1 |
لم تكن الأرض جرحًا كانت جسدًا |
كيف يمكن السفر بين الجرح والجسد |
كيف تمكن الإقامة? |
2 |
كان لإقامته بين الشجر والزَّرْعِ شحوبُ |
القصب وسَكْرَةُ الأجنحة |
تآصَرَ مع الموج |
أَغْرى بِهدأة الحجر |
أَقْنَع اللّغَة أن تؤسِّس حِبْرَ الخشخاش |
وكان سُلَّمٌ يقال له الوقت يتكىء على اسْمِه ويصعد |
نبوءةً |
نبوءةً |
من الأجنحة يخرج الأثير |
من المصادفة يخرج الحتْم |
لكن |
أيتها الشمس الشمس ماذا تريدين مني? |
وجهٌ يجتمع بُحيرةً يَفْترق بجعًا |
صدرٌ يرتعش قبّرةً يهدأ لُوتَسًا |
حوضٌ يتفتّح وردةً ينغلق لؤلؤةً |
تلك هي أدغال الهجرة وراياتُ القَفْر |
وللنهار يدا لعبة |
وللفَلكِ نَبرةُ المهرِّج |
لكن |
أيتها الشمس الشمس ماذا تريدين مني? |
يلبس الموتُ حالةَ البنفسج |
يسكن النّرجس آنيةَ الثلج |
يحلم أن الحبّ وجهٌ |
وأنَّه مرآته - |
الحجرُ برعمٌ, الغيمةُ فراشةٌ |
وعلى العتبة جسدٌ - شرارَةٌ لقراءة الليل |
ليس الموتُ عزلةَ الجسد |
الموت عزلةُ ما ليس جسدًا |
لكن, |
أيتها الشمس الشمس ماذا تريدين مني? |
أَبحث عما لا يلاقيني |
باسمه أنغرسُ وردةَ رياحٍ |
شمالاً جنوبًا شرقًا غربًا |
وأضيفُ العلوَّ والعمق |
لكن, كيف أتجه? |
لعينيَّ لونُ كسرة الخبز |
وجسدي يهبط نحو داءٍ له عذوبةُ الزّغب |
لا الحبّ يطاولني |
ولا تَصل إليَّ الكراهية |
لكن, |
كيف أَتَّجه? وماذا تريدين مني |
أيتها الشمس الشمس? |
3 |
يمحو وجهه - يكتشف وجهه |
يتقدَّم الخطف تلبسكِ فتنةٌ بفجرها الأول |
يتقدّم الوقت أين المكان الذي تُزْمِنُ فيه الحياة? |
تتقدَّم العتمة أيّة رَجَّةٍ أنْ أوزِّعكِ في كريّات دمي |
وأقولَ أنتِ المناخُ والدّورة والكُرَة |
أيّة زلزلة? |
يتقدّم الضوء يُلْيِلُ في أنحائي |
أنقطع أتَّصل |
والوقتُ يأخذ هيئة البشَرة |
يخرجُ من الوقت |
وسقطَ |
غزوكِ |
عليّ |
وشَهَقَتْ إليكِ أحوالي |
لماذا حين دخلتِ أخَذَتِ الحقول تشتعل وكانت |
يداي أوَّل النار, |
ولماذا, كلّ ليلةٍ, |
كنت أحمل زَغَب نهديكِ لليلةٍ مقبلة? |
أُدخلي |
وعلى ركبتيكِ |
ترابٌ وفي الطريق إليك - إليّ |
الجبالُ |
وسَرْوُ المنحدرات |
وشرْبينُ الأودية أقول نلتقي - نفترق |
وأَستجمع أنحائي: |
أيها الحَنْظَلُ المتناثر ملحًا على موائد الإباحة |
أنت العذوبة وأمنحكَ طعميَ الأول. |
جسدكِ التّيه أخرج |
وأسفارُ خروجي أنتِ |
آخذكِ أرضًا لا أعرفُها |
تلالاً وأوديةً تغطّيها نباتاتُ البحث |
امتدادات غامضةً |
وآخذكِ واقفًا |
قاعدًا |
راقدًا |
