتسليماته على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه وتمسك بسنته إلى يوم الدين، وصلي علينا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
 
أما بعد:
أيها الأحبة عباد الله، لقاءنا اليوم بعون الله تعالى وتوفيقه مع سورة الحجر، وهي سورةٌ من السور المكيّة التي نزلت قبل هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم[1]، سماها الله تبارك وتعالى بهذا الاسم، الحجر، والحجر مأخوذٌ من الحجر والمنع[2]، وللكعبة حجر يقال له: حجر الكعبة[3]، ويقول بعض الناس: حجر إسماعيل[4]، وهذا مكانٌ كانت العرب تلقي بسيوفها فيه إعلاناً لوقف القتال والحرب بينهم، وحقن الدماء فيما بينهم، فسمي حجراً لأنه إعلانٌ لمنع القتال، وفي القرآن حجرٌ آخر في قول الله تبارك وتعالى: ﴿ هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ ﴾، والحجر في سورة الفجر إنما هو العقل، أي فيما أقسمت به في قولي ﴿ وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ ﴾ مقنعٌ لذي عقلٍ، ﴿ هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ ﴾ وذلك لأن العقل يمنع صاحبه مما لا ينبغي فعله، يقول له عقله: لا ينبغي لك هذا، ولا يليق بك هذا، فيمنعه عن فعل ما يشينه[5]، أما الحجر الذي في سورة الحجر - سورتنا المباركة - إنما هو اسمٌ على ديار ثمود[6]، قوم ثمود المقترنين كثيرًا في القرآن بقوم عاد، والذين بعث الله إليهم نبيه صالحاً عليه السلام، أصحاب الناقة هم أصحاب الحِجر، والحِجر اسمٌ للمكان الذي كانت فيه ديارهم، ولعله وادٍ سحيق بين جبال تدور حوله، وتحيط به من كل مكان، فهو يمنعهم من عدوهم بهذه الجبال ويحميهم من خصومهم، ولذلك كانوا يأخذون على أطراف الجبال بيوتًا، ويتخذون وينحتون في تلك الجبال بيوتًا، آمنين وفارهين؛ يأمنون فيها حيث إنّهم في علوّ، ومن هاجمهم يكون أسفل، كذلك يأخذونها ويتخذونها للرفاهية والنزهة، فكانت قوماً شداداً أقوياء، ينحتون من الجبال بيوتاً، لك أن تتخيل مدى القوة التي كانت لديهم، والإمكانات التي كانت عندهم لينحتوا بيوتاً وقصوراً في الجبال وفي قممها، ومع ذلك أهلكهم الله تبارك وتعالى بصيحة، صاح فيهم ملكٌ بصوتٍ شديدٍ رهيب، فخروا جميعاً صاعقين أو مصعوقين وميتين، فما مثلوا بقوتهم أمام قوة الله شيئاً، فماذا أنتم فاعلون يا أهل مكة، وماذا أنتم فاعلون يا كفار هذه الأمة، فإنكم لم تبلغوا قوة ثمود؟ فجعل الله هذا الاسم عنواناً على السورة، إشارةً إلى تلك القصة العجيبة، سورة الحِجْر، وكما عرفنا هي سورةٌ مكية، ومن علاماتها أنها اشتملت على بعض القصص القرآني، ففيها نبأ ضيف سيدنا إبراهيم عليه السلام، وفيها قصة قوم لوط، وفيها قصة ثمود، هذا من علامات القرآن الذي نزل قبل الهجرة، كان يشتمل على قصص لما فيه من العبرة للأنبياء[7]، انظروا ماذا فعل الأنبياء قبلكم، صبروا على ما كُذبوا وأوذوا، صبروا فكانوا من أولي العزم، واصلوا الدعوة لله تبارك وتعالى، وكانت نهايتهم أن الله كتب لهم النصر ﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ﴾، وفيها - أي في القصة القرآنية كذلك - عبرةٌ للناس، عبرةٌ للأمم، تلك أممٌ خلت من قبلكم ومضت من قبلكم، انظروا ماذا كان من حالهم، كفروا بالله، وكذبوا رسول الله، وردوا رسالة الله، فما كان من الله إلا أن أهلكهم وأبادهم جميعاً، فاحذروا على أنفسكم من شؤم الكفر، ومن جزاء العصيان، فلن تعزوا على الله، ولن يمنعكم مانعٌ من الله، فقد أهلك الله من هو أشد منكم قوةً وأكثر جمعاً، وهذه عبرة تنتشر في السور التي نزلت قبل هجرة النبي عليه الصلاة والسلام، أي السورة المكية.
 
