فرار عام 1953
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
في ليلة كانت شرايينها | فحما و كانت أرضها من لحود | يأكل من أقدامنا طينها | تسعى إلى الماء | إلى شراع مزقته الرعود | فوق سفين دون أضواء | في الضفة الأخرى يكاد العراق | يومىء ؟ يا أهلا بأبنائي | لكننا واحسرتا لن نعود | أواه لو سيكارة في فمي | لو غنوة لو ضمة لو عناق | لسعفة خضراء أو برعم | في أرضي السكرى برؤيا غد | إنا مع الصبح على موعد | رغم الدجى يا عراق | ريف وراء الشطّ بين النخيل | يغفو على حلم طويل طويل | تثاءبت فيه ظلال تسيل | كالماء بين الماء و العشب | يا ليت لي فيه | قبرا على إحدى روابيه | يا ليتني ما زلت في لعبي | في ريف جيكور الذي لا يميل | عنه الربيع الأبيض الأخضر | السّهل يندى و الرّبى تزهر | ويطفئ الأحلام في مقلتي | كأنها منفضة للرماد | همس كشوك مسّ من جبهتي | ينذر بالسارين فوق الجياد | ( سنابك الخيل مسامير نار | تدق تابوت الدجى و النهار : | ناعورة تحرس كرم الحدود | أثقل طين الخوف ما للفرار | من قدم تدمى و مدّ السّدود | أمن بلادي هارب ؟ أيّ عار | و ارتعش الماء و سار السّفين | و هبّت الريح من الغرب | تحمل لي دربي | تحمل من قبرها ذرّ طين | تحمل جيكور إلى قلبي | يا ريح يا ريح | توهّجت فيك مصابيح | من ليل جيكور أضاءت ظلمة السفين | لأبصر الأعين كالشّهب | تلتم حولي لأراها تلين | و أنجم الشطّ زهور كبار | أوشكت أن أبصر سيقانها | تمتد في الماء تمس القرار | لملم فجر الصيف ألوانها | كأنها أوجه حور تحار | فيها تباريح الهوى و الحياء | كأنّها زنبق نار و ماء . | |
اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (بدر شاكر السياب) .