ولا أقنع بغيركِ |
آخذكِ |
في تنهداتي |
في اليقظة والنوم |
في الحالات الوسيطة |
وفي ما يُعدّه لي الوقت |
آخذكِ |
ثنيّةً ثنيّةً |
وأفتتح مسالكي |
أتمدَّد فيكِ لا أصل |
أتدوّر لا أصل |
أتسلَّك أنتسجُ لا أصل |
أصلُ من أقاصيكِ لا أصل |
ما بعد المسافاتِ أنتِ ما بعد المفازات |
أنتِ أين وهل وماذا وكيف ومتى وأنتِ |
لا أنتِ |
انْبسطي على جسدي وانْغرسي |
خليّةً في خليَّة |
عرْقًا في عِرْق |
ولتخرجْ منكِ آلاف الشفاه |
آلاف الأسنان |
ولتكن غيرَ معروفةٍ لتكونَ على قَدْرِ حبِّنا |
( ... ) |
وأكون علّقتُ صورتكِ بجميع الصور |
ويكون جاءني الكشف وقلت: |
هذا لقاؤنا الأخير |
من أنتِ? |
آخذكَ |
حيوانًا |
يضع السّمَّ في شفةٍ |
والبلسمَ في شفةٍ |
وكلّ ليلةٍ, أقول |
هذا لقاؤنا الأول |
أيها الأحد |
ق |
م |
ر |
ش ع ش ا ع |
وليس لي معك غيرُ الهواتف |
وغيرُ البوارق |
وما يطوف |
ويهتزّ جسدي بالكُنْهِ اللازمِ له |
والملكاتِ الواجبة في أشيائه |
وأصرخُ: أنتَ الهباءُ |
وأنت القادِر |
من أنتَ? |
جسدٌ يكبَرُ في الخَزَام والخالدة |
ينحدر يعلو يَسْتشرف |
يجمع الضّفاف ويقرأ هذَيان القصب |
جَسَسْتُكِ بِعينيَّ |
رقصًا يتقدَّم في خطوات الفصول |
تنهّدتُ في ناردينٍ |
وأخذتْ أشكالٌ تروح وتجيء في لُججِ |
الخاصرة يصطدم الغريق بالغريق |
أخرج من الخيزران |
أَدخل المِدقّة |
أتغلغل في أخْبية القاعدة |
حيث يكمن البيضُ وينتهي قَلَم السمَّة |
أتجمّع كما يتجمّع اللّقاح |
أخلعك أتزيّا بكِ |
أنسلخ منكِ أتَّحد بكِ |
وأخلق بيني وبينك |
خداعًا بعلوّ الشمس |
رياءً يكسر الزَّمن غصنًا غصنًا |
من أنتِ? |
تحت البَشرة الهويّةُ |
في شراييني خَبْطةُ المسّ |
أتدحرج بين أنا الجمر وأنا الثلج |
وبين |
الياء |
والألف |
أَتدلى |
أَخلق في اليوم يومًا آخر |
وأَربط بحبل الدقائق أهوائي |
تقول المرآة اكسريني |
تقول الخطوات قيِّديني |
وبين آلة الموت وحيوانِ الألفاظ |
أَنْغرسُ أنجذرُ |
وأَلعب نَرْدَ الطبيعة. |
4 |
(...) |
دائمًا |
كان |
بيننا |
مسافة قلنا |
يمحوها اللهب الذي نسميه الحبَّ |
والتصقَ النهار بالنهار الليلُ بالليل |
وبقيت بيننا مسافة |
أطفأنا ما لا ينطفىء |
أشعلنا ما لا يشتعل |
وبقيت بيننا مسافة |
وفي ساعات التحام الشهيق بالشَّهيق والنطفة بالنطفة |
بقيت بيننا مسافة |
أيّها الحب, أيها النسل المنطفىء |
تَقدّمْ واجلس على ركبتيَّ - ركبتيها |
خُذْ إبرَ الدمع وانسُجِ الماء |
تحيّينا أجراس الرَّغبات |
