طافَ الخيالُ وعن ذكراك ما طافا
مدة
قراءة القصيدة :
37 دقائق
.
طافَ الخيالُ وعن ذكراك ما طافا | فكان أكرمَ طيفٍ طارقٍ ضافا |
طيفٌ عَراني فحياني وأتْحفني | بالنرجس الغضَّ والتفاح إتحافا |
عينانِ جاورتا خدَّين ما خُلِقا | |
إلا شقاءً يراه الغِرُّ إترافا | |
وكم ألمَّ فأهدتْ لي محاسنُه | من الفواكه والريحان أصنافا |
رُمانَ عدنٍ وأعناباً مهدَّلة ً | وأقُحواناً يُسقَّى الراحَ رفَّافا |
ويانعاً من جَنى العُنَّاب تُتبعه | قلب المودَّع تذكارا وتأْسافا |
أسرى بأنواع ريحانٍ وفاكهة | يأْبينَ قطفاً وإن خيَّلن إقطافا |
للَّه ضيفُك من ضيف قَرَى نُزلاً | من الغرور عميدَ القلب مِكلافا |
قِرى ً هو البرحُ إعقاباً وإن وجدتْ | منه النفوسُ مذاق العيش إسلافا |
أقرَّ عينيَّ في ليلى وصبَّحني | وجداً أفاضهما بالماء شفَّافا |
لا خيرَ في قُرَّة ٍ للعين مُعقبة ٍ | دمعاً يخدِّد في الخدين ذرَّافا |
أعجِبْ بوجدِ مزورٍ قاد زائرَهُ | بل لم تزل ذِكَرٌ يجلبن أطيافا |
هبَّ الضميرُ ونام الطرف فاجتلبتْ | ذكراك والنومُ زَوْراً طالماً جافى |
صافيته فحباك النومُ زورتَه | وكان ذلك حقُّ النُّبه لو صافى |
وافاكَ والليلُ قد ألقى مراسيه | خيالُ من ليس بالوافي ولو وافى |
في شيعة ٍ كالنجوم الزهر معتمة ً | أحدقْن بالبدر أشباهاً وألاّفا |
بيضٍ كُسينَ حُلياً لا كِفاء لها | حُسناً فأكْسفنها بالحسن إكسافا |
شُبهن بالدرِّ إذ أُلبسن فاخِرهُ | بل كن دُرّاً وكان الدر أصدافا |
يا حسنَ ليلٍ وإصباح جمعنهما | والليلُ مُلقٍ على الآفاق أكنافا |
غُرٌّ تجلَّلنْ أسدافاً مرجلة ً | على وجوه وِضاءٍ جُبن أسدافا |
ومِسْنَ في حُللِ الأفوافِ عاطرة ً | فخلتُهنَّ لَبسن الروض أفوافا |
من كل مجدولة ٍ إن أقبلتْ عطفتْ | أعطافُها من قلوبِ الناس أعطافا |
وإن تولَّتْ فرَيّا الخَلقِ تُتبعها | أرادفها من قلوبِ الناس أردافا |
لو أنَّ لي عند من أحببتُه مِقة ً | لَصدّق الحُلمَ إلثاماً وإرشافا |
لكنَّ هيفاءَ تلقى اللَّه صادية ً | إلى الدِّماء التي حُرِّمن مهيافا |
تَبّاً لحكم الغواني والمُقرِّبه | فما رأى فيه راءٍ قَطُّ إنصافا |
أُسعِفن بالمُلك عفواً فائْتلين معاً | أنْ لا يرى طالبٌ منهم إسعافا |
يا سائلي بالغَواني من صبابته | سائلْ بهنَّ فقد صادفتَ وَصَّافا |
هنَّ اللواتي إذلاقيتَهن ضُحى ً | لاقيتَ صَداً وإشراقاً وإخطافا |
مثل السيوفِ إذا لاقيتَ مُصْلَتها | لاقيتَ حداً وإمهاءً وإرهافا |
