1931
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
ليطرب من شاء أن يطربا | فلست بمستمطر خلّبا |
عرفت الزمان قريب الأذى | فصرت إلى خوفه أقربا |
و هذا الجديد أبوه القديم | و لا تلد الحيّة الأرنبا |
أرى الكون يرمقه ضاحكا | كمن راء تيه كوكبا |
و لو علم الخلق ما عنده | أهلّوا إلى الله كي يغربا |
و لو علم العيد ما عندهم | أبى أن يمزّق عنه الخبا |
ألا لا يغرّك تهليهم | و قولتهم لك يا مرحبا |
فقد لبّسوك لكي يخلعوك | كما تخلع القدم الجوربا |
و لوعون بالغدر من طبعهم | فمن لم يكن غادرا جرّبا |
و كائن فتى هزّني قوله | أنا خدنك الصّادق المجتبى |
أرافق من شكله ضيغما | يرافق من نفسه ثعلبا |
هم القوم أصحبهم مكرها | كما يصحب القمر الغيهبا |
أراني أوحد من ناسك | على أنّني في عداد الدبى |
و أمرح في بلد عامر | و أحسبني قاطنا سبسبا |
و قال خليلي : الهناء القصور | ىو كيف و قد ملئت أذؤبا |
ألفت الهموم فلو أنّني | قدرت تمنّعت أن أطربا |
كأنّ الجبال على كاهلي | كأنّ سروري أن أغضبا |
و كيف ارتياح أخي غربة | يصاحب من همه عقربا |
عتبت على الدهر لو أنّني | أمنت فؤادي أن يعتبا |
****** | |
و جدتك و الشّيب في مفرقي | وودّعني و أخوك الصّبي |
فليس بكائي عاما خلا | و لكن شبابي الذي غيّبا |
فيا فرحا بمجيء السنين | تجيء السنون لكي تذهبا |
عجيب مشيبي قلب الأوان | و أعجب أن لا أرى أشيبا |
فإنّ نوائب عاركتها | تردّ فتى العشر محدودبا |
ويا بنت " كولمب " كم تضحكين | كأنّك أبصرت مستغربا |
أليس البياض الذي تكرهين | يحبّبني ثغرك الأشنبا |
فمن كان يكره إشراقه | فإنّي أكره أن يخضبا |
أحبّك يا أيّها المستنير | و إن تك أشمتّ بي الرّبربا |
و أهوى لأجلك لمع البروق | و أعشق فيك أقاح الرّبى |
****** | |
و يا عام هل جئتنا محرما | فنرجوك أم جئتنا محربا |
تولّى أخوك وقد هاجها | أقلّ سلاح بنيها الظبى |
يجندل فيها الخميس الخميس | و يصطرع المقنب المقنبا |
إذا ارتفع الطرف في جوّها | رأى من عجاجتها هيدبا |
وجيّاشه برقها رعدها | تدكّ من الشّاهق المنكبا |
يسير بها الجند محموله | قضاء على عجل ركبا |
يودّ الفتى أنّه هارب | و يمنعه الخوف أن يهربا |
و كيف النجاة و مقذوفها | و يطول من الشرق من غرّبا ؟ |
و لو أنّه فلو أنّ تهتانها | حيا أنبت القاحل المجدبا |
فما المنجنيق و أحجاره | و ما الماضيات الرقاق الشبا ؟ |
****** | |
أإن شكت الأرض حرّ الصّدى | سقاها النجيع الورى صيّبا |
فيا للحروب و أهوالها | أما حان يا قوم أن تشجبا |
هو الموت آت على رغمكم | فألقوا المسدّس و الأشطبا |
و للخالق الملك و المالكون | فلا تتبعوا فيكم أشعبا |
****** | |
و لم أنس مصرع " تيتانيك " | و مصرعنا يوم طار النبا |
فمن شدّة الهول في صدقه | رغبنا إلى " البرق " أن يكذبا |
ليالي لا نستطيب الكرى | و لا نجد الماء مستعذبا |
و بات فؤادي ، به صدعها | و بتّ أحاذر أن يرأبا |
و لي ناظر غرق مثلها | من الدّمع بالبحر مستوثبا |
إذا ما تذكرتها هجت بي | أسى تتّقيه الحشا مخلبا |
فأمسي على كبدي راحتي | أخاف مع الدّمع أن تسربا |
خطوب يراها الورى مثلها | لذلك أشفق أن تكتبا |
****** | |
لقد نكب الشّرق نكباته | و حاول أن ينكب المغربا |
و أشقى نفوس بني آدم | ليرضى السّراحين و الأعقبا |
و لو جاز بين الضّحى و الدجى | لقاتل فيه الضّحى الغيهبا |
لعلّلك تمحو جناياته | فننسى بك الذّنب و المذنبا |
إذا كنت لا تستطيع الخلود | فعش بيننا أثرا طيّبا |
فإنّك في إثره راحل | مشيت السّواك أو الهيدبى |