القرب الجميل
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
القرب الجميلنسمع النداء لها كلَّ يومٍ، تدعُونا إلى الروحانيَّة، إلى تجديد الإيمان، لكننا لا نُدرك كيف لها أن تمتصَّ الطاقة السليبة والشِّحْنات الزائدة عن الجسم، لا نُدرِك أنها تجعل المرء أكثرَ صبْرًا، وأقوى في مواجهة مصاعب الحياة، وهل كُنَّا نعلم أن القِبْلة هي أكثر مكان على وجه الأرض يمتصُّ الشِّحنات؟
اسأل نفسك: هل تُصلِّي جيدًا؟ هل استشعرتَ ذلك القُرْب الجميل؟ العالم مليء بالمشاكل، وكل مشكلة لها رسالتها، وهي أن تُطفِئ هذه المشكلة بالصلاة، كل مشكلة ولو كانت صغيرة تدعوك لمراجعة نفسك بالصلاة وبالذكر والقرآن، حاول أن تعيش حياتك بالإيمان؛ لأنه هو الذي سيبقى معك في الآخرة.
الصلاة: هي الوصل؛ يعني: هي الواصلة بين الله والعباد، فتخيَّل لو أن العبد قطَع هذه الصِّلة بينه وبين ربِّه، كيف سيكون حالُه؟ كيف سيكون وجهُه وقلبُه؟ كيف سينام قريرَ العين؟ كيف سيُقابل ربَّه؟ اللهم علِّق قلوبنا بالصلاة، ولا تجعلنا من الغافلين.
ما معنى أن تُصلِّي؟
يعني أن تكون رُوحك بين يدي الله، أن تكون أنت أمام الله، يعني أنك قطعتَ كلَّ شيءٍ تُفكِّر فيه، واتصلتَ بالصلاة، يعني أنك اقتربتَ خطوة إلى الجنة بإذن الله، ربما ستشعُر بسعادةٍ هي نفسها التي ستعيشها في الجنة بإذن الله، فالراحة التي تجدها بعد العبادة ليست في كل شيء تُحبُّه ولا في المادِّيَّات، السعادة والطُّمَأْنينة أصلها القلب والرُّوح، فإذا ابتعدت الرُّوح عن خالقها فلن تُصبح بخيرٍ، ما دامت رُوحُكَ ونفسُكَ مكتظَّةً بالناس والماديات.
لقد مررْتُ بتجْرِبةٍ شخصية مع الصلاة، كنتُ أُصلِّي ولكن لم أكنْ أخشع، قلت: ربَّما بسبب التفكير، كنت أصلي وأشعر أنني لم أصلِّ جيدًا، كنتُ عجْلى دائمًا، أدركتُ فيما بعد أنها الصلاة، بدأتُ أحاول أن أخشع، وسألتُ الله بالدعاء، ثم بدأتُ أقرأ وأسمع ما أقول أثناء الصلاة، وأستعيذ بالله من الشيطان، والحمد لله.
أتذكَّر كيف كنتُ أصلي في رمضان، ثم أقرأ أربع صفحات من القرآن، وبعد أيام بدأ قلبي ينبِض بالسعادة والفرح، لم أشعر بسعادة مثلها قطُّ.
ولا شكَّ أن الكثير حولي يعانون من عدم الخشوع في الصلاة، ولا يستشعرون الراحة بعد الصلاة، قد يكون بسبب الشيطان أو مشاغل الحياة، لكن المهم هو أن تُصلي؛ فالعبادة أهمُّ شيءٍ يجب أن تُعطيه اهتمامك وحرصك؛ لأن العبادة هي المصير.
كلما تكاسلتَ عن الصلاة أخبِرْ رُوحك أنها ستُصبح إلى الله أقربَ، وقلبك سيُصبح أنقى وأسمى، ينبض بالحياة حياة لا تشوبها شائبة، لن يستطيع أيُّ أحد أن يمسَّ طُهْر قلبِكَ، وإذا اقتربتَ هان كلُّ شيء.
العالم حولك مليء بالمشاكل، والجميع يبحث عن حلول، والحلُّ قبل كل شيء الصلاةُ، إذا واجهتك مشكلةٌ فاستعِنْ بالصلاة، لن يجد الحُزْنُ طريقًا للوصول إلى قلبك، وسيكون قلبُكَ أكثرَ فرحًا وانشراحًا.
تذكَّر أنك عندما تدخل قبرك أوَّل شيء ستُسأل عنه الصلاة؛ فحاول أن تخشع في الصلاة، لا تتوقَّف عن المحاولة، المهم هو أن تحاول، ستُودِّع الهمَّ والحُزْن، ولن تستمرَّ مشاكلُك طويلًا، سترى في منامك أحلامًا تُبشِّر بالخير، ستعيش في الدنيا سعيدًا، وفي الآخرة سعيدًا، وعندما تموت ستكون هانئًا مُستبشرًا في قبرك، والناس فوق الأرض يضجُّون حُزنًا وبُكاءً عليك.
إذا كنت من الأشخاص الذين لا يستيقظون على الصلاة، فتوضَّأ قبل أن تنام، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله قال: من عادى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحرب، وما تقرَّبَ إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ ممَّا افترضْتُ عليه، وما يزال عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنوافل حتى أُحبَّه، فإذا أحببْتُه كُنتُ سمْعَه الذي يسمع به، وبصرَه الذي يُبصر به، ويدَه التي يبطشُ بها، ورِجْلَه التي يمشي بها، وإن سألني لأُعطينَّه، ولئن استعاذني لأُعيذنَّه))؛ رواه البخاري.
أوصيك بصلاة الفجر، قال رسول الله صل الله عليه وسلم: ((مَن صلَّى الصُّبحَ، فهو في ذِمَّة الله))؛ رواه مسلم.
أسأل الله أن يجعلنا من المصلِّين القانتين الزاهدين، وبشِّرنا بما يسرُّنا يا ألله، واجعلنا من عبادك الصالحين.