البطلُ |
بعدَ عدةِ قُرونٍ منْ مقتلهِ |
إثرَ مشاحناتِ نبلاْ، |
يستيقظُ في الفنْدقِ، |
عَلَىْ ستائرَ مذعورةٍ. |
وبعينيهِ اللتينِ لم تتذكَّراْ أعداءهُ، |
يرى ضجةً لمحاربينَ في العشْريْناتِ |
يقطعونَ الشارعَ نحْوَ شرْفتهِ، |
مُكوِّمِيْنَ أعْضاءهم الناقصةَ |
في عرباتٍ. |
ويتبادلونَ العناوينَ معَ المارةِ. |
بينما أمَّهاتٌ عذراواتٌ، |
يكْشفْنَ عنْ رُكبهنَّ |
ويستعدنَ للتصوير. |
* |
يقولُ… وأكتُبُ |
ينامُ… وأحلمُ. |
أيُّنا هو؟ |
يحلمُ بيْ مُهرَّباً فيْ سفنِ القراصنةِ |
وأنامُ وعَلَىْ رأسهِ عصابةٌ حمْراءُ |
وعَلَىْ ثياب واحدِ منا ندوبٌ |
وآثارُ خجلٍ منْ صورِ العاريات! |
* |
أقرأْ يديكَ، |
أنا سيوفٌ حافيةُ الظلالِ، تخبطُ فيْ كلِّ الجهات |
ولا حاجة بي لعداواتٍ بالمراسلة. |
لملمْ عينيكَ من نوافذِ الباب، للعائدِ من ترابهِ |
أنا أشجارٌ معصوبة العينينِ |
تمشي عَلَىْ آثار صرخاتها |
وليس ليْ شأنٌ |
باللهبِ الذي يتعقبني. |
* |
سوِّ ثيابكَ في مواجهةِ الشبابيك التي |
تناديك منها القرودُ |
وفي أيديها ساعتُكَ القديمةُ. |
أنا مراهناتٌ قديمةٌ |
عَلَىْ انتظارِ أعدائي فيْ الصحْراء |
وليس لي أسمٌ |
عَلَىْ اللافتاتِ في الطابور. |
* |
يكثرُ الطيرانُ من حولي |
ولا أنحني لالتقاط حجارةٍ من فمِ الأرضِ، |
كأنما كلُّ زئبقٍ، |
يُخَثِّرُ صورَتهُ ليهربَ من مآلهِ، |
وكلُّ إغماضةٍ تهدمُ لمعانَ حشائشها |
وتأوي إلى الطينِ |
فأيُّ فجرٍ يقودني |
إلى الموسيقى التي ألقتْ بنفسها من النافذة؟ |
في أيَّةِ جنَّةٍ أدفنُ أخْشابي المْحترقة؟ |
وأنا خليطٌ من أجراس شتى |
ندهت ذكرياتها عَلَىْ قهقهة ماردٍ |
رمى بنفسهِ من قطار المحاربين. |
* |
يدُ الخيال الملوَّثةُ بالحَيَاْةِ، |
تمتدُّ من وراءِ ضماداتها |
لتجرني في النهاراتِ كمشبوهٍ قديم |
يضحكُ مما يرى |
وعَلَىْ لسانه قفلٌ مالحٌ. |
* |
لم يكن الماضي بيتي، لأشعلَ مكتبتي، |
وأسعلَ حبراً ينسى. |
وليس حاضري معطفاً |
أتنزه فيه بين أمطارٍ مشبوهةٍ. |
أنا أيامٌ مذعورة من رواتها |
أستطيعُ، فقط، أن أنبه جسدي من |
أبواق مجذومة، |
تعودُ من عناقها مع الأمواتِ، |
أنا فقط، |
أغسل أسناني كي أقبلَ الله دون كلام بائتٍ في فمي. |
* |
وحتى لو تعثَّرتُ بإيقونةٍ نائمةٍ |
أنا عاشر النائمينَ في الحانةِ |
وهم أقل مني في المشاغباتِ |
إنهم يقرأونَ أشعاراً |
عن الكراسي التي صُفَّت ـ بلا خرائط ـ |
في مأتم بصحراء!. |
الكراسي التي تتثاءبُ |
وعليها معاطف غامضةٌ |
تُركتْ بانتظار جلودهم، |
ليس المظليينَ الضالين |
ولا الفارين من حروب أهليةٍ في السماء، |
يقرأونَ خلوداً في حَيَاْةٍ ليست لأحد، |
مصادفاتٌ تنام في الماضي |
وهي ليست من خطأٍ أكيد. |
* |
ومثلهم |
يرتجف النائمون ـ وهم قتلى ـ في الشاحنة. |
الجسد يصطدمُ بنارِ سطور كلما اندلقَ الحبرُ |
عَلَىْ غير قصد، |
كأنما تخضبُ الملائكةُ أرواحها من لهجةِ الأرضِ، |
وهي كلامٌ موصى به من الموت. |
ومثلهم أيضاً |
القتلى يرتجفون وهم يخرجون من نومهم في الشاحنة. |
* |
الحَيَاْةُ التي عشتُها قبل الحرب، |
تُشبهُ الحَيَاْةَ التي عشتها قبل الحرب! |
ما عدا مناديلَ زرقاء |
تخفق فوق الباصات! |
ما عدا مقاهيَ |
شاخ روادها بآخر رمية نردٍ |
ولم يبقَ سوى الله ينتظر المحاربين، |
ما عدا مبارياتٍ |
بين الأرضِ والعرق الملوَّنِ |
من قمصان لاعبين هربوا إلى أوروبا، |
ما عدا عاداتٍ علنيةً |
لشبانٍ يقطنون حرمانهم |
وهم فخورون بفحولتهم، |
ما عدا دروسنا |
تسجُننا كلّ يومٍ |
وسجانونا آباؤنا ببدلاتٍ قصيرة! |
وربطاتِ عُنقٍ لمقاومة الصيف! |
ما عدا عائلةً بتنور واحد ونيران متعددة، |
تخبز زجاج حياتها، |
ليتسلل منها أبناء يستحقون النسيان، |
يستبدلون بنادقهم وبساطيلهم |
بجنةٍ تخبز لهم ندماً في المنفى |
غيرَ أنَّ الحَيَاْةَ التي قُتلتْ في الحرب، |
زوجتني من حَيَاْةٍ أخرى. |
نافستُ عليها موتاً أشقرَ وطويلاً، |
ما عدا ذلك، |
أنا نائم ولي سيرة أخرى. |