ودّعْ أويقاتَ الصبابة والصّبا
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
ودّعْ أويقاتَ الصبابة والصّبا | ودعْ التنسيمَ بالنسيم وبالصّبا |
واحرصْ على حب المعالي منصبا | إياك تصبو في الهوى مع من صبا |
أو أن تكون بشرْعه متعصب | |
كيف الوثوقُ بمن يداهن في الهوى | ومن اختلال دوحٍ خلته ارتوى |
لم تدر منه ما عليه قد انطوى | ويريك حباً والصداقة للسوى |
من كان هذا وصفه لمن يُصْحبا | |
فوريْقُ غصنك بعد إيراقٍ ذوىَ | ومنير وجهك بعد إشراقٍ هوى |
فوحقِّ ربِّ العرشِ فلاّقِ النوى | ما استعذَبَ الصبُّ الغرامَ ولا ثوى |
بفؤاده إلا وبات معذبا | |
إن فاتَ وقتك في التشبب والغزلْ | ولسان شعرك في مهاوي الهزل زَلّ |
لا تبق حتى يَسبق السيفُ العزل | بل قم بمدح ولي طهطا منْ نزل |
برحابه أزكى قراه ورحِّبا | |
هذا جلالُ الدين وهو أبو علي | هذا جليل الأصل ذو السر الجلي |
هذا من الأسرار يا هذا ملي | يا حبذا المولى ويا نعم الولي |
قطبٌ أسرةٌ وجهه ما قطبا | |
من مثله بمكانةٍ زُلفَى اقتربْ | من مثله من ربه بلَغ الأربْ |
من مثله بين الأعاجم والعربْ | أبناؤه حازوا الولايةَ والقرب |
عند الوفاة وويلُ من قد كذبا | |
عبد الرحيم حباه عهد البرزخ | وبمثله الصباغُ صار له سَخِي |
كل يمد له يداً من فرسخ | ومن العجائب أن ذا لم يُنسخ |
ما كان للعريانِ في زمن الصبا | |
من تلمسان سرى لَيغْزُو وهو في | بستان طهطا ظاهرٌ لم يَختفِ |
والطعن بان كشوكةٍ منها شُفى | والمغربي لما حكى هذا نفى |
وبوقته عن أرض طهطا قد نبا | |
وبأرض طهطا تختهُ وسريرهُ | سلطانها وابن الرضى وزيره |
ورفاعةٌ وهو الخطيبُ مشيره | ونقيبهُ طه بها وسفيره |
والألفُ جيش في الشدائد جرّبا | |
في هيئة الكركي قد نزلَ الحرمْ | نحو الثلاثِ فقام شيخٌ محترم |
ثقةً وأقسم أن فيها ذا الكرم | سلطانُ طهطا ابن الحسين ولا جرم |
والأمر بانَ كما أبانَ وأعربا | |
إن كان قد ولدتك أمك أطمسا | فالنورُ لاحَ وبالحنان تأسسا |
قد شقّ شيخك ناظريك فلا أسى | وبذا حَوى العريانُ سراً أقدسا |
من سرِّ روح القدس لا بل أعجبا | |
طاقيةُ العريان قد أُلبستَها | رمزاً لسر خلافةٍ آنستَها |
كم صنتَ طهطا من أذى وحرستها | كم يدٍ بيضاءَ منك غرستها |
ثمراتها لبنيك أضحتْ مكسبا | |
وكفاك فخراً قصةُ ابنِ الأحدب | والعفوُ من سلطان مصر لمذْنب |
وشهادةُ البلقيني بعدَ تعصب | أخبرته بين الورى بمغيب |
ببناءِ مدرسةٍ فهشّ وأعجبا | |
أخبرتَ عن عُرب بأرض صعيدها | بذهاب دولتها وعن تبديدها |
وبسبحها بدماء بحر حديدها | وبأن من أدنى القرى وبعيدها |
هوارةٌ عرباً يَحلون الحبا | |
من بعد جيلٍ كان ما أبديتَهُ | ومن الذي يَنسى الذي أسديتَهُ |
من ناضر الرمان إذ أهديتَه | قبل الأوان وسرعةً أديته |
لشفا خديجة حيثُ حلّ بها الوبا | |
ومنِحتَ فضلا حرف كنْ فزهدتَه | وكذاك كشفُ الافتضاح رددته |
وقلبتَ سيفاً ماضياً أعددتَه | لهلاك جبار بغىٍ فطردته |
قد جال شرقاً في البلاد ومغربا | |
بلغ الأباطحَ والشواطحَ مجدُه | ملأ الجهات الستّ طراً حده |
هو قاطعٌ لو لم يصنه غِمده | هو ساطعٌ أبداً يروق فرنده |
وبه تذودُ عن الحمى أن يُقربا | |
دينُ الدمشقي حين أثقل ظهرَه | وأتى إليك عساكَ تجبر كَسرَه |
أرسلته الأهرام تمحو إصره | لمباركٍ لا زال يقفو إثْره |
نادى فقال له مباركُ مرحباً | |
أعطاه طبقَ السم ما رفع العَنا | عنه وبعد الديْن قد نال الغِنى |
لا زالَ ينفقُ لا حسابَ ولا فَنا | لما توفى الشيخُ عن أجلٍ دنا |
وجد الدمشقيُّ ما احتباه كما احتبى | |
فأبو حُريْزٍ في الشدائد حرزْنا | وعليه في الدارين حقاً عزُّنا |
وهو الذخيرةُ في المعاد وكنزُنا | وبه سعادتنا تدومُ وفوزنا |
وبه تَنال مدى الرمان المطلبا | |
فاسأل حُريزاً إنْ تشأْ عن حالهِ | واسأل عليّاً عن عليّ خصاله |
يَحيي به يحيا جزيلُ نواله | كم شريفٍ جاء من أنجاله |
كأصوله عند الإله مقربا | |
ما فكرتي في نظمها بأديبةٍ | وإذا اقترحْت فتلك غيرُ مُجيبةٍ |
لكن بمدحك قد وفتْ بنجيبةٍ | وقصيدةٍ تأتي الملوك غريبةٍ |
بسمتْ بثغرٍ بالحياء تنقبا | |
حسناءُ قد وافتْ بكل براعةٍ | وتقنعتْ أدباً بكل قناعةٍ |
وأتتْ إليك تمدُّ كف ضَراعةٍ | ما مهرها إلا خَلاصُ رفاعةٍ |
مما به من آيها ختمت سبا | |
ثم الصلاةُ على النبي المجتَبى | و الآل والأصحاب ما صبٌّ صَبا |
أوْهَامَ ذو عشقٍ وأنشدَ مُطربا | ودعْ أُويقاتَ الصبابةِ والصبا |
ودع التنسمَ بالنسيم وبالصبا |