المرأة والمرآة
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أقامت لدى مرآتها تتأمّل | على غفلة مّمن يلوم ويعدل |
وبين يديها كلّما ينبغي لمن | يصوّر أشباح الورى ويمثّل |
من الغيد تقلي كلّ ذات ملاحة | كما بات يقلي صاحب المال مرمل |
تغار إذا ما قيل تلك مليحة | يطيب بها للعاشقين التغزّل |
فتحمرّ غيظا ثمّ تحمرّ غيرة | كأنّ بها حّمى تجيء وتقفل |
وتضمر حقدا للمحدّث لو درى | به ذلك المسكين ما كاد يهزل |
أثار عليه حقدها غير عامد | وحقد الغواني صارم لا يفلل |
فلو وجدت يوما على الدّهر غادة | لأوشك من غلوائه يتحوّل |
فتاة هي الطاووس عجبا وذيلها ، | ولم يك ذيلا ، شعرها المتهدّل |
سعت لاحتكار الحسن فيها بأسره | وكم حاولت حسناء ما لا يؤمّل |
وتجهل أنّ الحسن ليس بدائم | وإن هو إلاّ زهرة سوف تذبل |
وأنّ حكيم القوم يأنف أن يرى | أسير طلاء بعد حين سينصل |
وكلّ فتّى يرضى بوجه منمّق | من الناعمات البيض فهو مغفّل |
إذا كان حسن الوجه يدعى فضيلة | فإنّ جمال النّفس أسمى وأفضل |
ولكنّما أسماء بالغيد تقتدي | وكلّ الغواني فعل أسماء تفعل |
فلو أمنت سخط الرّجال وأيقنت | بسخط الغواني أوشكت تترّجل |
قد اتخذت مرآتها مرشدا لها | إذا عنّ أمر أو تعرّض مشكل |
وما ثمّ من أمر عويص وإنّما | ضعيف النّهى في وهمه السهل معضل |
تكتّم عمّن يعقل الأمر سرّها | ولكنّها تفشيه ما ليس يعقل |
فلو كانت المرآة تحفظ ظلّها | رأيت بعينيك الذي كنت تجهل |
وزاد بها حبّ التبّرج أنّه | حبيبّ إلى فتيان ذا العصر أوّل |
ألمّوا به حتى لقد أشبهوا الدّمى | فما فاتهم،واللّه ، إلا التكحّل |
فتى العصر أضحى في تطّريه حجة | تقاتلنا فيها النساء فتقتل |
إذا ابتذلت حسناء ثمّ عذلتها | تولّت وقالت كلّكم متبذّل |