أرضيْننا حسن قدٍّ زانه بشَرٌ | صافٍ وأسخطتنا مطلاً وإخلافا |
بخلن عنَّا بما يسألنَ من وتَح | نزرٍ وأجحفن بالألباب إجحافا |
وإنني للَذي غادرنَه عُطُلا | بغير لبٍّ وإن أحسنتُ أوصافا |
أَسْقمن قلبي بألوانٍ مصحَّحة ٍ | وأعينٍ أُدِنفتْ بالغنج إدنافا |
يا مُكذباً ليَ في دعوايَ شكَّكه | أن فتَّر الدمعُ وبْلا منه وَكَّافا |
بواطنُ الحبِّ أدهَى من ظواهره | كما علمتَ وشرُّ الداء ما اجتافا |
ما للأحبة ِ قد ضمَّن صَبْوتنا | بعد الإنابة سِكِّيتاً وهتَّافا |
طوراً حماماً وطوراً منزلاً خَرِساً | ما لم ترجِّع به الأرواحُ زَفزافا |
أو طارقاً في حريم النوم يطرقُنا | أو بارقاً لعزاء القلب خطَّافا |
أو حنَّة ً من حنين النِّيبِ ما برحتْ | تَهيج للصبِّ أبراحاً وأشعافا |
كلٌّ يُجدُّ لنا شجواً يذكرنا | إلفاً فيمنحُنا الأحزانَ أُلاّفا |
لا تعجبنَّ لمرزوقٍ أخي هَوجٍ | حظّاً تخطَّى أصيل الرأي طَرافا |
فخالقُ الناس أعراءً بلا وبرٍم طافَ الخيالُ وعن ذكراكِ ما طافا | فكان أكرمَ طيفٍ طارقٍ ضافا |
طيفٌ عَراني فحياني وأتْحفني | بالنرجس الغضَّ والتفاح إتحافا |
عينانِ جاورتا خدَّين ما خُلِقا | إلا شقاءً يراه الغِرُّ إترافا |
وكم ألمَّ فأهدتْ لي محاسنُه | من الفواكه والريحان أصنافا |
رُمانَ عدنٍ وأعناباً مهدَّلة ً | وأقُحواناً يُسقَّى الراحَ رفَّافا |
ويانعاً من جَنى العُنَّاب تُتبعه | قلب المودَّع تذكارا وتأْسافا |
أسرى بأنواع ريحانٍ وفاكهة | يأْبينَ قطفاً وإن خيَّلن إقطافا |
للَّه ضيفُك من ضيف قَرَى نُزلاً | من الغرور عميدَ القلب مِكلافا |
قِرى ً هو البرحُ إعقاباً وإن وجدتْ | منه النفوسُ مذاق العيش إسلافا |
أقرَّ عينيَّ في ليلى وصبَّحني | وجداً أفاضهما بالماء شفَّافا |
لا خيرَ في قُرَّة ٍ للعين مُعقبة ٍ | دمعاً يخدِّد في الخدين ذرَّافا |
أعجِبْ بوجدِ مزورٍ قاد زائرَهُ | بل لم تزل ذِكَرٌ يجلبن أطيافا |
هبَّ الضميرُ ونام الطرف فاجتلبتْ | ذكراك والنومُ زَوْراً طالماً جافى |
صافيته فحباك النومُ زورتَه | وكان ذلك حقُّ النُّبه لو صافى |
وافاكَ والليلُ قد ألقى مراسيه | خيالُ من ليس بالوافي ولو وافى |
في شيعة ٍ كالنجوم الزهر معتمة ً | أحدقْن بالبدر أشباهاً وألاّفا |
بيضٍ كُسينَ حُلياً لا كِفاء لها | حُسناً فأكْسفنها بالحسن إكسافا |
شُبهن بالدرِّ إذ أُلبسن فاخِرهُ | بل كن دُرّاً وكان الدر أصدافا |
