Notice: session_start(): Ignoring session_start() because a session is already active in /home/islamarchivecc/public_html/inc/conf.php on line 2
أرشيف الإسلام - كيف يجب أن يتعامل المسلم مع أقدار الله ونعمه: نعمة الأولاد أنموذجا؟ (كلمة بمناسبة عقيقة) للكاتب عبدالإله أسوماني من مصدر الألوكة

Warning: Undefined array key "member_user" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/379f6d1c5f54bdd9f12bcbc99cdb8fd8709cb09e_0.file.header_new.tpl.php on line 275

أرشيف المقالات

كيف يجب أن يتعامل المسلم مع أقدار الله ونعمه: نعمة الأولاد أنموذجا؟ (كلمة بمناسبة عقيقة)

مدة قراءة المادة : 11 دقائق .
"كيف يجب أن يتعامل المسلم مع أقدار الله ونِعَمِهِ: نعمة الأولاد أنموذجًا؟"
(كلمة بمناسبة عقيقة)
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، ﴿ سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [البقرة: 32]، سبحانك لا فهم لنا إلا ما فهمتنا إنك أنت الجواد الكريم؛ أما بعد:
 
فبداية نشكر أخانا (اسم صاحب العقيقة) على كرم الدعوة، وحسن الضيافة، وعلى إقامته لهذا الوليمة (وليمة العقيقة)، التي هي شعيرة من شعائر الإسلام: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32]، نسأل الله تعالى كما جمعنا في هذه الدار على البِرِّ والتقوى أن يجمعنا غدًا يوم القيامة في جنة الفردوس الأعلى.
 
أما قبلُ، فنهنِّئ الأخ الكريم بهذا المولود، وأقول له نيابة عن الحاضرين جميعًا: بارك الله لك في الموهوب لك، وشكرت الواهب، وبلغ أشده، ورُزِقْتَ بِرَّه، جعله الله مباركا عليك وعلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وأصلحه وجميعَ أولادكم وأولاد المسلمين، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه؛ أما بعد هذا التقديم:
فإني أهْتَبِلُ هذه المناسبة السعيدة؛ لأُذكِّر نفسي والحضورَ الكريم ببعض المعاني الإيمانية المتعلقة بـ: "كيف يجب أن يتعامل المسلم مع أقدار الله ونعمه: نعمة الأولاد أنموذجًا؟" وهذا من باب الذكرى؛ عسى الله أن ينفعنا بها؛ فهو القائل: ﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الذاريات: 55]، فاللهم علِّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزِدْنا علمًا، واجعلنا مِنَ الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
 
إخوة الإيمان، إن الله تعالى هو الرزاق، يرزق من يشاء بغير حساب، وأرزاق الله ونِعَمُه كثيرة؛ منها نعمة السمع والبصر، والعقل، والمال، والصحة والعافية، وراحة البال، والزوجة والأولاد، وحب الناس، والذكر الحسن، وغيرها من النِّعَمِ التي لا تُعَدُّ ولا تُحصى.
 
يقول الله تبارك وتعالى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾ [إبراهيم: 32 - 34].
 
وأجَلُّ النِّعَمِ هي نعمة الإسلام، فأسأل الله تعالى الذي رَزَقَنا الإسلام من غير أن نسأله، ألَّا ينزِعه من قلوبنا ونحن نسأله، وألَّا يُميتنا إلا ونحن مسلمون.
 
يقول الله في محكم كتابه: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴾ [آل عمران: 14].
 
فالأولاد - أحبابي الكرام - نعمة ورزق يمُنُّ الله به على من يشاء من عباده، فهو سبحانه يرزق من يشاء إناثًا، ويرزق من يشاء ذكورًا، أو يزوِّجهم ذكرانًا وإناثًا، ويجعل من يشاء عقيمًا؛
يقول الله تعالى: ﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴾ [الشورى: 49، 50].
 
فالله هو الذي يقدِّر جنس المولود ويختاره، وهو الذي يمنع مَنْ يشاء مِنَ الأولاد؛ ﴿ وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا ﴾ [الشورى: 50]؛ فلذلك يجب أن نحمَدَ الله على كل حال؛ نشكره على النَّعْماء والسراء، ونحمده ونحتسب الأجر في البأساء والضراء، هكذا يكون المؤمن، لله شكَّارًا، لله ذكَّارًا، على المصائب صبَّارًا، فلا يتذمَّر، ولا يسخَط، ولا يقنَط من رحمة الله، فكل شيء منه سبحانه، فمن رضِيَ فله الرضا، ومن سخط فله السخط والعياذ بالله؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سرَّاء شَكَرَ، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء، صبر فكان خيرًا له))؛ [مسلم: 2999]، فالنعمة والمصيبة بالنسبة للمؤمن سواء، فهو إما أن يستمتع بالنعمة ويشكر الله عليها، فيكون خيرًا له، بل إنَّ شُكْرَه للنعمة نعمة أخرى أجَلُّ وأفضل من النعمة نفسها؛ لأن هذه النعمة متعلقة بالدنيا، والدنيا فانية، والشكر باقٍ أجره إلى يوم القيامة، فما يبقى خير مما يفنى.
 
المؤمن إذًا دائمًا يتقلَّب في نعم الله من نعمة لأخرى، أما المصيبة، فهي خير للمؤمن كذلك؛ لأنه يصبر ويحتسب أجرها عند الله فيكون خيرًا له، فالله سبحانه يكفِّر بالمصائب، مهما صغُرت هذه المصائب في أعين الناس، بل حتى الشوكة يشاكها، يكفِّر الله بها الذنوب والسيئات؛ ففي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما يصيب المسلم من نَصَبٍ ولا وَصَبٍ، ولا همٍّ ولا حزن، ولا أذًى ولا غمٍّ، حتى الشوكة يُشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه)).
 
