لمنْ طالعاتٌ في السراب أفولُ
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
لمنْ طالعاتٌ في السراب أفولُ | يقوِّمها الحادونَ وهي تميلُ |
نواصلُ من جوّ خوائضُ مثلهِ | صعودٌ على حكم الزمان نزولُ |
هواها وراءٌ والسُّرى من أمامها | فهنَّ صحيحاتُ النواظر حولُ |
تضاغى وفي فرط التضاغي صبابة ٌ | وترغو وفي طول الرُّغاء غليلُ |
ترادُ على نجدٍ ويجذبُ شوقها | مظلٌّعراقيُّ الثرى ومقيلُ |
وما جهلتْ أنّ الحجاز معيشة ٌ | وروضٌ يربِّيه الحيا وقبولُ |
ولكنّ سحراً بابليّاً عقوده | تحلَّلُ ألبابٌ بها وعقولُ |
نجائبُ إن ضلَّ الحمامُ طريقه | إلى أنفسِ العشّاقِ فهي دليلُ |
حملنَ وجوها في الخدورِ أعزَّة ً | وكلُّ عزيز يومَ رحنَ ذليلُ |
قسمنَ العقولَ في الستور بأعينٍ | قواتلَ لا يودى لهنّ قتيلُ |
وفيهنّ حاجاتٌ ودينٌ غريمهُ | مليٌّ ولكنَّ الملَّى مطولُ |
يخفّ على أهل القباب قضاؤها | لنا وهي منٌّ في الرقابِ ثقيلُ |
أبى الربعُ بالبيضاء إلا تنكُّرا | وقد تعرفُ الآثارُ وهي محولُ |
ولمّا وقفنا بالديار تشابهتْ | جسومٌ براهنَّ البلى وطلولُ |
فباكٍ بداءٍ بين جنبيه عارفٌ | وباكٍ بما جرّ الفراقُ جهولُ |
ونسأل عن ظمياء إلا يراعة ً | تميلُ مع الأرواح حيث تميلُ |
ويعجبنا منها بزخرفة الكرى | دنوٌّ إلى طولِ البعاد يؤولُ |
فإن كان سؤلا للنفوس بلاؤها | فإنكِ للبلوى وإنكِ سولُ |
تهجَّر واشٍ فيك عندي فساءني | فقلتُ عدوّ أنتَ قال عذولُ |
وسفّهني في أن تعلّقتُ مانعاً | فقلت وهل في الغانيات منيلُ |
إذا لم تكن حسناءُ إلا تخيلة ً | فلا عجبٌ في أن يحبَّ بخيلُ |
وقبلكِ رضتُ الودَّ وهو مماكسٌ | وصافحتُ بالأيصار وهو جزيلُ |
وأتعبني المحفوظُ وهو مضيِّعٌ | لعهدي والمألوفُ وهو ملولُ |
وقلَّبتُ أبناءَ الزمان مجرِّبا | فكانوا كثيرا والصديقُ قليلُ |
ولم أرَ كالأقسامِ أفسقَ سيرة ً | وأجورَ بين الناس وهي عدولُ |
ولا كاتباع الحرصِ للمرء خلَّة ً | يدقُّ عليها العرضُ وهو جليلُ |
وقد زعموا أنّ العفافَ غميزة ٌ | وأن التراخي في الطِّلاب نكولُ |
وأنّ السؤال يسرة ٌ ونباهة ٌ | وكلُّ انتباهٍ بالسؤالِ خمولُ |
إذا كفَّك الميسورُ والعرضُ وافرٌ | فكلّ الذي فوق الكفافِ فضولُ |
ولكنَّ مجداً فضلُ سعيك للعلا | تطوَّفُ في إحرازها وتجولُ |
وأن تخبط الغبراءَ ضرباً وراءها | فتعرضُ في آفاقها وتطيلُ |
بغى شرفُ الدين السماءَ فنالها | بعزمٍ على سقف السماء يطولُ |
وخوِّل أعناقَ المطيّ فساقها | وراءَ التي يسمو بها ويصولُ |
له كلَّ يومٍ والرياحُ ظوالعٌ | مناخٌ إلى أمرِ العلا ورحيلُ |
نفى الضيمَ عنه أنفُ غضبانَ ثائرٍ | يخفُّ وقسطُ الحادثات ثقيلُ |
ورأيٌ يودّ السيفُ لو شافه الطُّلى | به وهو مطرور الغرار صقيلُ |
إذا همَّ فالبحرُ العميقُ مخاضة ٌ | توشَّلُ والأرضُ العريضة ُ ميلُ |
تحمَّل عبءَ المجدِ فاشتدَّ كاهلٌ | قويٌّ على عضِّ الرحال حمولُ |
وأنصفَ أحكام السيادة ِ ناشئا | وقد غدرتْ شيبٌ بها وكهولُ |
فتى ً صحفه في النازلاتِ دروعهُ | وأقلامهُ فيها قناً ونصولُ |
تشلُّ العدا حتى يقالَ كتائبٌ | وتحوي المدى حتى يقال خيولُ |
وإن شهدَ اليومَ القطوبَ تهلّلتْ | قسائمُ وجهٍ كلُّهن قبولُ |
يضحنَ إذا الأوضاحُ بالنقع أبهمتْ | ويبسمنَ أمنا والنفوسُ تسيلُ |
وفارقها صلبُ العصا لم يرعْ له | جنانٌ ولم ترعدْ إليه خصيلُ |
من القوم لم يخزِ القديمُ حديثهم | ولم تتخذَّل بالفروع أصولُ |
