كم النَّحتُ في جنبيّ والحزُّ في متني
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
كم النَّحتُ في جنبيّ والحزُّ في متني | أما يشبع الأيامَ ما أكلتْ مني |
تلاحمُ ما تفريه فيّ بما فرتْ | وتحسمُ ما تجني عليَّ بما تجني |
أريها ندوبي كي ترقَّ وأشتكي | إليها فلا تأوى بعينٍ ولا أذنِ |
أرِّئفُ منها بالبكا باردَ الحشا | وأحوي بعوذاتِ الرُّقى ماردَ الجنِّ |
تسلُّ جناحي ريشة ً بعد ريشة ٍ | وتخلسُ غصنا من فروعي إلى غصنِ |
مصابٌ ولم أمسح يدي من قسيمهِ | وجُلَّى وما نفَّضتُ من أختها ردني |
كأنى لم يؤمر بغيري صروفها | ولا وجدتْ بالشرِّ مندوحة ً عنّى |
نزوعكِ يا دنيا وصدَّك إنني | سمحتُ بحظّي من هواكِ على ضنِّ |
تركتكِ للمخدوعِ منك بخالبٍ | من الومض مسمومِ الحيا صعقِ المزنِ |
قليلٌ وإن سرَّ الرياضَ بقاؤها | عليه وما إبقاؤه وهو المفني |
هجرتكِ لما صار وصلكِ سبّة ً | وخفتكِ لمّا أن دهيتُ من الأمنِ |
وإنك للحسناءُ وجها وشارة ً | ولكنه غدرٌ يشوِّهُ بالحسنِ |
فطنتُ لرأى الحزم فيكِ وهمّتي | تشيرُ إلى رأى الضراعة ِ والوهنِ |
أصادى وتُرمى صفحتي بخفيّة ٍ | تولَّجُ أبوابَ النفوس بلا إذنِ |
إذا ما اتقيتُ السهمَ منها بجلدتي | تنفَّستهُ من جلد خلِّيَ أو خِدني |
وأعلم إن ماطلت بالودّ أنني | على قربٍ لا بدَّ تدلى له شنِّي |
فلو كنتُ عضبا قد فنيتُ تفلّلا | ولو كنتُ هضبا مال ركني على ركني |
أيعلم ما أدَّت حقيبة ُ رحلهِ | من الشر ناعٍ ليته لم يبلِّغني |
نعى ثمّ ألقاها إليّ صحيفة ً | فضضت إشاحيها وفضَّتْ عرى جفني |
بدأتُ بها واليومُ أصبحَ مشمسا | وأنهيتُها والعينُ بالدمع في دجنِ |
كنى باسم عزِّيأنه اغتاله الردى | ونفسي عنى لو كان يعلم من يكنى |
خليلي إذا اعتلَّ الخليلُ وصاحبي الص | ريحُ إذا ملَّ الفتى صحبة ََ الهجنِ |
فجعتُ به غضَّ الشمائل والهوى | مسنَّ الحجا والفضلِ مقتبل السنِّ |
على حين قامت للمنى فيه سوقها | وحقَّت شهاداتُ المخايلِ والظنِّ |
ورشّحته يرمي الشواكلَ رأيهُ | ويُغنى وأطرافُ الأسنّة لا تغني |
وللخصم يستشري عليَّ سفاهة ً | وذي الودِّ يستعلي حؤولا ويستسني |
وللكاتم الشحناء يرهبُ حدّه | إذا اهتزَّ دوني والمكاشفِ بالضِّغنِ |
وقام بما حمّلته ناهضَ الذُّرى | خفيفَ الصليفِ تامكَ الجنبِ والمتنِ |
وتمَّ فسمَّتهُ النجابة ُكاملا | إذا مال في فنّ بها مار في فنِّ |
وصرتُ إذا طالبتُ دهري بمثله | طلبتُ ولاد العقم من أظهر العنِّ |
ينمْ ارتيادي فيه عن حسن ما أرى | ويفصح غرسي فيه عن طيب ما أجني |
ولم أدرِ أن الموتَ فيه مُراصدي | يقرِّفُ ما آسو ويهدمُ ما أبني |
أبا قاسم لبَّيت لو كنتَ سامعا | غراما بصوتي وارتياحا إلى لحني |
على أيّ سمتٍ تقتفيك نشيدتي | وأي مسيل أقتري عنك أو رعنِ |
وهل ينقلُ السُّفَّارُ أخبارَ هالكٍ | فأستقربَ الأسفارَ عنك وأستدني |