يا حسنَ ليلٍ وإصباح جمعنهما | والليلُ مُلقٍ على الآفاق أكنافا |
غُرٌّ تجلَّلنْ أسدافاً مرجلة ً | على وجوه وِضاءٍ جُبن أسدافا |
ومِسْنَ في حُللِ الأفوفِ عاطرة ً | فخلتُهنَّ لَبسن الروض أفوافا |
من كل مجدولة ٍ إن أقبلتْ عطفتْ | أعطافُها من قلوبِ الناس أعطافا |
وإن تولَّتْ فرَيّا الخَلقِ تُتبعها | أرادفها من قلوبِ الناس أردافا |
لو أنَّ لي عند من أحببتُه مِقة ً | لَصدّق الحُلمَ إلثاماً وإرشافا |
لكنَّ هيفاءَ تلقى اللَّه صادية ً | إلى الدِّماء التي حُرِّمن مهيافا |
تَبّاً لحكم الغواني والمُقرِّبه | فما رأى فيه راءٍ قَطُّ إنصافا |
أُسعِفن بالمُلك عفواً فائْتلين معاً | أنْ لا يرى طالبٌ منهم إسعافا |
يا سائلي بالغَواني من صبابته | سائلْ بهنَّ فقد صادفتَ وَصَّافا |
هنَّ اللواتي إذلاقيتَهن ضُحى ً | لاقيتَ صَداً وإشراقاً وإخطافا |
مثل السيوفِ إذا لاقيتَ مُصْلَتها | لاقيتَ حداً وإمهاءً وإرهافا |
أرضيْننا حسن قدٍّ زانه بشَرٌ | صافٍ وأسخطتنا مطلاً وإخلافا |
بخلن عنَّا بما يسألنَ من وتَح | نزرٍ وأجحفن بالألباب إجحافا |
وإنني للَذي غادرنَه عُطُلا | بغير لبٍّ وإن أحسنتُ أوصافا |
أَسْقمن قلبي بألوانٍ مصحَّحة ٍ | وأعينٍ أُدِنفتْ بالغنج إدنافا |
يا مُكذباً ليَ في دعوايَ شكَّكه | أن فتَّر الدمعُ وبْلا منه وَكَّافا |
بواطنُ الحبِّ أدهَى من ظواهره | كما علمتَ وشرُّ الداء ما اجتافا |
ما للأحبة ِ قد ضمَّن صَبْوتنا | بعد الإنابة سِكِّيتاً وهتَّافا |
طوراً حماماً وطوراً منزلاً خَرِساً | ما لم ترجِّع به الأرواحُ زَفزافا |
أو طارقاً في حريم النوم يطرقُنا | أو بارقاً لعزاء القلب خطَّافا |
أو حنَّة ً من حنين النِّيبِ ما برحتْ | تَهيج للصبِّ أبراحاً وأشعافا |
كلٌّ يُجدُّ لنا شجواً يذكرنا | إلفاً فيمنحُنا الأحزانَ أُلاّفا |
لا تعجبنَّ لمرزوقٍ أخي هَوجٍ | حظّاً تخطَّى أصيل الرأي طَرافا |
فخالقُ الناس أعراءً بلا وبرٍه | كاسِي البهائم أوباراً وأصوافا |
مازلتُ أعرفُ أهلَ العجز في دَعَة ٍ | لا يكلَفون وأهلَ الكَيْس كُلاَّفا |
أما ترى هذه الأنعام قد كُفيت | فما تُساومُ بالأخفاف خُفَّافا |
يكفي أخا العَجز ما يقضي القديرُ به | من لا ترى منه عند الحكم إجنافا |
وكلبِ خصبٍ زهاه الحظ قلتُ له | لا تستوي والأسودَ السودَ غُضَّافا |
أطغاكَ جهلٌ بما أعطتْكَ مرحمة ٌ | قدِماً أطالتْ على الحُرَّاص رفرافا |
