بعد المطر
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
عاطى نباتُ الأرض ماءَ السما | مالا تُعاطيه كؤوسُ الرحيقْ |
وبات إذ حطَّ بها ثِقْلَه | يكلِّف الأرض بما لا تُطيق |
أوشكتِ القِيعانُ ، إذ فُتّحت | لها السما ، مما عراها تَضيق |
واهتدت الشمس لتجفيفها | فابتعثتْ شكرَ النبات الغريق |
الجوُّ زاهٍ ، والثرى فائحٌ | ومنظر الأرض لطيفٌ أنيق |
والعُود يهتزّ لمرِّ الصَّبا | والروضُ من سَكرته لا يُفيق |
والغيثُ يَهمي أين من صَفوهِ | وهو جديدٌ ، خمرُ دنٍّ عتيق |
تفتَّحي خُضْرَ الرُّبى للنَّدى | في مَبسِم الفجر – متى شئتِ – ريق |
وعطّري ريحَ الصَّبا بالشَّذى | وانفتقي عن فار مسك فتيق |
كلُّ فصولِ الدهر لا تُشترى | بالنزْر من نَشْرِ شذاك العبيق |
جاء الربيعُ الطلق فاستبشري : | غريمُكِ البردُ طريدٌ طليق |
مثل الذي لاقيت من ذا وذا | يصدف في الدهر انفراجٌ وضيق |
صوبَ الحيا رفقاً فكم لطمة | أنزلتها قسراً بخدِّ الشقيق |
كأن نَضْحَ القَطْرِ من فوقه | ذائبُ دُرٍّ في أواني عقيق |
إني تخالفت وزهرَ الرُّبى | والكلُّ منا ذو مزاج رقيق |
أنفاسها نشرُ شذىً نافحٍ | وحرّ أنفاسي شواظُ الحريق |
كلُّ وجوه الأرض مكسوَّةٌ | لفائفَ الأزهار حتى الطريق |