نبتكر موتًا يطيل الحياة |
نبتكر خداعًا بعلوِّ الطفولة |
رياءً بصدق الشمس |
من نحن? |
يجمعنا جسرٌ لا نقدر أن نعبره |
يوحّدنا جدارٌ يفصلنا أدخل فيكِ أخرج منّي |
أخرج منكِ أدخل فيَّ |
ما أبنيه يَهدِمني |
تشبّهتِ لي أَنَّك الفضاء |
وأَضْغَثْتُ الرؤيا |
أمسكتُ بوردةٍ هبطتُ واديك انتظرت |
بيننا نهرٌ والجسر بيننا نهر آخر |
سمعتكِ تسألين: أيّنا الكبدُ |
أيّنا النواح? |
اختلطتِ بالجَزَعِ وأعشاشه |
صرختِ اتّحدنا كرةً من النار |
انْطفئي الآن أَنطفىء الآن |
لِنعرفَ نعمة الجمر |
نمحو وجهينا نكتشف وجهينا |
هواجس |
أصدافًا |
مرايا |
ننفذ عِبرَها إلى شخوصنا الثانية |
نفتح صدرينا للأكثر علوّاً |
ينفتح لنا الأكثر انخفاضًا |
ويدخل كلانا في برج الوحْدنة |
في عزلة عصفورٍ يُحتضر |
ويتذوَّق كلانا طعم الآخر |
وتسكر أعضاؤه بالحياة لحظةَ يسكر الآخر |
بالموت |
وكلانا يُسِرّ نعم لحظةَ يجهر لا |
ويُسرّ لا لحظةَ يجهر نعم |
كيف تغسلين جسدك ويزول ماؤك الثاني? |
كيف أغسل جسدي ويعود لي مائي الأول? |
أنا سؤالكِ |
ولستِ أنتِ جوابي |
عرَّفتكِ بحنيني |
بشرَّتك بِه وربطتك بنفسي |
لكي يتحرَّك جسدكِ حركة الحكيم |
وأتحرّك به |
بما فوقه |
بما تحته |
وبالذي بين يديه |
لكي أحيطَ بكِ إحاطةً تخلَّصني من كل قاطعٍ |
يقطعني عنكِ |
أقرأَ كتاب كنهكِ |
أتطوّرَ في أصولكِ |
أذوقَ موجوداتها |
وأشخَّصَهَا في أوهامي |
لكي تكوني النقطة |
وأكون الخطّ والشكل |
لكي تكوني مِنْ وما يتلوها |
عَنْ وما عندها |
حيث لا تسعني الكلمات |
حيث لا يسعني غير التخييل والرمز |
لم أقصدكِ |
لستُ بحركِ |
لست البجع الذي تنتظرينه |
وليس لي غير أطرافٍ |
أطراف تتيهُ |
تتوه في حُمَّى لم أكتشف حدودها بعد. |
محوتكِ - اكتشفتكِ |
بسطت على الورق أجنحتي واستدعيتكِ |
قلتُ: الموت شيخ |
من أين له بعد أن يلحق بنا? |
قلتُ: جسدي شمالٌ والزمن جنوب |
كيف لهما أن يلتقيا? |
ولكِ أَماميَ الذي لا يهرم |
ولك أبديّة الجهات الباقية من أعضائي |
ولكِ منحتُ عينيَّ الأرقَ ويأسيَ النوم |
ولك ساويتُ بين الصحراء والبحر |
العينِ والشّوك |
ولكِ استثنيتُ المعنى من حشود الكلمات |
وسمّيته الصورة |
ووفاءً لأسمائك التي أنزلتها سلطانًا |
قلت للأبجدية: تشهَّيتِ ووحَّمْتكِ |
ولكِ غيْرتُ وأقنعت سنواتي أن تكون جمرة التغير |
ولكِ استوهَبْتُ اللهبَ أخطائي وأقنعت الجسد |
أن يكون مجدَ الصفات |
ألتهمكِ خليّةً خليَّةً لا تروينني |
أَحتويكِ نبضةً نبضةً لا راحةَ لي فيكِ |
