كم تشتكي
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
( قالها في مهرجان بردجفيل) | |
- - - | |
كَم تَشتَكي وَتَقولُ إِنَّكَ مُعدِمُ | وَالأَرضُ مِلكُكَ وَالسَما وَالأَنجُمُ |
وَلَكَ الحُقولُ وَزَهرُها وَأَريجُها | وَنَسيمُها وَالبُلبُلُ المُتَرَنِّمُ |
والماءُ حَـوْلَكَ فضَّةً رَقراقَةً | والشمسُ فَوْقَكَ عَسْجَدٌ يتَضَرَّمُ |
و النور يبني في السّفوح و في الذّرى | دورا مزخرفة و حينا يهدم |
فكأنّه الفنّان يعرض عابثا | آياته قدّام من يتعلّم |
و كأنّه لصفائه و سنائه | بحر تعوم به الطّيور الحوّم |
هشّت لك الدّنيا فما لك واجما ؟ | و تبسّمت فعلام لا تتبسّم |
إن كنت مكتئبا لعزّ قد مضى | هيهات يرجعه إليك تندّم |
أو كنت تشفق من حلول مصيبة | هيهات يمنع أن تحلّ تجهّم |
أو كنت جاوزت الشّباب فلا تقل | شاخ الزّمان فإنّه لا يهرم |
أنظر فما زالت تطلّ من الثّرى | صور تكاد لحسنها تتكلّم |
ما بين أشجار كأنّ غصونها | أيد تصفّق تارة و تسلّم |
و عيون ماء دافقات في الثّرى | تشفي السقيم كأنّما هي زمزم |
وَمَسارِحٍ فَتَنَ النَسيمُ جَمالُها | فَسَرى يُدَندِنُ تارَةً وَيُهَمهِمُ |
فكأنّه صبّ بباب حبيبة | متوسّل ، مستعطف ، مسترحم |
و الجدول الجذلان يضحك لاهيا | و النرجس الولهان مغف يحلم |
و على الصعيد ملاءه من سندس | و على الهضاب لكلّ حسن ميسم |
فهنا مكان بالأريج معطّر | و هناك طود بالشّعاع مهمّم |
صور و أيات تفيض بشاشة | حتّى كأنّ الله فيها يبسم |
فامش بعقلك فوقها متفهّما | إنّ الملاحة ملك من يتفهّم |
أتزورُ روحك جنّة فتفوتها | كيما تزورك بالظنونِ جهنّمُ ؟ |
و ترى الحقيقة هيكلا متجسّدا | فتعافها لوساوس تتوهّم |
يا من يحنّ إلى غد في يومه | قد بعت ما تدري بما لا تعلم |
... | |
قم بادر اللّذّات قبل فواتها | ما كلّ يوم مثل هذا موسم |
واشرب بسرّ حصن سرّ شبابه | وارو أحاديث المروءة عنهم |
المعرضين عن الخنا ، فإذا علا | صوت يقول : "إلى المكارم" أقدموا |
ألفاعلين الخير لا لطماعة | في مغنم ، إنّ الجميل المغنّم |
أنت الغنيّ إذا ظفرت بصاحب | منهم و عندك للعواطف منجم |
رفعوا لدينهم لواء عاليا | و لهم لواء في العروبة معلم |
إن حاز بعض النّاس سهما في العلى | فلهم ضروب لا تعدّ و أسهم |
لا فضل لي إن رحت أعلن فضلهم | بقصائدي ، إنّ الضحى لا يكتم |
لكنّني أخشى مقالة قائل | هذا الذي يثني عليهم منهم |
أحبابنا ما أجمل الدنيا بكم | لا تقبح الدّنيا و فيها أنتم |