سب النبي فرصة لمريدي الخير - محمد جلال القصاص
مدة
قراءة المادة :
7 دقائق
.
سبِّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليس حدثا عابرا قامت به صحيفة سيئة
الأخلاق نفثت به عن حقدها في عدد من أعدادها ، وليس هو همُّ حفنه من
أراذل الكفار مُلئت قلوبهم غيظا وحنقا على شخص الحبيب ـ صلى الله عليه
وسلم ـ فقاموا يمثلون وينكتون ويسخرون .بل لو كان الأمر كذلك لكان مما
يسكت عنه ـ على عظمه ـ إذ أن مجاراة السفهاء أمر يترفع عنه العقلاء .
. .ولكن ..
الأمر أعمق من هذا كله .
هذه الأمور ليست إلا كما يقول الله عز وجل : { قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ } [ آل عمران : من الآية 118 ] .
وهاأنذا أنادي العقلاء .
فهل يسمعون ؟ .
وهل يجيبون ؟ .
وليت أولى العزم من العقلاء مَن يلبون ؟
من قبل كان النصارى في حملاتهم ( التبشيرية ) يتكلمون عن النصرانية ...
يبترون ويكذبون ، ويبدون قليلا ويخفون كثيرا كي يُظهروا دينهم القبيح في صورة يتقبلها الآخر .
واتخذوا مما يسمى بحوار الأديان ... هذا الحوار الذي يجرى مع علماء الدين الرسميين وسيلة ليقولوا لمن يخاطبونهم من ضعاف المسلمين في أدغال أفريقيا وجنوب شرق أسيا أن الإسلام يعترف بنا ولا يتنكر لنا فكله خير ـ بزعمهم ـ .
وكانت حملتهم على الإسلام حملة على شعائره ...
يتكلمون عن التعدد وعن الطلاق وعن الحدود وعن الجهاد وعن الميراث وعن ناسخ القرآن ومنسوخة ، ثم في الفترة الأخيرة وخاصة بعد انتشار الفضائيات ودخولها كل البيوت تقريبا ، وكذا بعد ظهور تقنية الإنترنت عموما والبالتوك خصوصا ، أخذ القوم منحى آخر وهو التركيز على شخص الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ .قاموا ينقضون الإسلام بتشويه سورة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
ودعك من كلام الأراذل ، هناك طرحٌ يُلْبِسُه دعاة الكفر ثوب العلمية ويدَّعون أنه الحقيقة التي لا مراء فيها يخاطبون بهذا الهراء قومهم ومن يتوجهون إليهم بالتنصير ...
هذا توجه عام داخل حملات التنصير اليوم .
والأمر بيِّن لمن له أدنى متابعة لما يتكلم به القوم .
وما حدث في الصحيفة الأوربية هو طفح لما يُخاطب به القوم في الكنائس وغرف البالتوك عن نبي الإسلام ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
فهم يحاضرون ويؤلفون عن ( أخلاق نبي الإسلام ) ، يتكلمون عن زواجه بتسع من النساء ـ وقد اجتمع عند سليمان عليه السلام تسعمائة من النساء وهذا في كتابهم ـ ، وعن زواجه من عائشة ومن زينب ومن صفية ـ رضي الله عنهن ، وعن غزواته ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؛ وبطريقة البتر للنصوص واعتماد الضعيف والشاذ والمنكر من الحديث يخرجون بكلامهم الذي يشوهون به صورة الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
ولكنه في الأخير يبدو للمستمع أن هذا كلام ( بن كثير ) و( الطبري ) و( بن سعد ) علماء الإسلام .
فيظن المخاطبون أنها الحقيقة التي يخفيها ( علماء ) الإسلام .
دعاة النصرانية يغرفون من وعاء الشيعة الكدر النجس حين يتكلمون عن أمهات المؤمنين ـ رضي الله عنهن ـ وعن صحابة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بل وفي كلامهم عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أحيانا ، ويغرفون من وعاء ( القرآنيون ) الذين يتركون السنة تشكيكا في ثبوتها أو في عصمة الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم .
والمطلوب هو قراءة جيدة لما يحدث ، والتصدي له على أرض الواقع .
لا نريد ثورة كلامية ، وغضبة لا يفهم منها ( الآخر ) إلا أنها نفرة المتعصب ، نريد قطع الطريق على هؤلاء وإحباط كيدهم ، وإنقاذ الناس من الكفر بربهم .
مطلوب خطاب أكاديمي يجفف منابع المنصرين ، أعني ما يقوله القرآنيون والشيعة .
وما يفتريه النصارى بالبتر للنص واعتماد المكذوب والشاذ والضعيف من الحديث .ومعنيٌ بهذا طلبة درجات التخصص العليا في الكليات الشرعية .
وإن أخذ الأمر وقتا لكنه سيثمر بإذن الله يوما ما .
ومطلوب خطاب لعامة الناس يبين لهم كيف كان نبيهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعيدا كل البعد عما يقولوه النصارى ، وأن ما يقال محض كذب ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم ـ كان كل الكمال وجملة الجمال ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
تالله ما حملت أنثى ولا وضعت * * * مثل النبي رسول الأمة الهادي .
وأيضا لا ينفك عن هذا أبدا بيان عقيدة النصارى ...
ما يعتقدونه في ربهم وما يعتقدونه في أنبيائهم وما يعتقدونه في أحبارهم ورهبانهم ...من يعبد النصارى؟ .
وهل النصرانية دين يتبع ؟!!
أقول : لم نسكت عنهم وهم يرموننا بكل ما في جعبتهم ؟!
أسياسة ؟ .
أم جبن وخور ؟ .
أم غفلة ؟!
إن مما ابتلي به مسلمو اليوم هو التآلف مع النوازل بعد قليل من نزولها ، فقط نثور قليلا ثم نسكت ولا نتكلم وكأن شيئا لم يحدث ، وهذا الأمر فهمه عدونا ، فلم يعد يبالي بجعجعتنا التي تتجاوز الكلام ، وهو يستفيد من هذا الكلام .
فليتنا نكون على قدر المسئولية ونبدأ في تصعيد مستمر وتبصير للناس ، بحقيقة من يتكلمون عن النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ ، وحقيقة دينهم ، وحقيقة ديننا ونبينا ــ صلى الله عليه وسلم ــ .
فهل من مجيب ؟!