ومُدامة ٍ أغنَتْ عن المصباحِ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
ومُدامة ٍ أغنَتْ عن المصباحِ | يلقى المساءَ إناؤُها بِصَبَاحِ |
لطفتْ مسالكها وخُصَّ مَحَلُّها | فكأنها انْشَقَّتْ من الأرواحِ |
تجلو السرور على الفتى في قلبه | والحسنَ في الكاساتِ والأقداحِ |
أَعَليُّ لا أخطأْتَ قصدَ سبيلها | ورُزِقْتَ فيها طاعة النُّصاحِ |
أعليُّ لا فارقْتَ ظلَّ سعادة ٍ | أبداً ولا أخطأتَ بابَ فلاحِ |
بَكَر الشَّبابُ على الحياة وليتَهُ | بعْدَ البُكُور مُسَاعِفٌ برواحِ |
هيهات إلا بالشَّمُول فإنها | نَافي الهُمُوم وجالِبُ الأفراحِ |
فامزج غِنَاءَ المحْسِنَاتِ لكأْسِهَا | بغناء عُجْم في الجنَانِ فِصَاحِ |
تَهْتَزُّ من طَرَبٍ إذا ما هَزَّهَا | فوقَ الغُصُونِ الخُضْرِ نفْحُ رياحِ |
خُذْهَا ولا تخسَرْ لذيذ مَذَاقِهَا | ونسيمها يا طالب الأرْباحِ |
بِكْراً تَردُّ على الكبير شبَابَه | فتراه بين صَبَابَة ٍ ومرَاحِ |
حسناءَ تكْسو من محاسنها الفتى | فتراه أحْمَرَ أزْهَرَ المِصْبَاحِ |
مِنْ كَرْمَة ٍ تَهَبُ المكارمَ للفتى | فتراهُ بين شجاعة ٍ وسَمَاحِ |
وتُعِيرُ نَكْهَتَهَا نَدِيمَ أَحِبَّة ٍ | فَيُقَبِّلُ التُّفَّاحَ بالتُّفَّاحِ |
تاللهِ ما أدري لأيَّة عِلَّة | يدعونها في الرَّاحِ باسْم الرَّاحِ |
ألريحِها ولروحها تَحْتَ الحشى | أم لارْتِيَاحِ نديمها المرتاحِ |
شاهدتُ منها مشْهَداً فرأيتُه | حسناًمليحاً بين سِرْبِ مِلاحِ |
حَسَدَتْ قياناً كالظِّباءِ ونرجساً | غَضّاً على صُوَرٍ هناك صِبَاح |
فتَغَلَّلَتْ من تِبْرها بِغُلاَلة ٍ | وتوشَّحت مِنْ دُرِّهَا بوشاح |
فإذا بها محْسودة ٌ معْبودَة ٌ | بين الضرائر جمّة المُدّاحِ |
عَدّلَ المحَلِّلُ والمحرِّمُ شُرْبَهَا | وَلِذِي المقالِ مَذَاهِبٌ في الرَّاحِ |
إن حُرِّمَتْ فَبِحقِّهَا من حُرَّة ٍ | ما كانَ مثْلُ حريمها بمباحِ |
أو حُلِّلَتْ فَبِحقِّهَا من نُشْرَة | تَنْفِي سَقَامَ قلوبنا بِصحاحِ |
أوَ لاَ يحرِّمُهَا الحليمُ لأنَّها | تَدَعُ القِبَاحَ لديه غيْرَ قِبَاحِ |
أو لا يحلِّلها الكريمُ لأنَّها | تَحْذِي الهِدَانَ سجيَّة َ المرتاحِ |
دعْ ذا وقلْ في آل شيْخٍ إنَّهم | أقصى مَطامح هِمَّة ِ الطمَّاحِ |