سورة الحجر تبدأ بالحديث عن الكافرين بالقرآن وبالرسول صلى الله عليه وسلم، كفروا بالقرآن مع أنه كتابٌ وقرآنٌ مبين، وكذبوا بالرسول عليه الصلاة والسلام، وطالبوه بأن يأتي بالملائكة معه، وطالبوه بما لا يقدر عليه، وبما هو فوق طاقة البشر، وأخذوا يجادلونه ويصفونه بالسحر وكذا، والله تعالى يرد عليهم ويناقشهم في بداية السورة، ثم جاء موضوعٌ ثانٍ بعد ذلك في السورة وهو عرضٌ موجزٌ لبعض آيات الله تعالى في الكون، مما لو نظر فيه الإنسان لاعتبر ولعرف أن الله تعالى هو الإله الحق، وهو الرب المطلق، فله الخلق والأمر، فينصاع له ويطيع أمره ويتبع نبيّه عليه الصلاة والسلام.
 
ثم بعد ذلك ساقت السورة وقدمت ذكراً لبداية الخليقة، وخلق آدم عليه السلام من طينٍ ومن حمأٍ مسنون، وماذا جرى بعد ذلك من إسجاد الملائكة له ﴿ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ ﴾ وبدأت العداوة تعلن من إبليس لذريته، فتوعد الله إبليس ومن تبعه من الناس بالجحيم والعياذ بالله، وبالنار المستعرة ﴿ لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ ﴾.
 
ثم ساقت السورة بعض القصص للأمم السابقة - كما قلت سابقاً -، وتنتهي السورة بمخاطبة المصطفى صلى الله عليه وسلم، والحديث معه وهو أشرف من يتشرف بكلام الله وخطابه، الله تبارك وتعالى يمتن عليه بالرسالة، بل ببعض ما أنزل الله عليه من الرسالة، أي قليلٌ من هذه الرسالة يا نبي الله خيرٌ لك مما جمع الناس كلهم ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ * لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ ﴾، لا تنظر لما في أيديهم وما متعناهم به من زخرف الحياة الدنيا، فإن الفاتحة السبع المثاني عندك خيرٌ من الدنيا وما فيها، فما بالك بسورة البقرة وآل عمران، وأربع عشرة سورة بعد المائة أوتيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ كانت هذه السورة - سورة الحجر - الرابعة والخمسين في النزول تقريباً، فمعك خمسون سورة من القرآن، تكفيك سورة الفاتحة، والتي تسمى أيضاً بالكافية والشافية والشفاء[8]، وأُنزلت من كنزٍ تحت عرش الرحمن[9]، ثم يأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يصدع بالدعوة وأن يجهر بها ﴿ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ ﴾، اجهر بدعوتك حيث ظلت الدعوة سراً ثلاث سنوات تقريباً، والنبي صلى الله عليه وسلم يلتقي بأصحابه القليلين سراً في دار الأرقم بن أبي الأرقم، هناك يجلسون ويصلون ويتعلّمون وهكذا[10]، ثم أراد الله أن يظهر هذا الدين فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلن أمره، فجمع بطون قريش وقبائلها، وقف عند جبل الصفا ونادى عليهم يا بني فلان..
يا بني فلان..
يا بني فلان، فاجتمعوا له وحُقَّ لهم فإنه الصادق الأمين الذي ما جربوا عليه كذباً قط، فقاموا له قَوْمَةَ رجلٍ واحد، لبيك يا محمد عليه الصلاة والسلام، ولم يعلموا حتى تلك اللحظة أنه نبي أو أنه مُرسل، إنما لبوه على أنه الصادق الأمين، فقال لهم: "أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً وراء هذا الجبل تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقيَّ؟ فقالوا: ما جربنا عليك كذباً قط" يعني سنصدقك، ما جربنا عليك كذبًا قط، ما كذبت علينا ولا مرة، قال: "إني نذيرٌ لكم بيني يدي عذابٍ شديد"، أنا نبيٌ جئت أنذركم من عند الله تعالى عذاب يوم القيامة فاحذروا على أنفسكم، واتبعوني يرض الله عنكم، فإذا بهم ينفرون من هذا القول ويكذبونه فيه لحسدٍ وغرضٍ في نفوسهم السيئة، وينطق أسوأهم عمه أبو لهبٍ لعنة الله عليه تبًّا لك يا محمد سائر اليوم ألهذا جمعتنا؟! وهكذا استهان بأخطر أمر في حياة الإنسان، استهان بتقرير مصير الإنسانية، وبتقرير مصير كل واحدٍ بنفسه، كيف تكون نهايتنا، إلى جنّةٍ أو نار، مسألةٌ ليست بالهينة، ألهذا جمعتنا؟ يستهين بها أبو لهبٍ لعنة الله عليه، وإذا بالله تعالى يرد عن نبيه صلى الله عليه وسلم في أول مواجهة للعراك بينه وبين أهله وعشيرته والناس في مكة، حيث سبه أبو لهبٍ بهذا، فقال الله: ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ﴾[11].
 