دع من قوافيك ما يكفيكَ إن لها | في مدحِ أحمدَ إعناقاً وإيجافا |
فامدح به الشعرَ مدحاً تستفيد به | وفْراً وتكبِتُ حُسَّاداً وشُنَّافا |
أضحى أبو جعفر الطائيُّ منتجَعاً | ومستجاراً لمن رجَّى ومن خافا |
قَرمٌ إياسٌ وأوسٌ من عشيرته | وحاتمٌ كَرُم السُّلافُ سُلافا |
تقدموا وعَلوا قِدماً وشُمّ بهم | رَوْح الحياة ِ فكان القومُ أُنافا |
كانوا مراعيَ للأرباع مُمرعة ً | في كلِّ حينٍ وللمرتاعِ أكهافا |
سُلاَّفُ صدقٍ فلا زال المليكُ لهم | بمثل أحمدَ في الخُلاَّف خَلاَّفا |
أغرُّ أبلجُ ما ينفكُّ مُعتقلاً | للحمد مبتذلاً للمال مِتلافا |
مُسَهِّلاً سُبل الجدوى لطالبها | لِعرضه ولدين اللَّه ظَلاَّفا |
أزمانُه بنداه الغَمرِ أَشْتية ٌ | وإن غدتْ بجناه الحلو أصيافا |
كأنه والعُفاة َ الطائفين به | بنيَّة ُ اللَّه والحجاج طُوافا |
أفردْتُه برجائي وانفردتُ به | وظل قومٌ على الأوثان عُكَّافا |
يدعون من لا يُجيب الهاتفين به | وإن أمَلُّوه تَدْعاءً وتهتافا |
ألفيت من خالص الياقوت جوهرَه | لما وجدتُ صنوف الناس أخزافا |
يُضحي إذا خَزِي المَدّاحُ مادُحه | كذائف المسك لا يُخزيه ما ذافا |
كم حالبينَ ضُروعَ العيش دِرَّته | يَمرون منهن ضرَّاتٍ وأخلافا |
لولا أبو جعفر الطائي ما مُنحوا | إلا قروناً من الدنيا وأظلافا |
سَهْلُ الخليقة ِ لم يَشْرك سياسته | عنفٌ وإن كان بالمِلحاح مِعنافا |
إذا المصاعيبُ لم تُركَبْ تجلَّلها | قسراً فأعطت مع الإركاب إردافا |
ما نعرفُ الوعدَ والإيعادَ من رجلٍ | سواه إلا أمانياً وإرجافا |
مُنابذ لأعاديه وثروتِه | فليس يألُوهما ما اسطاع إتلافا |
ممن يرى المنعَ إسرافاً وحُقَّ له | أليس ما يُتلف الأعراضَ إسرافا |
إذا لوى القومُ يوماً دَين مادِحهِم | أعطى عطاياهُ قبل المدح إسلافا |
إلى ذَرَاه أنيخت بعد متعبة ٍ | أنضاءُ رَكبٍ أملُّوا الأرض تطوافا |
ثم استُثيرتْ فثارت وهي مُثقلة ٌ | وقد أتته تُباري الريحَ أحفافا |
أمسى أبا منزلٍ والجودُ خادِمَه | والأرضُ داراً له والناس أضيافا |
أوْلى المضيفين بالدفء الملوذ به | مشتى ً وأجدرهم بالظلِّ مُصطافا |
يُرعي العفاة َ رياض العُرفِ مؤتنفاً | بهم ويرعَى رياض الحمد مِئنافا |
أضحتْ سياستُه رصْفاً ونائلهُ | نثراً فأنطق نثَّاراً ورصَّافا |
سما فحلّق منه أجدلٌ لَحِمٌ | لما أسفَّت بَغاثُ الطير إسفافا |
من العِتاق يُجلِّي قَشْعماً دَرِباً | حتى إذا ما استبان انقضَّ غِطرافا |