لا تَعْدِلَنَّ بآل شيخٍ معشراً | فهمُ الشفاءُ لغُلّة ِ الملتاحِ |
أعْدِدْهُمُ للنائبات فإنَّهُمْ | حَسْبُ المُعِدِّ غداة كلِّ شِيَاحِ |
وافتح مغاليق الأمور بِأَيْدِهِمْ | أو كيْدِهم فكفاك من مفتاحِ |
قوم يَرَوْن النُّصْحَ في أموالهم | غِشَّا فقد سَخِطُوا على النُّصَّاحِ |
زُرْهم على ثقة ٍ مَزَارَ مُحَصِّلٍ | مالاً فلستَ كَضَارِبٍ بِقداحِ |
واعلم بأن سَنِيحَهُمْ لك سانحٌ | أبداً وليس بريحُهُم بِمُتاحِ |
فمتى أطرتَ لهم بريح عداوة ٍ | فَلَك البَريحُ وأبرحُ الأبراحِ |
من معشرٍ قُرِنَ الثَّناءُ لديهُم | بالجودِ والملكاتُ بالأسجاحِ |
لم يمنعوا الشاكين ريْبَ زمانهم | أُذُناً ولا سمعوا ملامة َ لاحي |
يا ليت شعري حين يُمدَح مثلُهُم | ماذا تَرَاه يُراد بالتَمْداحِ |
لكنهم كالمسك طاب لعينه | ويزيد حين يُخَاضُ بالمِجْدَاحِ |
يُعطُون عفواً كلما أعفيتَهم | ويُلِحُّ نائلهم على الإلحاحِ |
وعطاؤُهم فوق العطاء لأنهمْ | يُعطون كسْب مَناصِلٍ ورماحِ |
وكأن من أعطاك كسْبَ سلاحه | أعطاك مهجته بغير سلاحِ |
جاءته في تعبٍ وعُسْرة مطلب | وأتتك في دعة ٍ به وسراح |
ولمَا حباك بحظه لجهالة ٍ | لكن لفضل مُمَنَّحٍ منَّاح |
فمتى يُرَوْن من الشِّحاحِ على اللُّهَا | وهُمُ على الأرواح غيرُ شِحَاحِ |
من بأْسهم يقع الردى وبحلمهم | تتماسك الأرواح في الأشباح |
كالهُنْدوانِيات حدّ مضاربٍ | عند اخْتِبارِهِمْ ولين صِفاحِ |
أضحى الورى قَيْضاهُمُ أمْحَاحُه | شتَّانَ بينْ القيْض والأمحاحِ |
وبِسَيِّد الأُمراء أُنْجِحَ سعْيُهُمْ | فيما ابتغوا من ذاك أيَّ نجاحِ |
للَّه أحمدُ بن شَيخ إنه | مأوَى الطريدِ ومورِدُ المُمْتَاحِ |
الدهْرُ يُفْسِدُ ما استطاع وأحمدٌ | يتَتَبَّعُ الإفسادَ بالإصلاحِ |
ما زال يقدَح في الدُجَى بِزِناده | حتى رأى الإمساءَ كالإصباحِ |
أما النَّدى فَنَدَى غَرِير ناشيء | والرأيُ رأي مُحَنَّكٍ جَحْجَاح |
فكأنَّه للأرْيحَيَّة شاربٌ | وكأنه للألْمعِيَّة ِ صاحي |
ملك له قبل السؤال وبعده | بدء الجوادِ وعودة المِسماحِ |
ومن الملوك ذوي المواهب من له | بدءُ الجوادِ وَعَوْدَة المِدْلاحِ |
لا تَعْرِضَنَّ لغمرَة ٍ من سيْبِه | إن لَمْ تكن بطلاً من السُّبّاحِ |
فالْبَرُّ يَهْلِكُ في مضيقِ فنائه | والبحرُ يغرَقُ منه في الضَّحْضَاحِ |
