من أنا
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أنا ، من أنا يا ترى في الوجود؟ | وما هو شأني، وما موضعي؟ |
أنا قطرة لمعت في الضحى | قليلا على ضفّة المشرع |
سيأتي عليها المساء فتغدو | كأن لم ترقرق ولم تلمع |
أنا نغمة وقّعتها الحياة | لمن قد يعي ولمن لا يعي |
سيمشي عليها السكوت فتمسي | كأن لم تمرّ على مسمع |
أنا شيخ راكض مسرع | مع الزمن الراكض المسرع |
سيرخى عليه الستار ويخفي | كأن لم يجدّ ولم يهطع |
أنا موجة دفعتها الحياة | إلى أوسع فإلى أوسع |
ستنحلّ في الشطّ عمّا قليل | كأن لم تدّفع ولم تدفع |
فيا قلب لا تغترر بالشباب ، | ويا نفس بالخلد لا تطمعي |
فإنّ الكهولة تمضي كما | تولّى الشباب ولم يرجع |
ولكنّ فيها جمالا بديعا | وفيها حنين إلى الأبدع |
ومن لا يرى الحسن في ما يراه | فما هو بالرجل الألمعي |
بني وطني من أنا في الوجود | وما هو شأني وما موضعي؟ |
أنا أنتم إن ضحكتم لأمر | ضحكت ، وأدمعكم أدمعي |
ومطرب أرواحكم مطربي | وموجع أكبادكم موجعي |
أما نحن من مصدر واحدٍ؟ | ألسنا جميعا إلى مرجعِ؟ |
رفعتم مقامي وأعليتموه | لما قد صنعت ولم أصنع |
أحقّ بإكرامكم طائر | يغرّد في الرّوض والبلقع |
وأولى به كوكب طالع | على سهّد وعلى هجّع |
أنا واحد منكم ، يا نجوم | بلادي ، متى تسطعوا أسطع |
فمن قام يمدحني بينكم | فقد تمدح الكفّ بالإصبع |
وما الغيث غير الخضمّ، وليس | الغدير سوى السحب الهمّع |
فلولاكم لم أكن بالخطيب | ولا الشاعر الساحر المبدع |
أنا الآن في سكرة لا أعي | فيا ليتني دائما لا أعي |
فذي ليلة بجميع الزمان | إذا كان في الدهر من أجمع |
فيا أيّها الليل باللّه قف ، | ويا أيّها الصبح لا تطلع |
إذا كنت قد بنت عن مربعي | فإنّي وجدت بكم مربعي |
يمينا سأحمل في أضلعي | هواكم ما بقيت أضلعي |
وأشكركم بلسان النسائم | والروض والجدول المترع |
فلا عذر للطير إمّا رأى | جمال الربيع ولم يسجع |
إذا لم أكن معكم في غد | فإنّي سأمضي وأنتم معي |