ذكرى دمشق الجميلة
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
كؤوسُ الدمعِ مُتْرَعةٌ دِهاقُ | وللحزنِ اصطباحٌ واغتباقُ |
مضى " فرْعَوْنُ " لم تَفقِدْهُ مصرٌ | ولا " هارونُ " حنَّ له العراق |
أُديف " الرافدان " فلن يرادا | ولا " بردى" من البلوى يُذاق |
وكيف يَلَذُّ للوُرّادِ ماءٌ | عليهِ من بنيهِ دمٌ يُراق |
ثباتاً يا دِمَشقُ على الرزايا | وتوطيناً وإن ضاق الخناق |
وفوزاً بالسِّباق وليس أمراً | غريباً أن يكونَ لكِ السباق |
دمشقُ وأنتِ غانيةٌ عروسٌ | أمشتبك الحرابِ لكِ الصََّداق؟ |
أذنباً تحسبون على البرايا | إذا ما ضويقوا يوماً فضاقوا |
بعين اللهِ ما لقيتْ شعوب | لحد السيف مكرهةً تُساق |
عجافاً أُطلقت ترعى ولكن | معاهدة القويّ لها وَثاق |
وعيقَتْ مُذْ بَغَتْ حقاً مضاعا | وساموها الدمار فلمْ يُعاقوا |
ذروا هذي الشعوبَ وما اشتهته | مذاقُهُمُ لهمُ ولكم مذاق |
تحررتِ البلادُ سوى بلادٍ | ذُيولٍ شانهن الالتحاق |
أبابُ الله يُفتح للبرايا | وعن هذي البلاد به انغلاق |
وكيف تسير مطلقةً بلادٌ | عليها من احابيلٍ نطاق |
فيا وطني ومن ذكراك روحي | إذا ما الروحُ أحرجها السياق |
أُشاق إلى رُباكَ وأيُّ حرٍّ | أقَلَّتهُ رُباك ولا يُشاق |
ويا جوَّ العراقِ وكنت قبلاً | مداواةُ المراض بك انتشاق |
لقد خَبُثَتْ الأنفاسُ حتى | لروحي منك بالروح اختناق |
على " مدنية " زهرت وفاقا | سلامٌ كلما ذُكرَ الوفاق |
تولى أسّها الباني اعتناء | وشيد ذِكْرَها الحَسَنَ اتفاق |
أُشاق لها اذا عنَّت خيامٌ | وأذكرها اذا حنَّت نِياق |
تغشتها النزاهةُ لم تَشُبْها | أساليبٌ كِذابٌ واختلاق |
كما شيّدتُمُ شِدْنا وزِدنا | ولكن ما لقينا لم تلاقوا |
وما سِيانِ بالرفق امتلاكٌ | لمملكة وبالسيف امتشاق |
سلوا التاريخَ عن شمس أُديلت | وعن قمر تَعاوَرَهُ المحاق |
هل الأيامُ غيّرتِ السجايا | وهل خَشُنَتْ طباعُهُمُ الرِقاق |
وهل إفريقيا شهِدت سَراةً | بها كالعرب مذ عُبِرَ الزُّقاق |
غداةَ البحر تملِكه سفينٌ | لنا والبر تحرُسُهُ عتاق |
و " طارقُ " ملؤُهُ نارٌ تَلَظَّى | وحشوُ دروعِه سمٌّ ذُعاق |
بأنْدَلُسٍ لنا عرشٌ وتاجٌ | هوى بهما التخاذلُ والنفاق |
هما شيئان ما اجتمعا لشعبٍ | فاما الملكُ فيهِ أو الشقاق |
أولئك مَعشرٌ سَكرِوا زماناً | وناحُوا ملكَهُم لما أفاقوا |
فانْ كُتِبَ الفراقُ لنا فصبراً | على كل الورى كُتِبَ الفراق |
لنا شوق إذا ذكروا رباها | وإنْ نُذكَرْ لها فلها اشتياق |
يُطاق تقلبُ الأيام فينا | وأما أنْ نَذلَّ فلا يُطاق |