أنذرْتُ بل بشَّرْتُ أَنَّ مقالتي | ميعادُ جِدٍّ في وعيد مُزَاحِ |
ضَمِنٌ إذا حصل الوفاءُ بما وَأَى | عنْه الرجاءُ ثَنَاهُ بالإرْجَاح |
ما إنْ يزال مُساجِلاً لسحائب | بعطائه ومُبَارياً لرِياح |
غَرَسَ الرجالَ بسيفه واجْتَاحَهُمْ | لا فُلَّ سيفُ الغارِس المجْتَاح |
سيف مَليءٌ عُرْفُهُ وَنَكِيرُهُ | بإقامة المُدَّاح والأَنْواحِ |
يُحْيِي ويُهْلِك في يَدَيْ ذِي قُدْرة ٍ | وَسَمَتْهُ بالسَّفَّاح والنَّفَّاحِ |
مُدَّاحُ مُعْمِل مَضْرِبَيْه بمُنْشِدٍ | حَفِلٍ وأنْواحُ العِدَا بِمَنَاحِ |
فمتى اسْتَكَنُّوا مِنْ نَدَاهُ وبَأسِهِ | فالمسْتكِنُّ هُنَاكَ في قِرْواح |
طُوفَانُ معْروفٍ ونُكْرٍ مانجا | أحدٌ تَعَوَّذَ منهما بِوَجَاح |
فإذا تَبَسَّلَ للعِدا في مَأقِط | أبصرتَ سطْوَة َ قابض الأَرواح |
وإذا أراك نَدَاهُ يوْماً زُهْدَهُ | أبصرتَ زُهْدَ مُحالِفِ الأمْساحِ |
وإذا أشارَ أو ارْتأَى في خُطَّة ٍ | أبصرتَ حِكْمَة َ صاحِبِ الأَلواحِ |
وإذا أراك مُزَاحَه من جِدِّهِ | أجْنَاكَ صَفْوَ ودائِعِ الأَجْبَاحِ |
لِيَقُلْ عُفَاتُكَ لا جُنَاح عليهمُ | رُفِعَ الجُنَاحُ فلاتَ حينَ جناحِ |
أنتَ امرؤٌ للصدقِ فيه مذاهب | سقط الجُنَاح بها عن المُداحِ |
ما زالَ مَنْ يُطْرِي سواكَ مُلاَحياً | لَكِنَّ من يُطْرِيكَ غيرُ ملاحي |
في مدحِ غيرك للخطيئَة ِ مُثْبِتٌ | لَكِنَّ مَدْحَكَ للخطيئة ماحي |
فالباكرون على ثُنائِك إنَّما | بَكَرُوا وما شَعَرُوا على مِسْبَاحِ |
كمْ عَارِضٍ رَجُلاً عليَّ مُشَبِّها | لأَمِيلَ عنْكَ إليه بِالأمْدَاحِ |
رُدَّتْ نصِيحَتُهُ عَلَيْهِ فَكَافَحَتْ | أسْرَارَ جبْهَتِهِ أشدَّ كِفَاحِ |
وَقَصَبْتُ صَاحبَهُ إليه كأنَّما | قَاوَمْتُهُ فيه مَقَامَ فِضَاحِ |
ما قِسْتُ بَيْنُكمَا هنَاكَ ولم أكن | لأقِيسَ بين مُحمَّد وسَجَاحِ |
النَّاسُ أدْهَمُ أنْتَ فيه غُرَّة ٌ | مرفوعة عن سائر الأوضاح |
لا جَفَّ واديكَ المُحَلَّلُ إنه | لَمُنَاخُ أطْلاحٍ على أطلاح |
إنَّ الذي يُضْحِي وأنت جَناحُهُ | في النَّائبَات لناهِضٌ بِجَنَاح |
شَامَ ابْتسَامَكَ مُرْتَجُوكَ فإِنَّمَا | شَامُوا مَضَاحِكَ مُبْرقٍ لَمَّاح |
ومَرَى نَوَالَكَ مُعْتَفُوكَ فإنما | حَلُّوا عَزَالي مُغدقٍ نَضَّاح |