طاسلوجةُ؛ والغربةُ والريحُ… وآخر مصباحٍ يُطْفَأُ في الليلِ دمي… |
هل أَغْفَتْ سيِّدتي الآنَ؟ … (على الرفِّ مُسَوَّدَةُ الديوانِ تَئِنُّ من البردِ) |
وقلبي ما زال كأوراقِ الصَفْصَافِ يئِنُّ من الريحِ |
وهل أسدلتِ الأستارَ الورديةَ؟ (أَلتحفُ البطانيّاتِ الخمسَ، |
ولكنَّ البردَ لعينٌ ينسلُّ إليَّ، ويحرمني النومَ) |
وغيركَ – يا ابن الصائغ – يلتحفُ الـ... !! |
يتقلّبُ من ثقلِ التخمةِ.. |
(ما لكَ والناس |
تقلّبْ ما شئتَ من الحرمانِ!...) |
وهل تَعرِفُ سيِّدتي – اذ تغفو – |
لِمَ يبقى المصباحُ الأحمرُ، في رُكْنِ الغرفةِ |
مرتعشاً، |
ووحيداً، |
يرنو – عن كَثَبٍ – للثوبِ المحسورِ عن الغاباتِ العذراءِ ويَنْـزِفُ...! |
(كان النجمُ يلامسُ روحي، يرعى في أعشابِ الجبلِ المتدثّرِ بالثلجِ، ويشربُ – هلْ يظمأُ مثلي؟ - من نبعٍ صافٍ في أقصى القريةِ |
تغتسلُ القرويّاتُ على ضِفَّتِهِ المحفوفةِ بالأشجارِ |
ويُصغي – من مخبئهِ – لأغانيهنَّ العابثةِ المجنونةِ |
أحياناً يتسلّلُ بين الأحجارِ، وئيداً، مُحتَرِقاً، يلتصُّ النظراتِ إليهنَّ.. ويَحْلُمُ...!!)... |
القرويَّةُ تَخرُجُ للمرعى كلَّ صباحٍ |
نَخرُجُ من موضعنا نتدفّأُ بالشمسِ، وننشرُ فوق جُذُوعِ البلّوطِ ملابسَنا المبتلّةَ والبطانيّاتِ... |
- صباحَ البهجةِ، فاضل يونس... |
ما أحلى شمسَ بلادي |
ما أحلى العُشْبَ ينفّضُ عنه ندى الليلِ |
وفي كسلٍ يَتَمَطَّى، اذْ تُوقِظُهُ أقدامُ الجندِ |
وما أحلى كركرةَ القرويّاتِ يطاردنَ الغَنَمَ السارحَ |
أو يحمِلنَ جرارَ الماءِ الى البيتِ |
وما أعذبَ هذا النبعَ المترقرقَ من روحي... |
حين يفيضُ قصائدَ حبٍّ تَسَعُ العالمَ |
(كنتُ أُحدِّثُ هذا الجبلَ العالي عن حالِ الدُنيا |
فأراه.. |
في اليومِ التالي، مشتعلاً بالشيبِ كرأسي |
قلتُ أما تُشْجِيكَ الدبكاتُ الكرديةُ والزفّةُ والموّالُ المنسلُّ وحيداً، مرتعشاً، من بيتٍ ناءٍ يتغنّى لحبيبته في الزفّةِ، باعتْ أحلى خفقاتِ أغانيه بسَيَّارةِ شوفرليت وقصرٍ عالٍ.. آه..) |
هَلُمْنَ صبيَّاتِ القريةِ |
واحملنَ جرارَ الوجدِ إلى بيتِ الشاعرِ، هذا المنفيّ وحيداً – في طاسلوجةِ – مغترباً |
يتغنّى بضَفائرِ محبوبتهِ "ميم".. وجسرِ الكوفة.. |
فسينشدكنَّ أغانٍ |
لمْ يتغزَّلْ فيها شيركو بيكه س أو أحمدي خاني! |
* * * |
21/11/1984 طاسلوجة - السليمانية |