في بغداد
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
يا نسمة الريح مِن بين الرياحينِ | حيي الرُصافة عني ثم حَيّيني |
ان لم تمري على ارجاءِ شاطِئها | فلَيتَ لم تحملي نشراً لدارين |
لا تَعبَقي أبداً إلاّ مُعطّرةً | ريانةً بشَذَى وردٍ ونِسرين |
أهديت لي ذكرَ عَصرٍ قد حَييت به | من عَلَّم الريحَ أن الذكرَ يُحييني |
حيثُ الزمانُ وَريقُ العودِ رَيّقه | والدهرُ دَهرُ صباباتٍ تواتيني |
معي من الصحب يسعى كلُّ مُقتَبِلٍ | نَضْرِ الشباب طليقِ الوجهِ ميمون |
خالٍ من الهَمّ لو لامَسْتَ غُرَّته | أعداكَ واضحُ تَهليلٍ وتَحسين |
ولي الى الكرخِ من غربيِّها طَرَب | يكادُ ُمن هِزَّةٍ للكرخِ يرميني |
حيث الضفافُ عليها النخلُ متِّسقٌ | تنظيمَ أبيات شعرٍ جدِّ موزون |
وللنسيم استراقٌ في مرابعها | للخطو مَشْيٌ ثقيلُ القيد موهون |
يا ربةَ الحسن لا يُحصَى لنَحصِره | وصفٌ فكلُ معانينا كتخمين |
والله لو لا ربوعٌ قد ألِفتُ بها | عيشَ الأليفينِ أرجوها وترجوني |
وان لي من هوى أبنائها نَسَباً | دونَ العشيرة للأصحاب يَنميني |
لاخترتُها منزلاً لي أستظلُّ به | عن الجنان وما فيهن يُغنيني |
لخبَّرت كيفَ شوقُ الهائمين بها | وكيفَ صَفْقُ عذولي كفَ معبون |
اخوانُنا حيث راقَ الجَسرُ وانتظَمَتْ | الى مغانيكم أنفاسُ مَحزون |
فالشمس كل بروج الافق تصحبها | سيراً وتسري الى برج بتعيين |
سقاكُمُ ريِّقٌ من صَوب غاديةٍ | ينهلُّ عن عارض بالبشرِ مقرون |
لا تحسبوا أن بُد الدارِ يُذهلني | عنكم ولا قِصرَ الأيامِ يُنسيني |
ضِقتُمْ قلوباً لما ضمَّتْ جوانحُنا | لو كانَ يسمَحُ في نشر الدواوين |
ذاوي النبات هشيماً لستُ آمنَ من | ريح الصَّبا أنها جاءت لتذروني |
خلِّ الملامةَ في بغدادَ عاذلنتي | علامَ في شم رَوح الخُلد تَلحيني |
هل غيرُ نَفسٍ هَفَت شوقاً لمالئها | شوقاً ، يصعِّد بين الحين والحين |
أما النسيمُ فقد حَملتهُ خَبَراً | غيرُ النسيم عليه غيرُ مأمون |
ما سرَّني وفنونُ العلم ذاويةٌ | أنَّ الأفانينَ لُفَّتْ بالأفانين |
ولا الربوع وان رقَّ النسيم بها | إن كان من خَلفها أنفاسُ تِنّين |
هيهاتَ بعد رشيدٍ ما رأت رَشداً | كلا ولا أمِنَت من بعد مَأمون |
أما اللسانُ فقد أعيا الضِرابُ به | وكان جِدَّ رهيفِ الحدِّ مَسنون |