ألقت مراسيها الخطوبْ..
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
أَلْقَتْ مراسِيَها الخُطوبُ | وتَبَسَّمَ الزمنُ القَطوبُ |
وانجاب عن صُبحٍ رضىٍّ | ذلك اللّيلُ الغَضوب |
وادّال مِنْ صَدَأِ الحديد | على الثرّى أرَجٌ وطِيب |
ومشى ربيعٌ للسَّلام | بِه تفتّحتِ القلوب |
وتطامن الألمُ الحبيسُ | وأفرخَ الأملُ الرحيب |
فجرٌ صدوق ربَّ حربٍ | رِبْحُها فجرٌ كذوب |
الآنَ يَقْبَعُ في مهانَتِهِ | لتنتفضَ الشّعوب |
وَحْشٌ تقلمتِ المخالبُ | منه واختفتِ النُّيُوب |
مشتِ القصيدة للقصيدَةِ | يصرعُ الكَسِلَ الدؤوب |
وتلّمس الدّرنَ الحكيمُ | وشخَّصَ الداءَ الطبيب |
وتلاقتِ الأجيالُ في | جيلٍ هو النَّغَمُ الرتيب |
جيلٌ توضحت المعالمُ | مِنْهُ وانجلتِ الغُيوب |
وجرتْ على خير المقاييس | المحاسنُ والعيوب |
فالمستظامُ " المستغَلُّ هو | الحسيب ، هو النسيب |
والمستقيمُ هو المحكَّمُ | والصريحُ هو اللبيب |
والمنطوي كبتاً يشد على | الضميرِ هو المريب |
ومنزّهُ الآراءِ عن | تأويلِهِنّ هو الصليب |
والمكتوي بلواذع الألم | العميقِ هو الأديب |
ربّىَ القرونَ بكلّ حْجرٍ | طّيبٍ نِعمَ الربيب |
شابتْ مفارقُهمُّ وأزمَنَ | لا يهِمُّ ولا يَشيب |
ايام " رسطاليس " كانَ | بُعَيْدَ مولدِهِ يهيب |
والسمُّ إذ " سقراطُ " يَجْرَعُهُ | ويحلِفُ لا يتوب |
إذ قال للملأ العظيمِ | وكأسُهُ فيها شبوب: |
" إني أكولٌ للحِمام | على مرارتِهِ شَروب" |
أهلاً ، فانّكِ لا تُخيفين | العقيدةَ ، يا شَعُوب |
وخيال " أفلاطون " والجُمْهور ، | والحكمُ الأريب |
ما عابه أن ضيم فيه | " الرقُ " وامتُهِنَ " الجليب " |
إن العقولَ تكاملٌ | من يُخطِ ينفعْ من يُصيِب |
وتبارت الأجيال تنجح | بالرسالة ، أو تخيب |
عصرٌ خصيبٌ بالكفاحِ | وآخرٌ منهُ جديب |
شرِقٌ بأعوادِ المشانِقِ | أو بمذبحةٍ خصيب |
يجري النعيمُ به وتَزْدحِمُ | العظائِمُ والكُروب |
بازاء وَجْهٍ ناضرٍ | ألفٌ تلوحُّه السُّهوب |
ومواكبُ الأحرار في | صَخَبِ الطُّغاةِ لها دبيب |
وعواصفُ الظلم الفطيع | لها رُكودٌ أو هبوب |
ومَعينُ فكرٍ في مَعينِ | دمٍ يَصُبّ ، ولأنضوب |
ومشرّدون على المبادئ | حُقِّروا فيها وعِيبوا |
سُدَّتْ مسالِكُهُمْ فما | ضاقتْ بمذهبِهمْ ثقوب |
ضمنَ النعيمَ إنابةٌ | وأبى التحّررُ أن يُنيبوا |
يتلقّفُ الأضواء نَجْمٌ | شعَّ من نجمٍ يَغيب |
" فأبو العلاء " على نواميسٍ | مهرّأةٍ كئيب |
ويهين " فولتير " النظام | وبالمشرع يستريب |
وتعهد " الاوباشَ " – زولا - | فانجلى " الوحشُ " النجيب |
فإذا به غير المواربِ | حين يَكُثُرُ من يروب |
وإذا به وهو الكريب | يُثيرُ نَخْوَتَهُ الكريب |
وإذا بأشتاتِ الطُيوبِ | يَلُمُّها هذا الجنيب |
هذا المُهان لأنّهُ | من نِعمةٍ خاوٍ سليب |