وبهذا يلتقي آخر السورة مع أولها، فأولها كان يحكي عن الكافرين بالقرآن، والمجادلين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر النبوة، واقتراح المعجزات التي لا تُعقل ولا تكون، حيث طلبوا إنزال ملائكة، وآخر السورة يأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يجهر عليهم بالدعوة، وأن يجهر فيهم بأمر الله، وأن ينذرهم نهاية كفرهم وشركهم ويحصِّنه في ذلك ويعبئه بأن معكم ما هو خيرٌ مما يجمع الناس ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾.
 
إذاً الهدف من هذه السورة والعبرة التي تحملها السورة عبرةٌ مختصرة، من خلال وضع اسم ديار قوم ثمود عنواناً على السورة، الحِجر، ومن خلال كلامها أولاً على الكافرين ومناقشتها لهم، وفي الآخر توجيهاتٌ للنبي صلى الله عليه وسلم وتعبئةٌ لكي يقوم بدعوة الله، من خلال هذا كأن الله تعالى يضرب في هذه السورة مثلاً بهؤلاء القوم، عبرة لكفار هذه الأمة، إنّ كفركم باطل، وهذه سورةٌ من سور مناقشته وإظهار بطلانه، ولكم مثالٌ حيٌّ، مثالٌ واضحٌ بيِّن في قوم ثمود وفي قدراتهم العالية، وحضارتهم الرفيعة القويّة المنيعة، وكيف أهلكهم الله تعالى ولم تغن عنهم قوتهم شيئاً، فيا أيها الدعاة قوموا إلى الله تعالى وعلموا الناس، وذكروهم، وادعوهم، لا تكفوا عن الدعوة، واعلموا أنكم بما معكم من الدعوة إلى الله أشرف من كلّ الناس وأغنى من كلّ الناس، وأعلى من كل الناس، فلا تغتروا بالأموال والأولاد وزخرف الحياة الدنيا من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث، إن كل ذلك إلا متاعٌ زائل، لكن علم الدين، علم الشريعة، العمل به لله في الدعوة ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾، هذا فيما يبدو لي هدفٌ قيمٌ عظيم في هذه السورة التي تربّي النفوس في مكة، حتى يعلم المسلمون ماذا معهم، فمعهم كنزٌ عظيمٌ، فالامتنان على النبي صلى الله عليه وسلم امتنانٌ علينا، فلم يؤت سورة الفاتحة وحده، بل أُنزلت عليه إلينا، فنحن المستفيدون بها، وهو واحدٌ مثلنا عليه الصلاة والسلام، والقرآن كله نفعٌ لنا، وحمايةٌ لنا، ونورٌ لنا، وراحة بالٍ لنا، وسعادةٌ كاملةٌ لنا، ليس القرآن خاصًّا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس خاصًّا بالعلماء، ولا بالدعاة، ولا بالأزهريين، وإنما القرآن رحمة الله للعالمين، فعلى المسلمين أن يشعروا بما معهم من خيرٍ عظيم، لا تستبدلوا به غيره، ولا تمدوا أعينكم بعيداً عنه إلى سواه، فهو يغنيكم ويكيفكم ويرعاكم ويحفظكم بفضل الله تعالى، فهو كلام الله العليّ.
 
