أرشيف الشعر العربي

سيرة ذاتية لكاتم صوت

سيرة ذاتية لكاتم صوت

مدة قراءة القصيدة : دقيقتان .

(1)

لماذا يُلمّعني هذا السيِّدُ الأنيقُ

كلَّ صباحٍ

وهو يمضي إلى مهمّتهِ الغامضة

*

(2)

وراءَ زجاجِ إحدى المكتباتِ

ظلَّ صاحبي يختلسُ النظراتِ إلى وَجْهِ رجلٍ

كان يقلّبُ كتاباً

حين وقعتْ عيناهُ - على مُؤخّرةِ بنطلونِ صاحبي - ارتبكَ

هل خافني الرجلُ؟!

سألتُ صاحبي، فلكزني بحذرٍ

أنْ أسكتَ

لكنَّ الرجلَ الذي التفتَ فجأةً إليَّ ورآني

اصفَرَّ وَجْهُهُ

تركَ الكتابَ

وانسلَّ مسرعاً بين الزِحامِ

تاركاً صاحبي

يبحثُ عنه بغضبٍ

*

(3)

كيف يَعرِفُ - سيِّدي - يا تُرَى

ضحيَّتَهُ

وسطَ هذا الحشدِ من الأعناق؟

*

(4)

ذاتَ مساءٍ

وبينما كان المطرُ ينهمرُ

في شوارعِ المدينةِ

أَخرجَني من دفءِ جيبِهِ

حَرَّكَني ببرودِ أعصابٍ

وَوَجَّهَني إلى ظهرِ رجلٍ

كان منحنياً لالتقاطِ شيءٍ لمْ أَرَهُ

إذ تكوّمَ الرجلُ فوقه فجأةً

بينما اتَّسَعَتْ خطواتُ صاحبي

*

(5)

بعدَ سنواتٍ من عملي

أصبتُ بمرضٍ عضال

فأَخَذَني صاحبي إلى دُكَّانِ رجلٍ ملطّخٍ بالزيتِ

نظرَ لي طويلاً

ثم قطّبَ شفتيه بأسفٍ

متمتماً بأنَّنِي لم أعدْ أصلحُ لشيءٍ

تركني صاحبي بلا رفَّةِ قلبٍ أو مبالاةٍ

دون أنْ يدري أنَّهم سيرمونه مثلي ذاتَ يومٍ

*

(6)

بين كومةٍ من عظامٍ وأشلاء حديديَّة

التفَتُّ بحذرٍ

رأيتُ حولي عشراتٍ من زملاء المهنة

بهيئاتٍ وحشرجاتٍ مختلفةٍ

تبادلنا أطرافَ الأحاديثِ قبلَ أنْ ننامَ

عن جولاتِنا الليليَّةِ

عن العيونِ التي أَطْفَأنا فيها البصيصَ

عن الأعناقِ التي كنّا نراها مزهوّةً

ونعجبُ

كيف ترتجفُ أمامَنا فجأةً

وتتلوَّى كسَنَابِل في الريحِ،

بينما كنّا نضحكُ ؟!

عن تلك الحياةِ الشاسعةِ التي.....

لم تكن تعني لنا سوى ضغطةِ زناد

* * *

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (عدنان الصائغ) .

علو

أشباح

ساحة ميسلون…

انطفاء

تنويعات


فهرس موضوعات القرآن