ما زال فاروقَ ما التفت شواكلُهُ | وللجيوش بشرواهنَّ لفَّافا |
لم تستمع قطُّ ذكراه ولم تره | إلا تواضعتَ واسوضعتَ إشرافا |
ألقى إليه أمين اللَّه حرْبته | فصادفتْ منه لَقْف الكفِّ لقَّافا |
مظفَّراً هزَّ عِطفيْها مُظفَّرة ً | إذا تلقَّت صدوراً صرن أكتافا |
منصورة ً في يدٍ منصورة ٍ أبداً | من مُحرِبٍ لم يزل في الروع دلاَّفا |
يُغشي القناة قناة َ الظهر معتمداً | على القناتين قَصَّاماً وقصَّافا |
مصمِّماً غير وقافٍ وآونة ً | تلقاه عند حدود اللّه وقَّافا |
ما انفكَّ يقتل مُرَّاقا ويأسِرهم | أمضَى من الحَيْن أرماحاً وأسيافا |
حتى غدا الطَرفُ الأقصى به وسطاً | من بعد ما كانت الأوساطُ أطرافا |
أجْلى السِّباع وأخلى كلَّ مَسْبعة ٍ | فغادر الأرضَ أحراماً وأخيافا |
ثم استهلَّ على الدنيا بنائله | حتى غدتْ فلواتُ الأرض أريافا |
لا يوهن اللَّه بطشاً منه تعرفُهُ | مُزلزلاً بأعادي اللَّه خَسَّافا |
ولا يَغِضْ ماء كفٍّ منهُ ممطرة ٍ | تُساجل المزنَ تهطالا وتَوْكافا |
إذا رمى أحمدُ الطائي طائفة ً | أضحت مَقاتلها للنبل أهدافا |
وإن سقى أرضَ أُخرى صَوْب راحته | هزَّتْ جِناناً من النعماء ألفافا |
ظهيرُ صِدق إذا آخيَّة ٌ ضعُفت | وزادها ظُهراء السوء إضعافا |
عمَّ التدابيرَ إلطافاً يرد به | على الأواخيِّ إثخاناً وإكثافاً |
راخَى خناق بني اللأْواء كلِّهم | وشدَّ آساس ملك كنَّ أجرافا |
أخو عطايا إذا ماشاء بدَّلها | ضرباً يخذف بالأوصال خذرافا |
وراء بيض أياديه إذا غُمِطتْ | بيضٌ يطيحُ بها بيضاً وأقحافاً |
إن سالمَ استنزل الأرزاق واسعة | أو حارب اتَّخذ المقدار سيَّافا |
سائل صديقاً عن الطائي هل ذهبتْ | دماءُ قتلاه أو جرحاه أطلافا |
ألم ترَ القتلَ أقوى طائعين له | عقوبة ً لم يقارف فيه أحيافا |
يداً خؤوناً ورجلاً منه أقسمتا | تَستعملان طَوال الدهر إسكافا |
وإن يكن كان أردى مُفلِحاً عَرَضاً | فقد تَصيبُ سهامُ الدهرِ خطرافا |
وقد يَميل على من كان مال له | ويُعقِب البؤسَ من غذَّاة سرهافا |
أردى كُليباً لجسّاسٍ وكان له | ربّاً وأعدَى على بِسطامَ شِرخافا |
واسألْ به فارساً إذ سار تطلبه | سيراً حثيثاً يغول الأرضَ خَشَّافا |
في فيلقٍ بات في الظلماء كوكبَها | يَهْدي وأصبح للأبصار طرَّافا |
ففوَّز اللُّص حتى قاد من معه | وكلُّ مالٍ إذا ضيَّعتَه سافا |
من بعد ما كَلبوا جوعاً فكلُّهُم | أضحى ظليماً بشري الدوِّ نقَّافا |