هذه السورة المباركة - ككلّ سور القرآن - تتناسب مع ما قبلها وترتبط بها، كانت قبلها سورة إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وكان آخرها ﴿ هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ﴾، أول سورة الحجر ﴿ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ ﴾، إذاً ﴿ هَذَا بَلاغٌ ﴾ هو القرآن، هو الكتاب المبين، هو ذلك الدستور الذي أنزله الله على النبي صلى الله عليه وسلم، واعلموا أنه كتابٌ محفوظٌ لا يفنى ولا يبلى، ولا يخلق على كثرة الرد، كتابٌ محفوظٌ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيلٌ من حكيم حميد، كتابٌ محفوظٌ لا تصل إليه يدٌ بتصحيفٍ ولا بتحريف، كتابٌ محفوظٌ في صدور النبلاء من المسلمين رجالاً ونساء، ومحفوظٌ في السطور والورق والكتب، في المصاحف، فإن ضاعت المصاحف أو حرِّفت فصدور الرجال لا تُحرَّف، وإن نسي الرجال وأهملوا حفظه فالصحف تحفظه، وإن ضيَّع الناس الاثنين فهو محفوظٌ عند الله تبارك وتعالى، فلن يضيع أبداً، دستوركم ثابت، دستوركم محفوظٌ مصان، وفي هذه السورة المباركة، في ثنايا آياتها، يقول المولى سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾، الذكر صراحةً هو القرآن، فهو اسمٌ من أسمائه، الذكر اسمٌ أجمع العلماء أنه أحد أسماء القرآن[12]، ولكن السنة أيضاً شارحةٌ للقرآن، ومُنزَّلة من عند الرحمن فهي الأخرى محفوظةٌ بحفظ القرآن ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ ﴾ القرآن وما يتبعه، القرآن وما يلاصقه، القرآن وما يلزمه، من سنة الحبيب صلى الله عليه وسلم[13]، ولذلك نجد السنة على طول عمر الأمة محفوظة حفظاً شديداً لم تر الدنيا مثله، فقد انتقلت إلينا بالإسناد، يسلمها رجلٌ لرجل، رجلٌ لرجل، فيقول الأخير: حدثنا فلانٌ، قال: سمعت فلان، قال: أخبرنا فلان، قال: أنبأنا فلان..
عن الصحابي الجليل فلان رضي الله عنهم جميعًا، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقام من العلماء من استوثقوا بالحقائق التاريخية الواقعية أن هذا الشيخ التقى بهذا التلميذ، وعاش في زمانه بما يُمكِّنه من أن يسمع منه هذا الحديث، وقام علماء رغم ما في ذلك من جرأة لكن أعانهم على ذلك ودفعهم حبهم لدين الله عز وجل، وصيانتهم لسنة النبي صلى الله عليه وسلم من أن يدخل فيها شيءٌ من خارجها، فقاموا وحرّروا وحقّقوا السنّة، فما كان حديثاً صحيحاً وافق شروط الصحة حكموا عليه بأنه صحيح، وما لم تتوفّر له شروط الصحة وفقد ولو شرطاً واحداً حكموا عليه بالضعف، وبصَّرهم الله تعالى فوجدوا فئةً ثالثةً لم يقلها النبي صلى الله عليه وسلم ولم تُنسب إليه نسبةً صحيحة بل هي موضوعة ومكذوبة ومختلفة على كلام النبوة، فحكموا عليها بأنها أحاديث موضوعة، ففرزت السنة فرزاً عظيماً دقيقاً، هذا صحيح وهذا ضعيف وهذا موضوع، والكلّ موجودٌ، وكلٌّ موضوعٌ في كتابه ومرجعه، هناك كتبٌ للصحيح، وكتبٌ للضعيف، وكتبٌ للموضوع، كلّ ذلك تميز بفضل الله تبارك وتعالى رغم ما دسّ كثيرٌ من الناس في الحديث والسنة والأثر كلاماً لم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبحمد الله لم يختلط الحابل بالنابل، ولم تضع معالم السنة، بل نالها من حفظ الله للذكر الحظّ الوافر فحفظت بحمد الله تعالى مميزاً صحيحها عن ضعيفها عن موضوعها، فلا تخشوا على دينكم[14]، صدق فيه قول مُنزِّله ومُشرِّعه سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾، فكانت مناسبةً لطيفة أن تُختم سورة إبراهيم ﴿ هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ ﴾، وأول سورة الحجر ﴿ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ ﴾ كأن هذا البلاغ هو القرآن والسنة.
 