لا الغيرة تفصلني عنك لا الكراهية |
يفصلني شعور لا اسْمَ له |
وأنتِ الآن الزّمنُ والموت: |
من أين لي أن أَسترجعكِ? |
تُحتضرينَ أندفع نحوكِ |
أجسُّ بقاياكِ |
وألمس كيف ترحلين |
لم |
أكن |
لستُ إلا رذاذًا يُشهيَّ |
كنت البطيءَ وسبقتْني ثيابي |
موتي سُلَّمٌ لجسدي وجسدي بلا قرار أين أثبت? |
أثبتّ السّحاب قلتُ للزبد أن يكون |
مفتاحَ الموج أين أثبت? |
ليس الاسم جذرًا ليس الجذر امرأةً ليس أين أثبت? |
القشُّ يأتزر بالورد والكلمات تكسر صلبانها أين أثبت? |
وجاءني الأفق سَمَّى نفسه بِاسْمي |
ليس الاسم حضنًا |
ليس الحضن امرأةً |
آخذ شفتيَّ منكِ هذه الليلة |
أيتها الأرض الوَحْمى ولا حَبَل, |
لأعرفَ كيف تهطلين أيتها الصحراء |
كيف تزدادين اتساعًا |
لأعرفَ حَتْمَ اليأس |
لأعرفَ كيف نحبّ دون أن نحبّ |
كيف يذبل ما تسمَّى بأسمائنا الأولى |
وارتوى بما حسبناه لا يعرف الذبول |
الجرح دلتا |
البلسم ألف |
والجسد حروفٌ بلا نقاط |
أيّة هاوية تَتّسع لأعضائي |
ليس للمكان قصبةٌ لأتوكّأ |
ليس في مناخهِ غيومٌ لأتوسّمَ المطر |
وها أسمع في جسدي |
جذوعًا تَنْبتر |
وأشلاءَ تَتطاير |
وها أنسكب في شظايايَ |
وأَسترخي |
أيّها الحبّ - الرأسُ الذي يَشجُّه الجَسد عرقًا عرقًا |
أيها الحب, يا أرومةَ الماء |
اتّسعْ |
كن الهباءَ والشمس |
وأثْبِتِ الغُبار بالغبار. |
تمرحَلْ, أيها الجسد, من الآن إلى الموت |
- متى وُلدتَ, ما عمرك? |
تَمدَّدْ, أيها البخار, يا دمي ورافق استطالاتي |
ثمة أمواجٌ تقبل من شواطىء غير مرئية |
تقول إنّها استطالاتي |
ثَمَّة صلصالٌ غيَّر اسمه |
حَرْفٌ خرج من صوته |
أُفقٌ على شَفَا الأفق |
تقول إنها استطالاتي |
وبين العصب والعصب صَحَارى |
تقول إنها استطالاتي |
وأنتِ, يا زهرة الآلام امْنحينيَ احتمالاتٍ أخرى |
كوني أمومةً زهرةً بآلاف الأَسْدية والمِدَقَّات, |
الكؤوس والتّويجات |
امْنحيني - اذْكري وجهي |
كنتِ تَنْحنين عليه كلّما جمعنا ماءٌ أو هواءٌ |
لِنقرأ الموت |
تمتزج رائحتانا |
تنمو أطرافُنا توائمَ توائمَ |
أقول لكِ: تَموتينَ مأخوذةً بالماء |
تقولين لي: تموت مأخوذًا بالشمس |
لكن, |
لحظةَ تذبلين بين عينيَّ |
يفصلنا لَهَبٌ لَهَبٌ لَهَبٌ |
ومتاهاتُ الأحد السبت الجمعة الخميس |
أصِلُ فيك الشهوة بطعم التراب |
والفرحَ بنكهة الموت |
وها هو جسدي |
موشومًا ببقع الحسرة |
يزحف بين كلماتي |
تتكاثفُ أدغال الأرق |
تعلو أمامي الجبالُ |
الشجر ينام |
ولكلِّ حصاةٍ أذنان تُصغيان إليَّ. |
