الأحاديث شجون
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
جَدِّدي ريحَ الصبَا عهد الصِبا | وأعيدي فالأحاديثُ شُجونُ |
إن أباحتْ لكِ أربابُ الهَوى | سِرَّه فالحكمُ عندي أن يصونوا |
جدِّدي عهدَ أمانيه التي | قُرِنَ العيشُ بِها نِعمَ القرين |
يومَ كنّا والهوى غضٌّ وما | فُتِحَتْ إلاّ على الطُهْر العُيون |
ما عَلِمنا كيفَ كُنّا ، وكذا | دينُ اهلِ الحبِّ والحبُّ جُنون |
أشرقَ البدرُ على هذي الرُبى | أفلا يُخسِفُه منكُمْ جَبين |
جَلَّ هذا الجِرمْ قدراً فلقد | كادَ يهتزُّ له الصخرُ الرزين |
كل أوقاتيَ رهنٌ عندَه | الدجُى . الفجرُ. الصبحُ المبين |
سَألونا كيف كنتم ْ ؟ إن مَنْ | دأبُه ذكرُكمُ كيفِ يكون ! |
هوَّن الحبَّ على اهل الهَوى | أن تَركَ الحبِّ خطبٌ لا يهون |
ما لهُمْ فيه مُعينونَ وما | لذَّةُ الحب إذا كان مُعين |
ميَّزَت ما بين أرباب الهوى | ودَعاويهم : وجوٌ وجُفون |
وهواكُمْ لا نَقَضْنا عهَدكُمْ | وَضمينٌ لكُمُ هذا اليمين |
ايفى النجمَ فيبقى ساهراً | مُحيياً سودَ الليالي ونخون |
شَرَعٌ في الناس والدينُ وعودٌ | عم فيها الخُلْفُ والوعدُ ديون |
أين من يُرضيكَ منه حاضِرٌ | وهو في عِرضِكَ إن غبتَ ضَنين |
فعلى الخير يقينٌ ظَنُّهُ | وعلى الشرِّ فكالظنِ اليقين |
جدِّدي كيف اطِّراحي فارساً | ولمرأى وَطَني كيفَ الحنين |
وَسلي قلبيَ لِمْ ضاقتْ به | فارسٌ وهي رياضٌ لا سُجون |
ضَحِكَت فيها من الروض وجوة ٌ | وجَرَت بالسَلْسَلِ العَذبِ عُيون |
واكتَسَتْ بالحسنِ هاماتُ الرُبى | كيفَما شاءَ لها الغيثُ الهَتون |
حبذا فارسُ من مُستوطَنٍ | عافَه وخلاّه القَطين |
أفَهذا قصرُ " فَرهادِ " الذي | جمعته مع " شيرينَ" المَنون |
مثَّلا للحبِّ دوراً طاهراً | لم يَشُبْ أثوابَه البيضَ مُجون |
ليس منه غيرُ رسمٍ دارسٍ | مُخبرٍ أنَّ رَحى الدهرِ طَحون |
أولا كسرى ولا أجنادهُ | خُلِّيَتْ منهم قِلاعٌ وحُصون |
سلَفَت فيهم سنونٌ تَرفاً | واتَتهْم بالبَلِّيات سنون |
وكذا الدهرُ على عاداتِه | إن صَفَا حِِينَ نبا والتاث حين |
جدِّدي ذكرَ بِلادي إنَّني | يهواها أبدَ الدهرِ رَهين |
انا لي دينان : دينٌ جامع ٌ | وعراقي وغَرامي فيه دِين |
القوافي أدُمُعٌ منظومةٌ | والأناشيدُ بُكاءٌ وحَنين |
كيف لا تُحزنكُم أُهزوجةٌ | كانَ من اوتارها القلبُ الحزين |
اكسُ ياربِ بلادي رحمة ً | وحناناً مثلما يُكسَى الجنين |
امحُ عنها ذُلَّ ارهاقِ العِدى | أنها ما عُوِّدَت عاراً يَشين |
يا مُدانينَ اضاعُوا وطناً | هو للحشرِ بمن فيه مدين |
اين كانَ الوطنُ المحبوبُ إذْ | قَلَّتِ الزينةُ مالٌ وبَنون |
ليسَ يخفَى أمركُم من بعِدما | قَلِّبَت منه ظُهور وبُطون |
كم يُروى منفوخةً أوداجُهُ | من نِعاجٍ هُزِلَتْ ، ذئبٌ سمين |
تَبخَس الأوطان ظلماً حقَها | ثم لا يُسترخَصُ العمرُ الثمين |
هذه بغدادُ ، هذا كرخُها | هذه دجلةُ والماءُ المَعين |
هذه الدورُ التي شيَّدها | للسَمَا " مستنصرٌ " أو " مستعين " |
كلها تُصبحُ إرثاً ضائعاً | ليَنُح" هارونُ " وليبكِ " الأمين " |
ليس تنفكُّ بلادي كلُّها | يَبَسٌ أو كلُّها ماءٌ وطين |
دجلةٌ والنيلُ والشامُ معاً | و" الصَّفا " تندُبُ شجواً و " الحَجون " |
قُطِّعَتْ أوصالُها ، وافترقتْ | فشِمالٌ ليس تدري ويَمين |