كذلك في أواخر سورة إبراهيم، قبل الآخر بقليل، الله تبارك وتعالى توعد الظالمين بوعيد يخلع القلب ويرجف البدن ﴿ وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ...
﴾ إلى آخر الآيات، هؤلاء الظالمون هم الكافرون، وفي أول سورة الحجر مناقشةٌ مع هؤلاء الكافرين، كيف كفروا، وماذا قالوه للنبي صلى الله عليه وسلم ﴿ لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾، وماذا في يده عليه الصلاة والسلام حتى ينزِّل ملائكة، ولو نزلت الملائكة هل تطيقون رؤيتها؟ سوف ينقضي الأمر وتموتوا جميعاً أيها البشر فالبشر لا يطيق رؤية الملك، ولهذا لم ينزل الله ملكاً صريحاً بين الناس، ولو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين مثلنا، ولو كنا نحن ملائكة لأرسل الله إلينا مَلَكاً رسولاً ﴿ قُلْ لَوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ ﴾ كما نحن ظاهرين يرى بعضنا بعضاً ويرانا كلّ الخلق، نمشي مطمئنين، حياتنا على الأرض، سكنانا على الأرض، أكلنا من الأرض، كلّ معايشنا في الأرض، فنحن مطمئنين عليها لا نكون فيها ساعة ونصعد إلى السماء كالملائكة، لا نكون فيها ساعة ونلجأ إلى الخِرَب وغيرها كالجن نختفي، إنما نحن خلقٌ ظاهرٌ على الأرض مطمئن، فلو كنا ملائكة لأرسل الله إلينا رسولاً ملكاً، لكن لأننا بشر فأرسل الله إلينا رسولاً من البشر..
وهكذا، مناسبات جليلة بين هذه السورة والتي سبقتها.
 
وبهذا يتم البيان بهذا الاختصار حول سورة الحجر، وعلى موعدٍ إن شاء الله تعالى مع سورةٍ أخرى، نسأل الله تبارك وتعالى لنا ولكم السداد والرشاد، ووفقنا الله وإياكم لما فيه الخير، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، أقول قولي هذا وأستغفر الله تعالى لي ولكم، فاستغفروه دائماً إنه هو الغفور الرحيم.
♦♦ ♦♦ ♦♦
 
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد فأوصيكم عباد الله بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، وأحذركم ونفسي عن عصيانه تعالى ومخالفة أمره، فهو القائل سبحانه وتعالى ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين، وذريته وأهل بيته، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
 