جاروا عن القصد فاستنهاهُمُ حكمٌ | عدلٌ وما جار في حكم ولا حافا |
وانحازَ عن بِددٍ منهم وما ادَّكرتْ | خيلُ الأميرِ أواريّا وأعلافا |
لكي تطاردَ كي يغترَّ مارقة ً | أخرى إذا ما دهاها كرَّ عطافا |
وللهنَاتِ لِقاحٌ ليس يعرفه | عَيرٌ وإن كان للأبوال كرافا |
تحت الأمورِ أمورٌ لو تبيَّنها | عَيرُ الفلاة ِلأضحى العير خضَّافا |
ما كان دهرُ قصيرْ جدْعَ مَعْطسه | لمَّا أطفَّ له موساه إطفافا |
لكن أراد به أمراً فأدركه | ولم يُردِّد على مافات إلهافا |
فلينتظر فارسٌ أورادَ عائدة ٍ | لا يستطيع لها الزوَّادُ كفْكافا |
وأين يهربُ من خيلٍ تَخالُ بها | عقبانَ مُبردَة يطلبن إلجافا |
دوَّخن شيبان أمّاً في رؤوسهمُ | تُدوي الطبيبَ إذا أغشاه مجرافا |
وقلن ذوقوا جَنَاكم إن جانَيكُمْ | ما زال للحنظلِ الخُطبان نقافا |
كم جاهلٍ كان بالطائي جرَّبه | صِلاًّ إذا طلب الأعداء زحَّافا |
يحرِّم الغسلَ إيلاءً ويُطلقه | بِرّاً فيوخفه بالثأر إيخافا |
ووقعة ٍ منه في الأعرابِ قد جعلتْ | أوطانَهم إسوة َ الأحقاف أحقافا |
تحالفوا مذ تحدَّاهم فخلتُهُم | على الهزائم لا الإقدامِ أحلافا |
ظلوا قتيلاً ومصفوداً وذا هربٍ | تقضي بإدراكه الطير التي اعتافا |
أسيرُ قتلٍ وإن أضحى طليق يدٍ | قد أزهقت نفسه الآجالُ إزهافا |
ومن سرتْ نقمُ الطائي تطلبه | ألفى الذي وعدته الفوتَ مخلافا |
يا هارباً منه إن الليلَ غاشية ٌ | لا بدّ منها وإن أوشكت إحصافا |
كيف النَّجاء لناجٍ من أخي طلبٍ | مثل الظلام إذا ما عمَّ أغدافا |
كأنما كلّ نفسٍ حين يطلبُها | قد أُعلقت سبباً منه وخُطَّافا |
فاطلبْ رضاه وأيقن أن سخْطته | لا حِرز منها إذا طوفانُها طافا |
تلقَ ابن حُرَّين لا تلقاه مُجترِماً | فَظّاً على مستميح العفو حَلافا |
بل سيداً قُرنت بالحلمِ حفظتُه | فلم تفز قطُّ إلا كان مِيقافا |
يَهمُّ بالطَّول همَّامٌ به عجلاً | وإن أراد عِقابا كفَّ كفافا |
يسوسُ نفساً على الأغياظ صابرة ً | مص طافَ الخيالُ وعن ذكراكِ ما طافا |
فكان أكرمَ طيفٍ طارقٍ ضافا | طيفٌ عَراني فحياني وأتْحفني |
بالنرجس الغضَّ والتفاح إتحافا | عينانِ جاورتا خدَّين ما خُلِقا |
إلا شقاءً يراه الغِرُّ إترافا | وكم ألمَّ فأهدتْ لي محاسنُه |
من الفواكه والريحان أصنافا | رُمانَ عدنٍ وأعناباً مهدَّلة ً |
وأقُحواناً يُسقَّى الراحَ رفَّافا | ويانعاً من جَنى العُنَّاب تُتبعه |