أحبابي الكرام، يجب على المسلم التسليم الكليُّ لأمر الله، وقَدَرِ الله، وأن يردد دائمًا: قدَّر الله وما شاء فَعَلَ، والحمد لله على كل حال.
 
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ومن يتصبَّر يصبِّره الله، وما أُعطِيَ أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسعَ من الصبر))؛ [متفق عليه].
 
ولكنْ هناك صِنْفٌ من الناس ممن لا عقل له ولا دين، يُحمِّل زوجته مسؤولية عدم إنجاب الأولاد، بل يهددها ويتوعدها بشتى الوعيد، بل أحيانًا بالطلاق، فيُخيفها، ويكسِر خاطرها، متناسيًا وصيةَ النبي صلى الله عليه وسلم: ((استوصوا بالنساء خيرًا))، ((اتقوا الله في النساء))، بل ينسى وصية خالقه سبحانه: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19]، ينسى أن الأولاد رزق، فهل الرزق يُؤخَذ بالقوة؟






من ظن أن الرزق يأتي بقوة
ما أكل الطير شيئًا مع النسرِ











أنسِيَ أن الله هو الذي يرزق من يشاء؟ أنسي أن الله يفعل ما يريد ويختار؟ أنسي أن الله لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون؟ أنسي أن هذا الأمر كُفْرٌ بقدر الله؟ ألَا يخاف إذا سخط على أمر الله أن يسخط الله عليه، فلا ينجيه شيء من عقابه؟ وهناك صنف آخر، يُرزَق بحمد الله بالأولاد، ولكن يرزق جنسًا واحدًا، إما ذكورًا أو إناثًا، فلا يحمَد الله على النعمة، بل يتذمر، ويسخط، ويتوعد زوجته بأن تلد له الذكر أو الأنثى، على حسب جنس الأولاد الذي عنده، أنسِيَ هذا الذي لا عقل له أن هذا اعتراض على حكم الله وقدر الله؟ ألَا يخاف من السخط والطرد من الرحمة؟ بل طبيًّا وعلميًّا، جنس المولود يتحدد من خلال ماء الرجل، وهو قول أكثر الأطباء والعلماء المعاصرين؛ يقول الدكتور محمد علي البار: "وبما أن الأم (البويضة) تعطي دائمًا شارة الأنوثة، فإن الحيوان المنوي هو الوحيد الذي يحدد بإرادة الله نوع الجنين؛ ذكرًا أم أنثى؛ إذ إنه يحمل شارة الذكورة أو يحمل شارة الأنوثة، فإذا لقح الحيوان المنوي المذكر البويضة كان الجنين ذكرًا بإذن الله، أما إذا لقح البويضة حيوانٌ منويٌّ يحمل شارة الأنوثة، فإن نتيجة الحمل هي أنثى بإذن الله، وتبقى الآية بعد ذلك كله إعجازًا علميًّا كاملًا: ﴿ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى ﴾ [النجم: 45، 46][خلق الإنسان بين الطب والقرآن، الدار السعودية للنشر والتوزيع، الطبعة الرابعة، ص: 137-138]، وقال في موضع آخر: "ومن المقرر علميًّا أن جنس المولود يتحدد في اللحظة الأولى التي يلتقي فيها الحيوان المنوي بالبويضة فيلقحها، فإذا ما التقى حيوان منوي يحمل شارة الذكورة Y بالبويضة، فإن الجنين سيكون ذَكَرًا بإذن الله، أما إذا كان الحيوان المنوي سيلقح البويضة يحمل شارة الأنوثة، فإن الجنين سيكون أنثى بإذن الله؛ إذًا الحيوان المنوي أو نطفة الرجل هي التي تحدد نوعية الجنين ذكرًا أم أنثى، ﴿ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى ﴾ [النجم: 45، 46]، والنطفة التي تُمنى هي نطفة الرجل بلا ريب؛ ويقول تعالى أيضًا: ﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ ﴾ – أي: من الْمَنِيِّ - ﴿ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ﴾ [القيامة: 36 - 40][خلق الإنسان بين الطب والقرآن، ص 297، 298].
 
فالمرأة إذًا ليست مسؤولة عن تحديد جنس المولود، فلماذا لا يتهم الرجل نفسه؟ لماذا لا يعاقب نفسه؟
عباد الله، على المؤمن أن يرضى دائمًا بما يأتيه من أقدار الله، سواء سرَّته أم ساءته، فالله هو الخالق: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49]، ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ [الحديد: 22]، فحينما يسلم الإنسان نفسه لقدر الله، يعيش طيِّبَ النفس، منشرح الصدر، يطمئن قلبه بالإيمان، وليعلم أن الدنيا دار ابتلاء وليست دار جزاء، وأنها مجرد محطة ستمر حتمًا بشدتها ورخاوتها، فلنمر إلى الدار الآخرة والله راضٍ عنا، لا أن نمر ونحن نجر معنا سخط الله والعياذ بالله.
 
أقول قولي، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

شارك الخبر


Warning: Undefined array key "codAds" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/a920adceac475d2e17f193a32cdaa1b563fd6f5b_0.file.footer.tpl.php on line 33

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/a920adceac475d2e17f193a32cdaa1b563fd6f5b_0.file.footer.tpl.php on line 33
فهرس موضوعات القرآن