أرشيف المقالات

يا أهل البلاء، إن الله يمحو ما يشاء

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
2يا أهل البلاء، إن الله يمحو ما يشاء
الحديث الشريف: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوَّذ من جهد البلاء، ودَرَكِ الشَّقاء، وسوءِ القضاء، وشَماتة الأعداء"؛ صحيح البخاري.   المفردات: جهد البلاء: ما لا قدرة للمرء على دفعه. دَرَك الشَّقاء: ما يفضي للهلاك. سوء القَضاء: ما يسوء العبدَ من أقضية الله؛ كالموت، والمرض، والفقر. شماتة الأعداء: اغتباطهم وفرَحهم بأذيَّةٍ أو بليَّةٍ تصيبك.   المعنى العام للحديث: ما من أحد من بني البشر إلَّا ويبتلى ويُمتحن في هذه الحياة؛ مؤمنهم وكافرهم، وبرهم وفاجرهم، وهي السنَن الجارية في الكون منذ الأزَل.   فقد يُبتلى العبد الضَّعيف ببلاء يشقُّ عليه دَفعه، ويَصعب عليه رَفعه. وقد تَنزل بالعبد الفقير حاجةٌ لا تُطاق؛ من ضيق في العيش وفي الأرزاق. وقد يتسلَّط الظالم على الذي لا حول له ولا قوة، فلا يقوى على دَفع جوره وظلمه. وقد يشتدُّ كَرب المكروبين، وتزداد معاناة المهمومين، ولا يجدون ملجأً ولا مأوًى يركنون إليه.   إنَّها في الحقيقة مُعاناة ومأساة، لا يُحِسُّها إلَّا مَن يعيشها، وخاصَّة في هذه الظروف القاسية التي كثرَت فيها الفِتَن، وازدادَت فيها المحن.   والكلُّ لسانُ حاله يقول: أين المفرُّ؟ والجواب من ربِّ العباد في قوله سبحانه: ﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ﴾ [الذاريات: 50]. إنَّ الباري سبحانه وتعالى ما خلَق الخلقَ عبثًا، ولم يتركهم سدًى. بل كما أنزل الداءَ، أنزل الشِّفاء. وكما جعل الهرجَ، جعل الفرَج. وها هو نبيُّ الرَّحمة صلى الله عليه وسلم يرشِد إلى برِّ الأمان وسبيلِ النَّجاة في هذه الحياة. فيدفع بالمضطرين لطلَب العون من ربِّ العالمين. واللجوء لِجناب الله، والتعلُّق بحبله جلَّ في علاه. إنه ذو القوَّة المتين، مَن خضَعَت له رِقابُ الملوك والسلاطين. فيلوذ به هؤلاء الضُّعفاء، ويتعوَّذون به من شرِّ كل بلاء وشقاء، وسوء قضاء، ومكر أعداء. فيدفع عنهم هذه الأرزاء، ويمحو اللهُ ما يشاء. وقد يُبتلى العبد فلا يبقى من حوله أحد، إلَّا الواحدُ الأحد. ولا يَبقى له باب مَفتوح، إلَّا باب من نَفَخ فيه الروح. فيَمُنُّ عليه بالنَّجاة، ويعيد له نشاطَه في الحياة. فلا خلَاص للجميع ولا مَناص، إلَّا بالفرار لله بإخلاص.   الفوائد: 1- الدعاء بجوامع الكَلِم. 2- البلاء من سُنَن الله في خلقه. 3- ضرورة اللُّجوء لله سبحانه حين اشتداد البأس. 4- لا شيء يُعجِز اللهَ في الأرض ولا في السماء.   الخلاصة: ضرورة اليقين بأنَّ الله تعالى يَدفع الكربَ، ويفرِّج الهمَّ، ويشفي المرضَ، ويردُّ القضاء، ويرفَع البلاء.   وبهذا اليقين عاش سلفُنا الصَّالح رضوان الله عليهم في كنف رحمة الله تعالى، وألَان الله لهم كلَّ صلبٍ وشديد، وذابَت باليقين مصائبهم التي كانت أَقسى من الحديد.   ولن يَصلح آخر هذه الأمَّة إلَّا بما صلح به أولها؛ بالإيمان واليقين، والفرار لربِّ العالمين.   اللهمَّ اقسم لنا من خشيتك ما تحُولُ به بيننا وبين معاصيك، ومِن طاعتك ما تُبلِّغنا به جنَّتك، ومن اليقين ما تُهوِّنُ به علينا مصائبَ الدُّنيا.



شارك الخبر

مشكاة أسفل ١