قلب المودَّع تذكارا وتأْسافا | أسرى بأنواع ريحانٍ وفاكهة |
يأْبينَ قطفاً وإن خيَّلن إقطافا | للَّه ضيفُك من ضيف قَرَى نُزلاً |
من الغرور عميدَ القلب مِكلافا | قِرى ً هو البرحُ إعقاباً وإن وجدتْ |
منه النفوسُ مذاق العيش إسلافا | أقرَّ عينيَّ في ليلى وصبَّحني |
وجداً أفاضهما بالماء شفَّافا | لا خيرَ في قُرَّة ٍ للعين مُعقبة ٍ |
دمعاً يخدِّد في الخدين ذرَّافا | أعجِبْ بوجدِ مزورٍ قاد زائرَهُ |
بل لم تزل ذِكَرٌ يجلبن أطيافا | هبَّ الضميرُ ونام الطرف فاجتلبتْ |
ذكراك والنومُ زَوْراً طالماً جافى | صافيته فحباك النومُ زورتَه |
وكان ذلك حقُّ النُّبه لو صافى | وافاكَ والليلُ قد ألقى مراسيه |
خيالُ من ليس بالوافي ولو وافى | في شيعة ٍ كالنجوم الزهر معتمة ً |
أحدقْن بالبدر أشباهاً وألاّفا | بيضٍ كُسينَ حُلياً لا كِفاء لها |
حُسناً فأكْسفنها بالحسن إكسافا | شُبهن بالدرِّ إذ أُلبسن فاخِرهُ |
بل كن دُرّاً وكان الدر أصدافا | يا حسنَ ليلٍ وإصباح جمعنهما |
والليلُ مُلقٍ على الآفاق أكنافا | غُرٌّ تجلَّلنْ أسدافاً مرجلة ً |
على وجوه وِضاءٍ جُبن أسدافا | ومِسْنَ في حُللِ الأفوفِ عاطرة ً |
فخلتُهنَّ لَبسن الروض أفوافا | من كل مجدولة ٍ إن أقبلتْ عطفتْ |
أعطافُها من قلوبِ الناس أعطافا | وإن تولَّتْ فرَيّا الخَلقِ تُتبعها |
أرادفها من قلوبِ الناس أردافا | لو أنَّ لي عند من أحببتُه مِقة ً |
لَصدّق الحُلمَ إلثاماً وإرشافا | لكنَّ هيفاءَ تلقى اللَّه صادية ً |
إلى الدِّماء التي حُرِّمن مهيافا | تَبّاً لحكم الغواني والمُقرِّبه |
فما رأى فيه راءٍ قَطُّ إنصافا | أُسعِفن بالمُلك عفواً فائْتلين معاً |
أنْ لا يرى طالبٌ منهم إسعافا | يا سائلي بالغَواني من صبابته |
سائلْ بهنَّ فقد صادفتَ وَصَّافا | هنَّ اللواتي إذلاقيتَهن ضُحى ً |
لاقيتَ صَداً وإشراقاً وإخطافا | مثل السيوفِ إذا لاقيتَ مُصْلَتها |
لاقيتَ حداً وإمهاءً وإرهافا | أرضيْننا حسن قدٍّ زانه بشَرٌ |
صافٍ وأسخطتنا مطلاً وإخلافا | بخلن عنَّا بما يسألنَ من وتَح |
نزرٍ وأجحفن بالألباب إجحافا | وإنني للَذي غادرنَه عُطُلا |
بغير لبٍّ وإن أحسنتُ أوصافا | أَسْقمن قلبي بألوانٍ مصحَّحة ٍ |
وأعينٍ أُدِنفتْ بالغنج إدنافا | يا مُكذباً ليَ في دعوايَ شكَّكه |
أن فتَّر الدمعُ وبْلا منه وَكَّافا | بواطنُ الحبِّ أدهَى من ظواهره |
كما علمتَ وشرُّ الداء ما اجتافا | ما للأحبة ِ قد ضمَّن صَبْوتنا |