توهَّمتُ أنَّ اليدَ يَدٌ وأنَّ الوجهَ هو الوجه |
وكان هذا تعاطفًا مع الرمل. |
الجسدُ يتذكّر الحبّ ينسى |
الحبّ أن نذهب الجسدُ أن نجيء |
الحبّ أن نستوهم الجسدُ أن نتَبلبل |
الحبّ - هذا الهَزْل الكوني |
من أجل أن يظلَّ الأبد مشقوقًا |
من أجل أن نُهَسْهِسَ الشّكّ. |
7 |
باسم جسدي الميت - الحي الحي - الميت |
ليس لجسدي شكلٌ |
لجسدي أشكالٌ بعدد مَسَامِّه |
وأنا لا أنا |
وأنتِ لا أنتِ |
ونصحّح لفظَنا ولسانيْنا |
ونبتكر ألفاظًا لها أحجامُ اللسان والشفتين, |
الحنَكِ |
وأوائلِ الحنجرة |
ويدخل جسدانا في سديم دَغَلٍ وأعراس |
يَنْهدمان |
يَنْبنيان |
في لُجّةِ |
احتفالٍ |
بلا شكل |
بطيئًا سريعًا |
نحو ما سميناه الحياة |
وكان فاتحةَ الموت. |
باسم جسدي الميت - الحي الحي - الميت |
ارتفع السَّرْوُ بين الاسم والوجه |
عادت اللغة إلى بيتها الأول |
كان الحب قبرًا دخلتُ إليه وخرجتُ |
كان القبر نزهةً لراحة الأوردة |
ومات النحو والصرف |
وحُشرا بين يَديْ أول قصيدة كتبتها وآخر قصيدة |
وأخذ الحَشْرُ يحكم ويَفْصل |
يبرّئ ويَدين |
لكي يأتي الليلُ |
يشرد النهار خارج النهار |
لكي يأتي النهار |
يشرد الليل خارج الليل |
لكي تحتفظ الأرض بذكرى العشب |
تَتَغطَّى بالقش |
باسم جسدي الحي - الميت الميت - الحي |
للجسد أن يفصل بين جسدي وجسدي |
له أن يعتقل عضوًا بعضو |
يحارب خليّةً بخلية |
له أن يزرع دمي ويحصده |
وللجسد أن يكون جسدي |
ضِدّ جسدي. |
8 |
( ... ) |
سلامًا لآلاتٍ غير مرئية أَبتكرها لأبتكر أجسادي الأخرى |
قلوبي الأخرى |
سلامًا لكوكبي الجالس على طرف القيد |
يتَّخذ من قدميَّ وذراعيَّ حدودًا وأعلامًا |
سلامًا لوجهي يتبع فراشةً تتبع النار |
// هل أفصل نفسي عن نفسيَ |
هل أجامعها / هل الجما |
عُ لحظة انفراد أم لحظة ازدوا |
ج? هل آخذ وجهًا آخر? وما |
ذا يفعل جسد تبقّعه جراحٌ لا تلتـ |
ـئم? إنها الصحراء |
تطبق عليّ, وها هو |
الجرادُ يَحْتَنِكُ أطرافي // |
أجلسْ, أيها الموتُ, في مكانٍ آخر |
ولْنتبادَلْ وجهينا |
أصنع نبضي نسْغًا لأبجديتي |
أسوّيك الجلد |
أسمّيك النظر |
طعمَ الأشياء |
( ... ) |
وأقول باسمكَ: |
ابتسمْ, أيها النهر, لجفافك |
امرحي, أيتها الزهرة, بين الشّوكة والشوكة |
وأقول باسمكَ: |
في الرّماديّ أفتحُ جسدًا أتجوّلُ في أرجائه |
حيث يتمشّى قوس قزحٍ بخطوة الطفل |
ويكون لخيالي أن يفترسَ عينيَّ |
ويهدم الجسورَ بيني وبين ما حولي |
ويكون لي أن أصعدَ وألتقفَ الهواءَ المحيط. |