إذا الأبُ منهم قصَّ مجدا على ابنه | تقبَّل آثارَ الأسود شبولُ |
تودّ النجومُ السائراتُ بأنهم | إذا ما انتمت آلٌ لها وقبيلُ |
ويكرمُ صوبُ المزن لو أنّ ماءه | ينبَّط من أيمانهم فيسيلُ |
لهم من عميد الدولة اليوم ذروة ٌ | معاليهمُ وسطى وهنّ ذيولُ |
أريتَ عيانا مجدهم وهمُ لنا | أحاديثُ مظنونٌ بها ونقولُ |
كرمتَ فلم تجحدْ لديك وسيلة ٌ | وطلتَ فلم يملكْ إليك وصولُ |
وما ارتابَ هذا الملكُ أنك شمسهُ | تعمُّ فتضفو تارة ً وتزولُ |
إذا غربت أبقتْ فوائدَ نورها | وإن صبغتْ يوما فليس يحولُ |
وما شكّ فيك الناسُ أنك مزنة ٌ | تلاقحَ فيها العامُ وهو محولُ |
أحبّوك حبَّ العين مسترقَ الكرى | وللعين عهدٌ بالرقاد طويلُ |
إذا كانت الشُّورى فأنتَ وما لهم | إذا خيِّرَ الإجماعُ عنك عدولُ |
فإن وجدوا الأبدال لم يتعرضوا | فكيف وما في الناس منك بديلُ |
وقد علمتْ أمُّ الوزارة أنها | إذا غبتَ شمطاءُ القرونِ ثكولُ |
تفارقها مستصلحا فهي فاقدٌ | مولَّهة ٌ حتى يكون قفولُ |
وتبذلها حتى تغارَ فترعوي | بعولٌ تعاطى بضعها وبعولُ |
وإعضالها خيرٌ لها من رجالها | سواك وما كلُّ الرجالِ فحولُ |
لها غبطة ٌ يوما ويوما فجيعة ٌ | كذلك دولاتُ الزمان تدولُ |
وأبقى ذماها علمها أنَّ أمرها | إليك وإن طال البعادُ يؤولُ |
أنا المطلقُ المأسورُ بالقرب والنوى | فيوما ويوما مظعنٌ ونزولُ |
تجيشُ الليالي ثم يخمدُ صرفها | فتنقص فيما بيننا وتطيلُ |
تغيبُ فلا فرطُ الأسى بمقبَّحٍ | عليّ ولا الصبرُ الجميلُ جميلُ |
فظاهرُ حالي مثلُ دمعيَ لائحٌ | وباطنها مثلُ الغرام دخيلُ |
ويأكلني فيك العدا وتعودُ لي | فينتشرُ مرمومُ العظامِ أكيلُ |
وقد أجدبتْ أرضي فلا يغفلنَّها | مع القرب فيضٌ في يديك بليلُ |
أردني لأمرٍ غيظه حظُّ صاحبي | وحظَّي منه في العلاء جزيلُ |
وشافهْ بحالي ما يكافي كفايتي | فأنت بفضلي شاهدٌ وكفيلُ |
ولا تخشْ من سيفٍ خبرتَ مضاءه | وإن كان فلاًّ أن يكون نكولُ |
فقد يغدق الوادي وأولاهُ قطرة ٌ | ويجسمُ فعلُ الرمح وهو نحيلُ |
وكيف حذارى من جفائك دانيا | وأنت على بعد الديار وصولُ |
أتعتاضُ بالزوراء عنك سحابة ٌ | حياها بحلوانٍ عليّ هطولُ |
معاذُ علاك وارتياحك للندى | وحقٌّ قديمُ العهدِ ليس يحولُ |
ومبرمة ُ الأسبابِ شائعُ ذكرها | رقيبٌ على نعماك لي ووكيلُ |
وأنك لا يحلو على يدك الغنى | ولا منك حتى تعتفى وتنيلُ |
إذا قلَّ نفعُ المال أو قلَّ ربُّه | فمالك فرضٌ في السؤالِ يعولُ |
دعوتَ القلوبَ فاستجابت كأنما | هواك إلى حبّ القلوب رسولُ |
وكنتَ بما تولى على المدح حاجراً | وكلُّ مديح في سواكَ غلولُ |
فلا يسر في ذا البدر نقصٌ ولا يطرْ | بذا الغصنِ الريّانِ منك ذبولُ |
ولا تنبسطْ كفُّ الزمان بنبوة ٍ | تريدك إلا ردَّ وهو شليلُ |
وزارك بالنَّيروز وفدُ سعادة ٍ | له لبثٌ لا ينتوي وحلولُ |
يكون نذيرا بالخلود بشيرهُ | وأنك تبقى والزمان يزولُ |
فلو أمهل المقدارُ يومك ما جرى | مدارُ الدراري قلتُ أنتَ عجولُ |
وجاءتك عنّى كلّ عذراءَ مهرُها | خفيفٌ بحكم الجودِ وهو ثقيلُ |
تحنُّ إلى أترابها في بيوتكم | كما حنَّ للضَّرع الدَّرورِ فصيلُ |
لها أخواتٌ مثلها أو فويقها | جثومٌ على أعراضكم ومثولُ |
حظوظهمُ منها سمانٌ حسائمٌ | وحظُّ رجالٍ آخرين هزيلُ |
وأنصفتموها إذ ظفرتم برقِّها | فمالكها منكم أخٌ وخليلُ |
فلو أن إفصاحي بها كان لكنة ً | لعلَّمني المعروفُ كيف أقولُ |