أرشيف المقالات

صفاء الأعمال.. وتعيسها

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
صفاء الأعمال..
وتعيسها
 
كلُّ عمل تصاحبُه النيةُ، فمن كانت نيتُه سيئةً كان عملُه سيئاً، وهذه النياتُ لا يعلمُها إلا علاَّمُ الغيوب، ومِن كرمِه وفضله أنَّ صفاءَ الأعمال تظهر بركاتُها في الدنيا، وتعيسَ الأعمال يظهر شؤمها على صاحبها، من عدم القبول، ومن نفرة الناس منه.
وكل أحد له عمل ونية، فالنيةُ المحموده هي التي يتقبلها الله ويثيب عليها، وهي أن تريد الله وحده بذلك العمل، والعملُ المحمود هو الصالح.
ولهذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يقول في دعائه: اللهم اجعل عملي كله صالحاً، واجعله لوجهك خالصاً، ولا تجعل لأحد فيه شيئاً.
فهذه كتبُ العلماء التي بين أيدينا؛ شلالاتٍ تتدفق عبر القرون والسنين، يستقي منها ملايين البشر علماً نافعاً يخدم الإسلام والمسلمين، وتتضاعفُ حسناتٍ على أصحابها المخلصين، أمثال وأحمد بن حنبل، وابن تيمية، وابن حجر، ممن أخلصوا أعمالهم لله، وكان رجاؤهم الله والدار الآخرة.
ولكنه   الإخلاص    أرخى    رواقه ♦♦♦ عليهم ونهج المصطفى السمح مصدر
 

أما من كانت كتاباتهم لأغراض الدنيا، من كتب أهل البدع والأهواء، والروايات الماجنة التي تجر الويلات على مجد أمتنا، ممن شوهوا سمعة الدين وأهله، فماذا جنينا من أفعالهم وكتاباتهم؟
وماذا جنوا هم؟ حظوظًا اتخذوها وقدموها على شرع الله ودينه، فأذاقهم الله الخزي في الدنيا، وفي الآخرة مردُّهم إلى الله، فهو بصير بعباده؛ ﴿ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ﴾ [ص: 28].
وقد كان إبراهيمُ التيمي يتضرع إلى الله بقوله: اللهم اعصمني بدينك وسنة نبيك من الاختلاف في الحق، ومن اتباع الهوى، ومن سبل الضلالة، ومن شبهات الأمور ومن الزيغ والخصومات..
ونحن نقول: اللهم إنا نبرأ إليك من كل أقلام مسمومة، تحمل أفكاراً منقوصة تُطوَّع لتعوق مسيرة الإسلام الخالدة.
يقول الشيخ أبو بكر الجزائري:
((إنَّ من أخطر المحن التي أصابت المسلمين - وهم يقاسون من ويلاتها ويعانون من شدائدها ضعفاً وفساداً وشراً - محنةَ جهل جماهير المسلمين بإسلامهم)).
والتربية الناجحة تعتمد على حقائق ومسلمات لا تقبل جدلاً، فإذا ساءت البيئةُ، فهيهات أن تنشأ أجيالٌ يُوثق بأدبها وعفافها وعدالتها؛ زين لهم الشيطان أعمالهم، وحسَّنها في قلوبهم، فاطمأنت لها نفوسهم.
يقول الله تعالى: ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 30].
إن المجتمع المسلم يعي المخاطر، ولا يقبل المجازفة بمستقبله، وما يجره علينا تدهور الأخلاق من مفاسد ومخازٍ، تتجرعها المجتمعاتُ بسبب غفلة الغيوريين، وكل امرئ مسلم صافي الفكر والعقيدة سيرفض أفكار هؤلاء الذين يصدون عن سبيل الله..
إن الكلمة في دين الله أشرف من أن تترك لأفواه العابثين والعابثات، فيعرى الدين من الحياء الذي هو جوهر الإيمان وحياته، فتشيع الفاحشة، ويصبح التبذل ديدنه، حتى إذا فاض الطوفان وانفرط العقد صعب علينا جمعه، وفاض علينا نتنه حتى يتأذى منه القاصي والداني.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١