قتل نفسه
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
تأمّل في أمسه الدابر | فكاد يجنّ من الحاضر |
أهاج التذكّر أشجانه | و كم للسعادة من ذاكر . |
فتى كان أنعم من جاهل | فأصبح أتعس من شاعر |
أضاع الغنى و أضاع الصحاب | و ربّ مريض بلا زائر |
و يا طالما أحدقوا بالفتى | كما تحدق الجند بالظافر |
فلما انقضى مجده أعرضوا | و ما الناس إلا مع القادر |
و ما الناس إلا عبيد القوي | فكن ذاك أو كن بلا شاكر |
أشدّ من الدهر مكرا بنوه | فويل لمن ليس بالماكر |
فكن بينهم خاتلا غادرا | و لا تشتك الغدر من غادر |
تعيس تعانقه النائبات | عناق الحبائل للطائر |
كثير الهموم بلا ناصر | كسير الفؤاد بلا جابر |
قضى ليله ساهيا ساهرا | إلى كوكب مثله ساهر |
يفتّش عن آفل في الثّرى | و ما كان في الأفق بالسافر |
و تالله يجدي فتى بائسا | كلام المنجّم و الساحر |
و لمّا تولّت دراري السماء | و غاب الهلال عن الناظر |
بكى ، ثمّ صاح أحتّى النجوم | تصدّ عن الرجل العاثر ؟ |
إلى م أعاند هذا الزمان | عناد السفينة للزاجر |
و أدعو و ما ثمّ من سامع ، | و أشكو ، و لكن إلى ساخر |
و أرجو الوفاء و تأبى النفوس | و أنّى الولادة للعاقر |
سئمت الحياة فليت الحمام | يعيد إلى أصله سائري |
فتنطلق النّفس من سجنها | و يسجن تحت الثّرى ظاهري |
وزاد سواد الدّجى يأسه | وقد كاد يسفر عن باهر |
فشاء التخلّص من دهره | الخؤون ، و من عيشه الحازر |
فأغمد في صدره مديه | أشدّ مضاء من الباتر |
و كم مثله قد قضى نحبه | شهيد التّأمل في الغابر |