معركة شمولبو
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
دبّت و قد أرخى الظّلام ستارا | و لطالما كتم الدّجى الأسرارا |
سفن هي الأطواد لولا سيرها | أعهدتم جبلا مشى أو سارا ؟ |
كالطّير أسرابا و لكن إن عدت | تنت الرّياح و تسبق الأطيارا |
مثل الكواكب في النّظام و إنّها | لكما الكواكب تبعث الأنوارا |
هي كالمدائن غير أنّ نزيلها | أبدا بها يتوقّع الأخطارا |
و أظنّها فقدت حبيبا أو أخا | و لذلك ارتدّت السواد شعارا |
تغشى المياه لعلّ ما في قلبها | يطفى ، فتزداد الضّلوع أوارا |
و تميد حتّى لا يشكّ بأنّها | سكرى و لم تذق السّفين عقارا |
و تسرّ إن رأت الثّغور كأنّها | المقرور أبصر بعد جهد نارا |
و بوارج قد سيّرت كالجحفل | الجرّار تحمل جحفلا جرّارا |
حملت أناسا كالقرود ، و جوههم | صفراء يحكي لونها الدّينارا |
فطس الأنوف ، قصيرة قاماتهم | هيهات لا تتجاوز الأشبارا |
قد قادها ( طوغو ) فقاد ذلولة | تهوى الصّعاب و تعشق الأسفارا |
في قبله نار و في أحشائها | مثل الذي في نفسه قد ثارا |
ما زال يدفعها البخار فترتمي | كالسّهم أطلق في الفضاء فسارا |
طورا ترها في السّحاب و تارة | في القاع يوشك جرمها يتوارى |
حتى دنت من ثغر شمولبو الذي | جمع الألى لم يعرفوا ما صارا |
نفر من الرّوس الذين سمعت عن | أفعالهم فيما مضى الأخبارا |
من كلّ مغوار إذا زار الوغى | زار الحمام الفارس المغوارا |
ما كان غير ( الفارياج ) لديهم | و سفينة أخرى أخفّ دثارا |
قال العدوّ لهم ، و قد داناهم ، | و كفى بما وافى به إنذارا |
" أمّا القتال فتلحقون بمن مضوا | أو تحسنون فتؤخذون أسارى " |
كان الجواب قذائفا نارية | تهوى الورود و تكره الإصدارا |
مثل الرّجوم إذا هوت لكنّها | لا تعرف الأخيار و الأشرارا |
و أقلّها خطبا فكيف أشدّها | لو نالت الجبل الأشمّ انهارا |
حفّت بهم سفن العداوة و أحدقت | حتى لدكت إخالها أسوارا |
ما بين بارجة و طرّاد إلى | نسّافة و الكلّ يقذف نارا |
ملأ دخانها و ذكاء | احتجبت ، و ما برح النّهار نهارا |
و الجوّ أظلم و اكفهرّ أديمه | حتى على السّماء ستارا |
و البحر خضّب بالدّماء و أصبحت | أمواجه و هي اللّجين نضارا |
ذا و القنابل لم تزل منهلّة | منها تحاكي الصّيّب المدرارا |
و المركبان " الفارياج " و أختها | في هبوة لا يعرفان قرارا |
‘حداهما ظفرت بها مقذوفة | فكأنّ صاعقة أصابت دارا |
فهوت بمن فيها ، و قد فتحت لها | الأمواج صدرا يكتم الأسرارا |
هبطت وزاد هبوطها المتقاتل | ين على مداومة الوغى إصرارا |
لكنّما الأخرى أصيب بالأذى | حتى غدت لا تملك التسيارا |
فرأى الفتى ربّانها أن يفتدي | الجند الكرام من الممات فرارا |
قد فرّ بعضهم و لكن جلّهم | طلبوا الفرار من الفرار خيارا |
أودوا بها نسفا ، و ماتوا عندها | غرقا ، و يأبى الباسلون العارا |
هذي حكايتهم أسطرها لكم | لا درهما أبغى و لا دينارا |
فلئن أفادتكم فخير جاء من | شرّ ، و إلاّ فلتكن تذكارا |