أرشيف الشعر العربي

تيمور ومهيار

تيمور ومهيار

مدة قراءة القصيدة : 3 دقائق .

(ردهة في القصر، تيمور وحوله حراس مسلحون)

-1-

تيمور (بغضب):

هاتوهُ هاتُوا حمم البركان، هاتوا نَهمَ الضّباعِ

لُفّوهُ بالجرذان والأفاعي

هاتوهُ واسْحقوهُ...

(تنصب خشبة تغطيها أمشاط الحديد. يُمدد عليها مهيار، يجلد حتى

يتقطع لحمه. يسمّر رأسُه بمسامير حُميت في النار. يؤخذ إلى السجن. يبطح على

وجهه. توضع أسطوانة من الحجر على ظهره. تقيد بالحديد يداه ورجلاه).

-2-

(تيمور، مهيار، حراس مسلحون)

تيمور: ألم تكن في السجن؟ كيف جئتَ؟

انْسللتَ من شقوقِه؟ هدمتَه؟ أخرجك السّجّانْ؟

مهيار: أخرجني سُلطانْ

كالشّمس لا يموتُ،

كالإنسانْ

(يُمدد بين خشبتين. يقطع رأسه. يقطع جسده إلى أجزاء صغيرة تُرمى في جبّ

للأسود. الأسود لا تأكلها، بل تنحني وتبتعد عنها).

-3-

(جمهور، مهيار، تيمور، الساحر)

أصوات: شبيهُه. كأنه مهيارْ

يعودُ، كيف عادْ

يا سيّدَ الأسرارْ

يا ساحرَ البلادِ كيف عاد؟

تيمور: شبيهُه؟ مهيارْ...

أموتُ، كلُّ خَلجةٍ طاعونْ

أموت... كلّ عُضْوٍ يفرّ من ثيابي،

يدورُ كالمجنونْ

مهيارُ؟ عادَ، أين... أين ساحرُ البلادْ

ماذا تَرى؟ رأيت؟ كيف؟

الساحر: ... ثوراً

أُريد ثوراً أسودَ الجبين والقَرنين،

تحت فكّهِ السّفليّ شامتانِ،

لكي أرى الآتي كما يراني...

تيمور: أخْرِجْهُ من قميصهِ...

الساحر: أمسخُهُ!

تيمور: جرادةً، أو نملةً عرجاءً، أو حِرباءْ...

الساحر: مُرْ لي بكأسِ ماءْ...

(يجيء الثور. ينفث في إحدى أذنيه فتصير اثنتين. ينفث في الثانية فيصير الثور

ثورين. يأخذ بذاراً يبذره ويحرثه. نبت الزرع وأينع وحُصد. ذُرّي وطحن وعجن وخبز

وأكل في ساعة واحدة. أخذ كأس الماء ونفث فيها. أعطاها إلى مهيار وأمره أن يشربها.

يشربها مهيار كلها).

الساحر (إلى مهيار):

ماذا تُحسّ الآن؟

مهيار: كلّ جزءٍ

في جسدي ينبوعْ

(يبتسم. صمت.)

واشتدّت الحياةُ في عروقي...

الساحر (إلى تيمور بيأس):

كأنّه من طينةٍ

مجهولة الفُروع والأصولِ - أنتَ نارٌ

في الأرض، وهو نارٌ في الأرض والسماءِ،

وهو النّفَسُ المزروعْ

في رئه الحياةِ...

تيمور (بغضب الوحش):

إن سيفي

أحدُّ

إن فتكي

أشدّ... لن ينهضَ بعد الآنْ -

أنا هو الجحيمُ والديّان.

(يصنع من النحاس تمثالاً مجوفاً بشكل ثور يحشوه نفطاً ورصاصاً وكبريتاً وزرنيخاً.

يدخل مهيار في جوفه. يشعل فيه النار. يلتهب وينصهر ويتحول كل شيء إلى رماد.

تهب ريح تملأ الفضاء سحاباً أسود ورعوداً وصواعق وأعاصير. يسودّ ما بين السماء

والأرض، ويمكث الناس أياماً حائرين لا يميزون بين الليل والنهار. يتحرك الرماد

ويخرج منه مهيار).

الرواي: وقيل صارت تُمطر السماءْ

ناراً على المدينةِ. اسْتُذِلّتْ

فانْسحقت واحترقَتْ،

وبقيتْ زماناً

يخرج من أنقاضِها دخانٌ

يشمّه الناسُ فيسقطونْ

موتى،

ومهيارُ دمٌ وماءْ

والأرضُ مثل وجههِ،

تبدأُ ، مثلَ صوتِه...

والناسُ يُولدونْ...

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (أدونيس) .

اقليم البراعم

مرآة السياف

مرآة لمعاوية

مدينة الأنصار

مرآة للغيوم


ساهم - قرآن ٣