أما بعد:
عباد الله، فقد حضرتنا جنازةٌ في هذا اليوم في هذا المسجد، لإحدى أمهاتنا، امرأةٌ نحسبها على خير، وذلك من النُذر التي ينذر الله بها العباد، أن يبعث فيهم، أو أن يجعل فيهم ميتاً، وأن يروا الميت بأعينهم، فهذا من شأنه أن يُذكِّر القلب وأن يوقظه من غفلته، وأن يرده إلى صوابه، فالموت حقٍ ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ﴾، ﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ﴾، ولا ينجو من الموت أحدٌ من الخلق، ولكن رغم أنها سنة الله تعالى لكن ينبغي أن نتذكر لأننا جميعاً بلا شك نحب الحياة، ونكره الموت، ولذلك إذا جاءت أسبابه تجاهنا، فإننا منه نحيد ونبعد محاولةً للنجاة من هذا الموت ومن أسبابه، وهذه غريزةٌ فينا وفي كل حي، وهذا من خلق الله لا ذنب لنا فيه، ولكن ينبغي أن لا نكره لقاء الله، بعيداً عن الموت نحب لقاء الله ونتمنى أن نلقى الله تعالى على طاعة، وعلى خير، وعلى رضوان منه سبحانه وتعالى، فمجيء الأموات أمام أعيننا بخشبتهم، بنومتهم، بسكونهم، سبحان الله، هذا الميت كان من لحظات، كان من ساعات يتحرك ويتكلم، وربما كان في أوج صحته وأقوى قوته، ومات فجأة، أو مات بنذير مرض، أو مات بسببٍ آخر، تتعدد الأسباب والموت واحدٌ، فلذلك أقول: لنا في هذه الأحداث عبرة، وما أحوجنا، والنبي صلى الله عليه وسلم بعد رؤيتهم للأموات وحضورهم للجنازات كان يأمر بزيارة المقابر، فإنها تذكر الآخرة، مقابرنا اليوم لا تكاد تذكر بشيء فحالها مختلفٌ عن قبور الإسلام، وعن هدي الإسلام في القبر، فهي رفيعة المباني عالية مزخرفة مزركشة، وعليها سور أشبه بسور الفيلا أو البيت، فلا تكاد ترى شكل الآخرة في قبور اليوم مهما زرتها، ومع ذلك فنحن لا نزور المقابر فليس عندنا وقت، وليست عندنا همة لهذا، فيكفي على الأقل أن نتذكر بالميت إذا زارنا، نتذكر بالميت إذا رأيناه، فتلك آيةٌ عجيبةٌ من آيات الله، تلك حجةٌ من حجج ألوهية ربنا سبحانه وتعالى، تلك حجةٌ دامغة للدعوة الكاذبة بأن هناك مع الله إلهاً آخر، فقد قال سيدنا إبراهيم عليه السلام للنمرود عليه اللعنة، وكان ملكاً ظالماً يستعبد الناس من دون الله كفرعون، ويزعم أنه إلههم، حاجَّه إبراهيم، وحاجَّ إبراهيم، أي تكلم بعضهم مع بعضٍ بالحجة، فكأنه قال لإبراهيم إني إله، كيف لا تعبدني؟ قال إن لي رباً سواك، قال حدثني عن ربك، وما أمارات ربوبيته ﴿ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ ﴾، قال السفيه الغبي ﴿ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ﴾ وجاء برجلين وأجاعهما بمنع الطعام والشراب عنهما حتى أوشكا وأشرفا على الموت، فأطعم أحدهما فعادت له قوته، وترك الآخر يموت جوعاً، قال هانذ       ا أحييت هذا وأمت هذا، فكان غبياً لا يفهم، الله لا يحيي هكذا، هذه يفعله أي طفل، هذه يفعلها أي إنسان، إذاً كلنا آلهة، لكن الإله الحق يحيي ويميت بطريقة أخرى، إنه يسلب الحياة من الحي في عز حياته، وفي قمة قوته وفي