موكب التراب
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
( في يوم من أيام الصيف الشديد الحر كان الشاعر جالسا مع بعض اصحاب له أمام داره فهبت ريح شديد اثارت الغبار و عقدته في الفضاء كالسرادق . و كان في مشهد الغبار ما حمله على التفكير فنظم القصيدة التاليه :) | |
-------------- | |
من أين جئت ؟ و كيف عجت ببابي ؟ | يا موكب الأجيال و الأحقاب |
أمن القبور ؟ فكيف من حلّو بها | أهناك ذو ألم و ذو تطراب ؟ |
و لهم صبابات لنا ؟ أم غودروا | في بلقع ما فيه غير خراب ؟ |
*** | |
أمررت بالأعشاب في تلك الرّبى | و ذكرت أننك كنت في الأعشاب |
حول الصخور النائمات على الثرى | و على حواشي الجدول المنساب |
و على م تصعد كالسحابة في الفضا | و إلى التراب مصير كلّ سحاب |
لما طلعت على الشعاع موزّعا | مترجرجا كخواطر المرتاب |
و ذهبت في عرض الفضاء كخيمة | رفعت بلا عمد و لا أطناب |
قال الصحاب لي استتر و تراكضوا | للذعر يعتصمون بالأبواب |
و هب اتقيتك بالحجاب فإنّني | لا بدّ خالعة و أنت حجابي |
كم سارح في غابة عند الضحى | جاء المساء فكان بعض الغاب |
و مصفق للخمر في أكوابه | طربا ، و طيف الموت في الأكواب |
أنا لو رأيت بك القذى ، محض القذى ، | لسترت وجهي عنك مثل صحابي |
لكن شهدت شبيبة ، و كهولة ، | و منى ، و أحلاما بغير حساب |
و الشاربين بكلّ كأس ، و الألى | عاشوا على ظمأ لكلّ شراب |
و الضاربين بكلّ سيف في الوغى ، | و الخانعين لكلّ ذي قرضاب |
و الصارفين العمر في سوق الهوى | و الصارفين العمر في المحراب |
و الغيد بين جميلة و دميمة | و العاشقين - الصّب و المتصابي |
و العبد في أغلاله و حباله | و الملك في الديباج و الأطياب |
آبوا جميعا في طريق واحد | الخاسر المسبّي مثل السابي |
فضحكت من حرصي على ملك الصبا | و عجبت كيف مضى عليه شبابي |
ووقعت أنت على تراب ضاحك | لما وقعت عليّ في جلبابي |
و كذاك أشواق التراب مآلها | و لئن تقادم عهدها لتراب |