مصرع القمر
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
لوعة في الضلوع مثل جهنّم | تركت هذه الضلوع رمادا |
بتّ مرمى للدهر بي يتعلّم | كيف يصمي القلوب و الأكبادا |
كيف ينجو فؤاده أو يسلم | من تمادى به الأسى فتمادي |
أنا لولا الشعور لم أتألّم | ليت هذا الفؤاد كان جمادا |
كيف لا أبكي و في العين دموع | كيف لا أشكو و في القلب صدوع |
قلّ في الناس من صبر مختار | |
**** | |
لحظة ، ثمّ صار ضحكي و جيبا | و نشيجا ، و النوم صار سهادا |
ربّ لمّا خلقت هذي الخطوبا | لم لم تخلق الحشا فولاذا |
كلّما قلت قد وجدت حبيبا | طلع الموت بيننا يتهادى |
صرت في هذه الحياه غريبا | ليت سهدي الطويل كان رقادا |
فتجلّد أيّها القلب الجزوع | أو تدفّق كلّما شاء الولوع |
عندما أو دما هدر أو نارا | |
**** | |
كان بين الكرى و بيني صلح | فأراد القضاء أن نتعادى |
لم أكد أخلع السّواد و أصحو | من ذهولي حتّى لبست السوادا |
في فؤادي ، لو يعلم الناس ، جرح | لا يلاشي حتّى يلاشي الفؤدا |
يا خليلي ، هيهات ينفع نصح | بعدما ضيّع الحزين الرشادا |
أنت لا تستطيع إحياء الصريع | و أنا ، حمل الأسى لا أستطيع |
ذا الذي صيّر الكدر إكدارا | |
**** | |
يا ضريحا على ضفاف الوادي | جاد من أجلك الغمام البلادا |
فيك أودعت ، منذ ست ، فؤادي | و برغمي أطلت عنك البعادا |
غير أنّي ، و إن عدتني العوادي | ما عدتني بالرّوح أن أرتادا |
أنبتت حولك الزهور الغوادي | و اللّيالي أنبتن حولي القتادا |
و ذبول الغصن في فصل الربيع | لو رآه شجر الروض المريع |
جمد الماء في الشجر محتارا | |
**** | |
كيف لا يتّقي الكرى أجفاني | و جفوني قد استحلن صعادا |
و دموعي بلونها الأرجواني | منهل ليس يعجب الورّادا |
و الذي في الضلوع من نيران | صار ثوبا و مقعدا ووسادا |
كيف يقوي على الشدائد عان | أكل السقم جسمه أو كادا |
فإذا ما غشى الطرف النجيع | فتذكّر أنّه القلب الصديع |
كظّه الحزن فانفجر انفجارا | |
**** | |
طائر كان في الربى يتغنّى | أصبح اليوم يحمل الأصفادا |
غصن كان و الصبا يتثنّى | هصرته يد الردى فانآدا |
نال مني الزمان ما يتمنّى | و أبى أن أنال منه مرادا |
و تجنّى ما شاء أن يتجنّى | و استبدّت صروفه استبدادا |
حطّم السيف و ما أبقى الدروع | و تداعى دونه السور المنيع |
و أراني من العبر أطوارا | |
**** | |
ما لهذي النجوم تأبى الشروقا | أتخاف الكوكب الأرصادا |
فرط البين عقدها المنسوقا | أم لما بي البياض سوادا |
أم فقدن كما فقدت شقيقا | فلبسن الدجى عليه حدادا |
ما لعيني لا تبصر العيّوفا | و لقد كان ساطعا و قّادا |
سافرا يختال في هذا الرفيع | هل أتاه نبأ الخطب الفظيع |
أم رأى مصرع القمر فتوارى | |
**** | |
سدّد الدهر قوسه ورماني | لم تحد مهجتي و لا السّهم حادا |
هكذا أسكتت صروف الزمان | بلبلا كان نوحه إنشادا |
فهو اليوم في يد السّجّان | يشتهي كل ساعة أن يصادا |
فاحسبوني أدرجت في الأكفان | إن أنفتم أن تحسبوا القول بادا |
ليس في هذي و لا تلك الربوع | ما يسلّي النفس عن ذاك الضّجيج |
قبره ، جادك المطر مدرارا |