يا عينُ ؛ أما لهذا الحادثِ الجلل
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
يا عينُ ؛ أما لهذا الحادثِ الجلل | شقي غمامكِ عن مسترسل هطلِ ؛ |
وفجري منْ ينابيع الدموع إذاً | بحراً ولاتقنعي منهنّ بالوشلِ |
والنوم لا تصليه واهجريه أسى ً | فالسهدُ في مثلهِ فرضٌ على المقل ؛ |
وأنتَ يا قلبُ إن لم تنصدعْ أسفاً | بينَ الضلوع فسرْ عنهنَّ وانتقلِ ؛ |
وأنتَ يا صبرُ ولي الظهرَ منهزماً | فقدْ أتتكَ جيوشُ الحزنِ عنْ كملِ ؛ |
فقد رزينا بمنْ هدتْ لمصرعها | شمّ الشوامخ وانهدت ذرى القللِ ؛ |
شمسُ الظهيرة ؛ إلا أنها أبداً | ما استوطنتْ قطّ إلا دارة الحملِ |
غابت فأصبحَ ظلّ الجود منتقلاً ؛ | وهل سمعتَ بظلًّ غيرِ منتقل |
وأسعرتْ إذ تولت في جوانحنا | حربا تحدث عن صفين والجمل |
وقامَ كلّ نبيهِ القدرِ يندبها | بكلّ مبتكر الألفاظ مرتجلِ |
منْ للأراملِ والأيتام يوسعهم | بذلاً إذا ضنّ كفُّ الغيث بالبللِ |
ومن يجير طريد الحادثات ومنْ | يرجى لتصديقِ حسنِ الظنّ والأملِ |
ومن يجود على العافين إن وقفوا | من رسم إحسانها العافي على طللِ |
كم لوعة ٍ أودعتْ إذ ودعتْ وأسى ً | يزولُ منها ثبيرُ وهيَ لم تزل ؛ |
بكتْ عيونُ المعاني بعدها حزناً | وكشرّ الدهر عن أنيابه العظلِ |
فانفِ المنامَ وقل للدهر نمْ ؛ فلقدْ | رميتَ يا دهر كفَّ المجد بالشلل ؛ |
وقد فتكتَ بشمسٍ لو تقاسُ بها | شمسُ الظهيرة لم تنحط عن زحلِ ؛ |
وروضة لم تحاذرْ بطشَ حارسها | وطالما منعتْ بالبيض والأسل ؛ |
وقد تعمدتَ إرغامَ الأنوفِ بما | أبديتَ من خطأٍ محضٍ ومن خطلِ |
جليلة القدرِ فازتْ عند خالقها | بحسنِ ما ادخرتْ من صالحِ العمل ؛ |
وأسكنتْ جنة الفردوسِ خالدة ً | تميسُ في حبرِ الرضوان والحللَ ؛ |
عقيلة المجد ؛ ما بين النبيّ زكتْ | أصلاً ؛ وبين أمير المؤمنين علي |
أم الحسين الذي سارتْ مكارمه | في الخافقين مسيرَ الشمس والمثلِ ؛ |
ملكٌ لديه عهودُ الجودِ محكمة ٌ | يحولُ صبغ الليالي وهي لم تحل ؛ |
تقصر الصيدُ عن إدراكِ غايتهِ | سعياً ويدركها مشياً بلا عجلِ |
إن تلقهُ تحظّ منه في ندى ً وردى ً | بالزاخرِ العذب أو بالفارسِ البطلِ ؛ |
من معشرٍ ثاقبي الأحساب همتهمْ | بلوغُ غاية مجد السادة الأولِ ؛ |
من سائري الذكر في شامٍ وفي يمنٍ ؛ | من باذلي الجودِ في حافٍ ومنتعلِ ؛ |
من حافظي الدين من رأي الغلاة ِ وما | عساهُ ينجمُ من زيغٍ ومنْ زللِ |
منْ كاشفي ظلم الجلى برأيهمُ | إذا تجهم وجهُ الحادثِ الجللِ ؛ |
منْ قائدي الجيش مثل البحرِ ملتطماً | مسيرهُ من غمام النصر في ظللٍ |
من واهبي البيضِ والسمر الذوابلِ قد | ضمتْ إليها كرام الخيلِ والإبلِ ؛ |
من مالكي الملكِ في الدنيا بأجمعها | فما لهم فيه بعدَ الله من مثلِ ؛ |
منْ موردي بيضهمْ هام الكماة ِ فما | تنفكّ في عللٍ منها وفي نهلِ ؛ |
منْ مصدري سمرهمْ عوجَ الكعوبِ بما | تفضُّ من حلق الأدراع في الوهلِ |
لكنهم كفلوا تثقيفها أبداً | إذا انثنتْ بلظى ً للحرب مشتعلِ |
قومٌ أقاموا حدودَ الله وابتدروا | بالمشرفية ِ والعسالة ِ الذبلِ |
يستوطنونَ ظلالَ النقعِ يومَ وغى ً | ويصحبون القنا فيهِ بلاَ مللِ ؛ |
رجحٌ ؛ كأنهمُ لم يعرفوا أبداً | من الكلام سوى خذْ ما تشا وسلِ ؛ |
تضيءُ في دولِ الإسلامِ دولتهم | كأنها غرة ٌ في جبهة الدولِ ؛ |
وكم بدولتهم منْ دولة ٍ نسختْ ؛ | كأنها ملة الإسلام في المللِ |
وجدتُ فيهم مكانَ القولِ ذا سعة ٍ | فإن وجدتَ لسانا قائلا فقلِ |
لمْ لاَ نشاركهم في الحادثاتِ وقد | صرنا نشاركهم في المالِ والخولِ ؛ |
صلى الإلهُ عليهم ما سرى قمرٌ | في الأفق بعدَ أبيهم خاتمِ الرسلِ . |