ثورة حركته، لا يتوقع الخيال أنه يموت الآن، ويموت الآن دون أن يرى عليه الناس أثراً للموت، دون أن يصيبه شيء يموت فجأة سراً، هذه قدرة عظيمة عجيبة، من فعلها يكون إلهاً هو الله سبحانه وتعالى، ومن لم يقدر عليها فليس بإله، فهذا الموت حجة على أن الله هو الإله الحق وأن ما دونه باطل، وفي الموت - كما عرفنا - أما في الحياة فالله تعالى يحيي الميت، ميتٌ لا حركة فيه ولا يُتوقع أنه يقوم مرةً ثانية، فليست غيبوبة ولا إغمائه وإنما موتٌ محقق، وهذا عادةً لن يكون إلا في الآخرة، فيبعث الله الأموات الذين ذهبت أجسادهم وتآكلت ولم يبق منهم إلا عجب الذَنَب[15]، ذلك العظم الصغير في أسفل العمود الفقري، هذا فقط هو سر الوجود في الإنسان يبقى وعليه يجتمع خلقه مرةً أخرى يوم القيامة بقدر الله تعالى، وضعنا الميت في القبر فتحلل جسده وصار تراباً وعظاماً نخرة، ويوم القيامة يخرج من قبره بجسده كاملاً كما كان، حتى بالقلفة التي قطعت منه عند الطهارة، عند الختان، ذلك الجزء الذي قُطع منه للختان يعود إليه كما ولدته أمه، تبارك الخلاق العظيم، بعث حياةً في ميت، أما أن نأتي على من أشرف على الموت وسيموت ربما ونطعمه ونسقيه حتى يرجع إلى الحياة والقوة فهذا ليس إحياءً، وضرب الله للبشرية أمثلة في هذه الدنيا على قدرته تلك التي تتحقق في الآخرة فكان الرجل الذي مر على قريةٍ وهي خاوية على عروشها ﴿ قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ﴾ سبحان الله كيف يحيي هذه الله بعد موتها إنها قدرة عظيم، فأراد الله أن يريه آية ﴿ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا ﴾، انظر كيف يعيد الله الحياة بعد الموت، فالله تعالى أطلعه على صورة حية من هذه الواقعة الخطيرة، وبقرة بني إسرائيل التي أُمروا بذبحها ليضربوا بها قتيلهم ليقوم ويخبر عن قاتله، وقد كان ﴿ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ * وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ * فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾، جزءٌ من بقرةٍ مذبوحة لا يمكن أبداً في العلم ولا في العقل ولا في الخيال ولا في العرف أن تقوم هذه البقرة إلى الحياة مرة أخرى، فهو جسمٌ ميتٌ ميت لا محالة، يُضرب ببعضها - بجزء منها - جسم رجلٍ مقتول، ليس ميتاً هكذا كما يقال بدون أسباب ظاهرة فربما تعود إليها الإفاقة بعد غيبة، لا، إنما هو مقتول أي مات مات يقيناً فلا يرد على الخيال ولم يقع في الحس ولا في العرف ولا يتوقع العقل أن يعود هذا الرجل إلى الحياة، ولذلك تعجب بنو إسرايل من ذبح بقرة، ما دخل هذا في هذا؟! لكن الله يفعلها، وفي النهاية لم يجدوا مهرباً من فعل هذا ﴿ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ﴾ وأخذوا بعضها وضربوا به القتيل فقام إلى الحياة من جديد وقال قتلني فلان ثم مات، وغير ذلك أصحاب الكهف وغيرهم، أمثلةٌ رائعةٌ جعلها الله في الدنيا مثالاً ناطقاً بقدرة الله على الإماتة.
 
