(1) |
لماذا يُلمّعني هذا السيِّدُ الأنيقُ |
كلَّ صباحٍ |
وهو يمضي إلى مهمّتهِ الغامضة |
* |
(2) |
وراءَ زجاجِ إحدى المكتباتِ |
ظلَّ صاحبي يختلسُ النظراتِ إلى وَجْهِ رجلٍ |
كان يقلّبُ كتاباً |
حين وقعتْ عيناهُ - على مُؤخّرةِ بنطلونِ صاحبي - ارتبكَ |
هل خافني الرجلُ؟! |
سألتُ صاحبي، فلكزني بحذرٍ |
أنْ أسكتَ |
لكنَّ الرجلَ الذي التفتَ فجأةً إليَّ ورآني |
اصفَرَّ وَجْهُهُ |
تركَ الكتابَ |
وانسلَّ مسرعاً بين الزِحامِ |
تاركاً صاحبي |
يبحثُ عنه بغضبٍ |
* |
(3) |
كيف يَعرِفُ - سيِّدي - يا تُرَى |
ضحيَّتَهُ |
وسطَ هذا الحشدِ من الأعناق؟ |
* |
(4) |
ذاتَ مساءٍ |
وبينما كان المطرُ ينهمرُ |
في شوارعِ المدينةِ |
أَخرجَني من دفءِ جيبِهِ |
حَرَّكَني ببرودِ أعصابٍ |
وَوَجَّهَني إلى ظهرِ رجلٍ |
كان منحنياً لالتقاطِ شيءٍ لمْ أَرَهُ |
إذ تكوّمَ الرجلُ فوقه فجأةً |
بينما اتَّسَعَتْ خطواتُ صاحبي |
* |
(5) |
بعدَ سنواتٍ من عملي |
أصبتُ بمرضٍ عضال |
فأَخَذَني صاحبي إلى دُكَّانِ رجلٍ ملطّخٍ بالزيتِ |
نظرَ لي طويلاً |
ثم قطّبَ شفتيه بأسفٍ |
متمتماً بأنَّنِي لم أعدْ أصلحُ لشيءٍ |
تركني صاحبي بلا رفَّةِ قلبٍ أو مبالاةٍ |
دون أنْ يدري أنَّهم سيرمونه مثلي ذاتَ يومٍ |
* |
(6) |
بين كومةٍ من عظامٍ وأشلاء حديديَّة |
التفَتُّ بحذرٍ |
رأيتُ حولي عشراتٍ من زملاء المهنة |
بهيئاتٍ وحشرجاتٍ مختلفةٍ |
تبادلنا أطرافَ الأحاديثِ قبلَ أنْ ننامَ |
عن جولاتِنا الليليَّةِ |
عن العيونِ التي أَطْفَأنا فيها البصيصَ |
عن الأعناقِ التي كنّا نراها مزهوّةً |
ونعجبُ |
كيف ترتجفُ أمامَنا فجأةً |
وتتلوَّى كسَنَابِل في الريحِ، |
بينما كنّا نضحكُ ؟! |
عن تلك الحياةِ الشاسعةِ التي..... |
لم تكن تعني لنا سوى ضغطةِ زناد |
* * * |