كل من عليها فان
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
( بعث بها الى صديقه السيد فهمي يعزيه و قد فجع بموت والدته و كريمته و شقيقته في اسبوع واحد ) | |
------------------ | |
فديناك ، لو أنّ الردى قبل الفدى ، | بكلّ نفيس بالنفاس يفتدى |
أبى الموت إلاّ ن ينالك سهمه | و ألا يرى شمل مبدّدا |
فأقدم لا يبغي سواك و كلّما | درى أنّه عظيما تشدّدا |
دهاك الردى لكن على حين فجأة | فتبّت يداه غادر صرح النّدى |
دهاك و لم يشفق عل الصبيّة الألى | تركتهم يبكون مثنى و موحدا |
فقدت و أوجدت الأسى في قلوبنا | أسى كاد لولا الدمع أن يتوقّدا |
بكيناك حتى كاد يبكي لنا الصفا | و حتى بكت ممّا بكينا له العدى |
و ما كاد يرقى الدمع حتى جرى به | غد عندما ، يا ليتنا لم نر غدا ! |
قضت طفلة تحكي الملاك طهارة | و ألحقها الموت الزؤام بمن عدا |
لقد ظعنت تبغي لقاك كأنّما | ضربت لها قبل التفرّق موعدا |
كأنّ لها نذرا أرادت قضاءه | كأنّك أنت الصوت جاوبه الصدى |
مشت في طريق قد مشى فيه بعدها | فتاك الذي أعددت منه المهنّدا |
فتى طاب أخلاقا و طاب محادا | و طاب فؤادا مثلما طاب محتدا |
فتى كان مثل الغصن في عنفوانه | فللّه ذاك الغصن كيف تاوّدا |
تعوّد أن يلقاك في كلّ بكرة | فكان قبيح ترك ما قد تعوّدا |
فجعنا به كالبدر عند تمامه | و لم نر بدرا قبله الأرض وسّدا |
فلم يبق طرف لم يسل دمعه دما | و لم يبق قلب في الملا ما تصعّدا |
كوارث لو نابت جبالا شواهقا | لخرّت لها تلك الشواهق سجّدا |
و لو أنّها في جلمد صار سائلا | و لو أنّها في سائل صار جلمدا |
( أفهمي ) إنّ الصبر أليق بالفتى | و لا سيما من كان مثلك ( سيّدا ) |
فكن قدوة للصابرين فإنّما | بمثلك في دفع الملمّات يقتدى |
لعمرك ما الأحزان تنفع ربّها | فيجمل بالمحزون أن يتجلّدا |
فما وجد الإنسان إلا ليفقدا | و ما فقد الإنسان إلا ليوجدا |
و ما أحد تنجو من الموت نفسه | و لو أنّه فوق السماكين أصعدا |
فلا يحزن الباكي و لا تشمت العدا | فكل امريء ، يا صاح ، غايته الردى |