ولأنَّ مشربَه حثالاتٌ | ومطعَمَهُ جشيب |
ولأنّه ذو مِعصم | لم يُزْهِهِ الحلقُ الذهيب |
ولأنه في الأكثرينَ | الجائعينَ له ضروب |
ولأنه بين " الصدورِ " | المجرمينَ هو الكُعوب!! |
جيل تعاوَره الطلوعُ | - بما يُبشِّرُ – والغروب |
يطفو ويحُجُبهُ – إلى | أمدٍ – من البغي الرسوب |
حتى تلقَّفَهُ " لنينُ " | وصنْوُهُ البطلُ المَهيب |
والعاكفون عليه أمّاتٌ، | وشبانٌ ، وشيب |
فإذا به عبلُ السواعدِ | لا يزاحِمُهُ ضريب |
تعنوا له الجّلى ويقصُر | عنده اليومُ العصيب |
بالشعب تدعَمُهُ الجيوشُ | وتدعمُ الجيُشَ الشُّعوب |
والرايةُ " الحمراءُ " تحتَ | ظلالِها تمشى القلوب |
قالوا " السلام " فراح يستبقُ | البعيدَ به القريب |
ودَعْوا ، فخف مجاوبٌ | وثوى صريعٌ لا يجيب |
وتوثب العاني وأعوزَ | مُثخناً فيه الوثوب |
طرح الأسيرُ قيودَهُ | وهفا لموطنِه الغريب |
وتعطّرتْ بشذا اللقاءِ | ونفحةِ اللُّقيْا دُروب |
في كلِّ بيتٍ بسمةٌ | كدراءُ أو دَمعٌ مشوب |
غلب ابتسامَ الآيبين | بكاؤهم من لا يؤوب |
رفَّت على أعشاشها | أرواحُ هائمةٍ تلوب |
ذُعرٌ تخطفها الفراق | ومسَّهاً منه لغوب |
ومشى . من " القبر " الرهيب | خيالُ مُحَترِبٍ يجوب |
غطّى معالَمهُ شجاً | وتوحّشٌ ، ودمٌ صبيب |
أصغى فَألْهَبَ سمعَه | من " هامة " الجدَثِ النعيب |
وتمطتِ الأنقْاضُ عن | وجهٍ يؤمِّلُهُ حبيب |
عن ساعدٍ ألوى على | جيدٍ كما اختلف الصّليب |
وفمٍ مَراشِفُه ، للثم | أليفِها شوقا تذوب |
وضمائرُ " الأجداث ِ" تشكو | ما جنى البشَرُ العجيب |
ورمائمُ الأنقاضِ ، مما | استوعبت ، فيها شحوب |
والنار تحلف .. من حصيد | لهيبها ذُعِرَ اللهيب |
والحوتُ يَضْمَنُ رزقَه | بحرٌ بها فيه خصيب |
للوحشِ مأدبةٌ عليها | ما يَلَذُّ وما يَطيب |
وكواسر العِقبانِ يزهيها | من الجثث النصيب |
ماذا تريد : حواصل | ملأى ومنقارٌ خضيب |
والدود يسأل مقلةً | تدمى وجمجمة تخوب |
هذي المطاعم : أيُّ طاهٍ | شاءها ؟ أهي الحروب؟ |
من مُبْلِغُ الثّاوينَ تُعوِلُ | عندهم ريحٌ جَنوب |
والمفردَين عليهم | من كلِّ والفةٍ رقيب |
والطفلُ يسأل من أبيه | أهكذا يَلِجُ المشيب؟ |
والكاعبُ الحسناءُ جفَّ | بنحرِها نَفَسٌ رطيب |
واستنزَفَ الحِلْمَ الرغيبَ | بصدرها جُرحٌ رغيب |
إنَّ الرياشَ المستجدّ | لكُمْ تَنُمُّ به الطيوب |
والبيتَ يُنعشه رنينُ العودِ ، | والطفلُ اللَعوب |
والدهرُ لم يبرح عليه من | الّصبا ثوبٌ قشيب |
والأرض يُرقصها الشروقُ ، | كما عهدتم ، والغروب |
وعلى الربيعِ غضارة | وعلى الأراكَةِ عندليب |
والشمس يستُرُ وجهَها | بالغيم يُمْسِكُ أوْ يصوب |
والخافقاتُ العاطفاتُ | بكم يُعِذَبُها الوجيب |
ألقتْ مراسِيها الخطوب | وتبسمَّ الزمن القَطوب |