الشاعر والعود
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
ما سَمِع السامعونَ آسى | من شاعرٍ ضَيمَ في العراقِ |
ألوى على عوده شَجيّاً | يبُثُه فَرْطَ ما يُلاقي |
إذا بكى ارتدَّ يبكي | شَجْواً لألحانه الرِقاق |
في ذمةِ الله ما تُلاقي | يا عودُ منّي وما أُلاقي |
روحانِ مني ومنكَ باتا | من وَطأة الهمِّ في الترَاقي |
ما ضاق منك الخِناقُ يوماً | لو نفَّسَ الدهرُ عن خِناقي |
يا دهرُ خُذني واحلُلْ وَثاقاً | أرهَقَ عُودي واحلُلْ وَثاقي |
أو لا فحِّولْ أنّةَ أسري | عنه إلى نغمةِ انطلاق |
فَغَمْغَمَ العودُ واستجاشَت | أشجانُهُ خطرةً الفِراق |
اِسْلَمْ رفيقَ الصِّبا ، ألوفٌ | تفدِّيك مثلي وأنتَ باق |
قبلكَ واسيتَ ألفَ شاكٍ | والفَ حاسٍ وألفَ ساق |
من فضلِ ما أوحت الرزايا | إليَّ مُيِّزت عن رفاقي |
أقول لما انبرتْ غُصونٌ | أعوادَها تبتَغي لَحاقي |
أحْملْنَ مثل الذي أُلاقي | من اصطباحي أو اغتباقي |
طارِحنَ مثلي أخا شجونٍ | شاركنَ مثلي اخا اشتياق |
ربَّ نهارٍ كنتُنَّ فيه | جنباً إلى جنب في اعتناق |
قضيته جنبَ ذي شجونٍ | أخافُ من بثِّه احتراقي |
وربَّ ليلٍ سهِرتُ فيه | أشدو حزيناً مع السواقي |
اصبْر قليلاً يا عودُ إنّا | عما قريبٍ إلى افتراق |
حملتَ عني ماضي همُومي | فاحمل قليلاً من البواقي |
وَلَّى شبابي إّلا بقايا | ضحيةَ القلب والمآقي |
والنفسُ تأبى إّلا انطلاقاً | والدهرُ يأبى إّلا ارتهاقي |
والحزنُ لم يدخر صُباباً | يُبقه في كأسِه الدِهاق |
اَلانِطفائي كان اشتعالي | اَلاحِتراقي كانَ ائتلاقي |
وحين جاء الظلامُ يُرخي | سِتراً على الأوجه الصِّفاق |
ورفَّ روحُ السلامِ يُخفي | غريزةَ الحِقْدِ والنِفاق |
باتَ بطيّاته فؤادٌ | يشكُرُ لُطفَ الموت الذعاق |
وجنبَه عودُهُ يُناغي | حَشرجةَ الصدرِ في السياق |
الى التلاقي " عودي" وداعاً | وكيف بعدَ الموتِ التلاقي |
اقرأْ سلامي على الرزايا | أعني سلامي على الرفاق |
ذاك أديبٌ مات اضطهاداً | ذاك هو الشاعرُ العراقي |