وأقول باسمكَ, هامسًا لأشباحك: |
أيتها العطور التي تفرز الرّغبة |
تزيّني |
واسْتهويني. |
وأقول باسمكَ: |
دائمًا على شَفَا الجنون |
لكنني لا أُجنّ. |
اجلسْ, أيها الموت, في مكانٍ آخر ولنتبادل وجهينا |
أُسمّيك الجسدَ وأسأل |
كيف أعيش مع جَسَدٍ أتَّهمه |
وأنا المتَّهَمُ والشاهِدُ والحكَم? |
وأسميكَ جسدي |
وأرى إليك إليه يتفكَّك ويتركَّب |
السَّاعد فخذٌ |
المعصم كاحِلٌ |
اليد قَدمٌ |
الكتف مِرْفقٌ |
وما تبقَّى غيرُ ما تبقَّى |
وأستسلمُ, أنا الراسخ, |
كانهيارٍ ثلجيّ |
عنقي يهبط في التّرقوة |
وتهبط هذه في الصدر |
ويهبط الصدر في ليل الرّدفين |
والرِّدفان في شمس الأحقاء |
وتكون الأحقاء رصاصًا يرسب في أطراف |
الساقين وتتَنَوَّرُ بأعضائي أعضائي. |
وتقول باسمي: |
أسميكَ عاشقًا |
وجْهًا إلى الحيوان |
وجهًا إلى النبات |
وأصغي إلى هذيانك يطلعُ |
في لهاث العناصر: |
دال تاء |
- بحسب حركاتكَ يجري أمري |
والليل والنهار بريدي إليك |
يتراكضان كمُهرين في سباق |
كيف أقمع هوائجي |
والحاجة إليكَ هتكتني? |
واو نون |
- كيف أقمع هوائجي |
والحاجة إليكِ هتكتني? |
تبكين? |
- لا تحرق النار موضعًا مَسَّهُ الدمع |
لذلك أبكي |
ينبت القرنفل في الدمع |
لذلك أبكي |
وأمس قرأت: (كلّ شهوة قسوة إلاّ |
الجماع يُرقِّقُ ويُصفّي) |
لذلك أبكي. |
سين ألف |
- أدخلي, كأنك نقبتِ الجحيم وخرجت منها |
أو كأنك امرأة تشتري العطرَ بالخبز |
أُحْصيك وأستقصيكِ |
أُزمِنُ فيكِ وأُكوكب حولك أعضائي |
وكنت صادَفْتُ نفسي فيكِ |
وحين تبعتكِ |
قلتُ: النَّفَسُ يتبع بعضُها بعضًا. |
لكن, |
لماذا أنا كثيرٌ بنفسي قليلٌ بكِ? |
لماذا, كلما اقتربْتِ إليّ, أشعر كأنّ عضوًا يسقطُ مني? |
مع ذلك, ادخلي |
لا يزال جسدي رطبًا بذكركِ |
وكيف أقمع هوائجي |
والحاجة إليكِ هتكتني? |
وأقول, باسمك, لجسدها: |
جسدكِ صوتي أسمعه |
نظري أتشرد فيه جسدكِ رحيلي وكل خليّةٍ منطلَق |
جسدكِ مرفأي وأضلِّل المراسي جسدك الصخر يستبقيني |
الغبارُ يطير بي |
جَسدُكِ هبائي |
ويظلِّلني |
جسدك فضاؤكِ وأنا وحُوشهُ المجنّحة |
جسدكِ قوسُ قزحٍ وأنا المناخُ والتحوّل. |
وأسأل, باسمكَ: |
أَصْحَرْتُ لا مأوى |
اسْتَأْسَنْتُ من يُطهّرني? |
من يعصمني من العبارةِ |
تكدر, |
من الإشارة |
تضمحلّ |
وكيف يتحرّر القفص? |
وتقول, باسمي: |
أَبْدع لجسدك ما يناقضه |
كُنِ الهباءةَ والحصاةَ في جسدٍ واحد |
اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (أدونيس) .
|