فهذه الآية بيننا تذكرنا وفي الصلاة على الجنائز قيراطٌ في الجنة، وفي اتباعها إلى المقبرة قيراطٌ آخر[16]، والقيراط ليس كقيراطنا، إنما هو وحدة مقياس عند الله تبارك وتعالى، الله أعلم بكمها وحجمها، أي في الصلاة على الجنازة ثم في اتباع الجنازة إلى القبر سواءً تعرفها أو لا تعرفها في ذلك عطاءٌ عظيمٌ من الله سبحانه وتعالى، حين سمع عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذا الكلام وهذه البشرى من النبي صلى الله عليه وسلم، قال نادماً ومتحسراً: "لقد ضيعنا قراريط كثيرة"[17]، كان يُهمل أو لا يعبأ باتباع الجنازة؛ ربما اعتقد أنه لا يكون فيها أجر، فلما عرف أن فيها هذا الأجر الكبير ندم على ما فات، وما ترك جنازةً بعد ذلك.
 
نسأل الله تبارك وتعالى أن يملأ قلوبنا عبرة، وذكرى، وأن يردنا إلى صوابنا، وإلى مرضاته، وإلى طاعته، اللهم ردنا إلى دينك رداً جميلا، اللهم اجعلنا من أهل الحق والملازمين له يا رب العالمين، اللهم ألزمنا كلمة التقوى واجعلنا أحق بها وأهلها، اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وانصرنا على القوم الكافرين، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا، اللهم أصلح حياتنا، اللهم أصلح حياتنا، وأحسن ختامنا، وأحسن ختامنا، واستر عيوبنا، استر عيوبنا، اللهم استر عوراتنا، اللهم إنا نسألك يا ربنا أن تحسن ختامنا، اللهم لا تقبضنا إليك إلا وأنت راضٍ عنا غير غضبان، اللهم لا تقبضنا إلا وأنت راضٍ عنا غير غضبان، اللهم إذا قبضتها فاقبضنا إليك موحدين هادين مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، ولا فاتنين ولا مفتونين، أحسن ختامنا يا رب العالمين، اللهم اغفر وارحم فقدتنا الراحلة، اللهم ارحمها واغفر لها يا رب العالمين، اللهم اغفر لها وارحمها ولأمهاتنا وآبائنا أحياءً وأمواتاً يا رب العالمين، اللهم اغفر لهم وارحمهم وعافهم واعف عنهم، وأكرم نزلهم ووسع مدخلهم، وجاف الأرض عن جنوبهم، واغسلهم بالماء والثلج والبرد، ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم ارحمنا برحمتك إذا صرنا إلى ما صاروا إليه، توفنا بكرمك مسلمين، شهداء في مدينة رسولك عليه الصلاة والسلام، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميعٌ قريبٌ مجيب الدعوات ورافع الدرجات، اللهم اجعل خير أعمالنا خواتمها وخير أعمالنا أواخرها، وأوسع أرزاقنا عند كبر سننا، وخير أيامنا يوم نلقاك يا أرحم الراحمين.
 
عباد الله ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾، اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم..
وأقم الصلاة.



[1] قَالَ أبو الفَرَجِ ابْنُ الجَوْزِي: (وهي مكية كلها من غير خلاف نعلمه).
انظر: زاد المسير (4 /379).


[2] انظر: مختار الصحاح (ص 67).


[3] انظر: مختار الصحاح (ص: 67).


[4] هذا من الشائعات العلميّة؛ قولهم: حِجر إسماعيل، وهذه تسمية لا أصل لها، لم ترد في كتاب أو سنّة صحيحة أو أثر مقبول، بل هو الحجر وكفى.


[5] انظر: تفسير الطبري (24/ 402).


[6] انظر: المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام (1/ 323).


[7] انظر: مناهل العرفان في علوم القرآن، للزرقاني: (1/ 202 - 204).


[8] انظر: تفسير ابن كثير (1/ 101).


[9] فيه إشارة إلى حديث "أربع أنزلن من كنز تحت العرش: أم الكتاب وآية الكرسي وخواتيم البقرة والكوثر"، وهو ضعيف، انظر: ضعيف الجامع (747).


[10] انظر: السيرة النبوية، ابن هشام: (1 /236)، ودولة الرسول من التكوين إلى التمكين (ص219).


[11] أخرجه البخاري (4971) من حديث ابن عباس، رضي الله عنهما.


[12] انظر: الإتقان، للسيوطي: (1/ 189).


[13] انظر: أصول الأحكام، للآمدي: (1 /115)، ومختصر الصواعق المرسلة، لابن القيم (2 /371).


[14] انظر: تفسير ابن رجب الحنبلي (1 /605).


[15] أخرج البخاري (4536) ومسلم (2955) من حديث أبي صالح قال: سمعت أبا هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بين النفختين أربعون"، قالوا: يا أبا هريرة! أربعون يومًا؟ قال: أبيت، قال: أربعون سنة؟ قال: أبيت، قال: أربعون شهرًا، قال: أبيت، "ويبلى كلّ شيء من الإنسان إلا عجب ذنبه فيه يركب الخلق".


[16] أخرج البخاري (1325) ومسلم (945) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ.
قِيلَ: وَمَا الْقِيرَاطَانِ؟ قَالَ: مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ".


[17] أخرجه مسلم (945).

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