بعد الإنابة سِكِّيتاً وهتَّافا | طوراً حماماً وطوراً منزلاً خَرِساً |
ما لم ترجِّع به الأرواحُ زَفزافا | أو طارقاً في حريم النوم يطرقُنا |
أو بارقاً لعزاء القلب خطَّافا | أو حنَّة ً من حنين النِّيبِ ما برحتْ |
تَهيج للصبِّ أبراحاً وأشعافا | كلٌّ يُجدُّ لنا شجواً يذكرنا |
إلفاً فيمنحُنا الأحزانَ أُلاّفا | لا تعجبنَّ لمرزوقٍ أخي هَوجٍ |
حظّاً تخطَّى أصيل الرأي طَرافا | فخالقُ الناس أعراءً بلا وبرٍ |
كاسِي البهائم أوباراً وأصوافا | مازلتُ أعرفُ أهلَ العجز في دَعَة ٍ |
لا يكلَفون وأهلَ الكَيْس كُلاَّفا | أما ترى هذه الأنعام قد كُفيت |
فما تُساومُ بالأخفاف خُفَّافا | يكفي أخا العَجز ما يقضي القديرُ به |
من لا ترى منه عند الحكم إجنافا | وكلبِ خصبٍ زهاه الحظ قلتُ له |
لا تستوي والأسودَ السودَ غُضَّافا | أطغاكَ جهلٌ بما أعطتْكَ مرحمة ٌ |
قدِماً أطالتْ على الحُرَّاص رفرافا | دع من قوافيك ما يكفيكَ إن لها |
في مدحِ أحمدَ إعناقاً وإيجافا | فامدح به الشعرَ مدحاً تستفيد به |
وفْراً وتكبِتُ حُسَّاداً وشُنَّافا | أضحى أبو جعفر الطائيُّ منتجَعاً |
ومستجاراً لمن رجَّى ومن خافا | قَرمٌ إياسٌ وأوسٌ من عشيرته |
وحاتمٌ كَرُم السُّلافُ سُلافا | تقدموا وعَلوا قِدماً وشُمّ بهم |
رَوْح الحياة ِ فكان القومُ أُنافا | كانوا مراعيَ للأرباع مُمرعة ً |
في كلِّ حينٍ وللمرتاعِ أكهافا | سُلاَّفُ صدقٍ فلا زال المليكُ لهم |
بمثل أحمدَ في الخُلاَّف خَلاَّفا | أغرُّ أبلجُ ما ينفكُّ مُعتقلاً |
للحمد مبتذلاً للمال مِتلافا | مُسَهِّلاً سُبل الجدوى لطالبها |
لِعرضه ولدين اللَّه ظَلاَّفا | أزمانُه بنداه الغَمرِ أَشْتية ٌ |
وإن غدتْ بجناه الحلو أصيافا | كأنه والعُفاة َ الطائفين به |
بنيَّة ُ اللَّه والحجاج طُوافا | أفردْتُه برجائي وانفردتُ به |
وظل قومٌ على الأوثان عُكَّافا | يدعون من لا يُجيب الهاتفين به |
وإن أمَلُّوه تَدْعاءً وتهتافا | ألفيت من خالص الياقوت جوهرَه |
لما وجدتُ صنوف الناس أخزافا | يُضحي إذا خَزِي المَدّاحُ مادُحه |
كذائف المسك لا يُخزيه ما ذافا | كم حالبينَ ضُروعَ العيش دِرَّته |
يَمرون منهن ضرَّاتٍ وأخلافا | لولا أبو جعفر الطائي ما مُنحوا |
إلا قروناً من الدنيا وأظلافا | سَهْلُ الخليقة ِ لم يَشْرك سياسته |
عنفٌ وإن كان بالمِلحاح مِعنافا | إذا المصاعيبُ لم تُركَبْ تجلَّلها |