يرقَّبتُ يوما من لقائك نجتني | ثمارَ الإياب الحلوِ من غصنه اللَّدنِ |
وداريتُ عيني عنك بالوعد والمنى | مماطلة َ المأسور يطمع في المنِّ |
كأنّ فراخَ الوُكنِ بين جوانحي | أقمنَ وطار الأمّهاتُ عن الوُكنِ |
أغار عليّ الدهرُ فيك ولم أخلْ | نزولك منقادا بشلٍّ ولا شنِّ |
فلا أنت قدَّامَ الركاب طليعة ٌ | لعيني ولا مستأخر أثر الظُّعنِ |
طحا بك بعدٌ لا قرابة َ بعده | مسافة َ مقطوع المدى غلق الرهنِ |
مجاورَ قومٍ لا تجاوُرَ بينهم | تضاحوا وهم تحتَ الأظلّة ِ والكنِّ |
بدائدَ أُلاَّفٍ كأنّ قبورهم | جواثمَ بالبيداءِ معقورة ُ البدنِ |
بعيدٌ على ورد الحياض التقاؤهم | وإن هم تدانوا في المنازل والقطنِ |
غريبٌ وثاوٍ بين جدران أهلهِ | لهم قشفُ البيداءِ في ترفِ المدنِ |
عذيريَ من أفواهِ دجلة َبُدِّلتْ | من الغدقِ السلسال بالراكد الأجنْ |
شربتُوقد غالتكدمعي وماءها | فما افترقا لي في الملوحة والسَّخنِ |
لصافحتُ من أمواجها كفَّ غادرٍ | سواء عليها الغمزُ في الرَّخصِ والشَّثنِ |
رويتَ بها حتى غدا الريُّ لهفة ً | وصافقتها للفوز فانقدتَ للغبنِ |
وما خلتُ ورد الماءِ بابا إلى الصدى | ولا أنّ عومَ البحر ضربٌ من الدفنِ |
جرت بالقذى من بعد يومك والأذى | ولا ذُكرتْ إلا على السبِّ واللعنِ |
وضاقت بها حافاتُها وتملأّتْ | جنادلَ تكبو بالقلوعِ وبالسُّفنِ |
ويا ليت شعرَ الحزم كيف ركبتها | على غررٍ من لينِ أظهرها الخُشنِ |
وما كنتَ ممن يأكلُ الطيشُ حلمهُ | ولا من فريس العجزِ عندي ولا الأفنِ |
ذممتك فيها بالشجاعة مقدما | ولو قد جبنتَ اخترتُ حمدي على الجبنِ |
هويتَ إليها مطلقا حان أسرهُ | فلم يغنَ بالأفحوصِ عنها ولا الرَّشنِ |
ولو أنه العادي عليك ابنُ لأمة ٍ | تسربلَ أو ذو غابة دامي الحضنِ |
وقيتك لا أخشى يدَ الليث مالئا | محاجره منى ولا صولة َ القرنِ |
وقامتْ رجالاتٌ فمدَّت أكفَّها | طوالاً فذبَّت عنك بالضرب والطعنِ |
وألحمتُها شعواءَ يرفلُ نقعها | على العلق المحمِّر في الأزرِ الدُّكنِ |
يصكُّ الكماة َ بالكماة ِ مصاعها | خلاطا وترمي بالحجورِ على الحصنِ |
ولكن نعاني فيك من لا أروعه | بسفك دمٍ يحميك منه ولا جفنِ |
هو الفاجع النسرَ المحلِّقَ بابنه | على الطود والضبَّ المنقَّبَ بالمكنِ |
ووالجُ ما بين الفتى وإزاره | بلا وازعٍ ينهى ولا رادعٍ يثني |
رقى ما رقى الحاوون لسعة َ نابه | وطبُّوا فلا بالسحر جاءوا ولا الكهنِ |
أذمُّ إليك العيشَ بعدك إنه | بضيعة لا المغنى المفيدِ ولا المقني |
أهيم ولم يظفرْ بعفراءَ عروة ٌ | وأشكو ولم يقدر جميلٌ على بثُنِ |
كأني لم أنظر من الجوّ في ملاً | سواك ولم أسرع من الأرض في صحنِ |
ولا رفعتْ كفّي على إثر هالكٍ | ردائي على عيني ولا قرعت سنِّي |
بمن أدفع اليوم المريضة َ شمسهُ | وليلة َ غمّى قال همِّي لها جنِّي |
ومن أترك الشكوى به غيرَ قانطٍ | فيحملَ عنّى عبأها غيرَ ممتنِّ |
ويعضدنيوالرأي أعمى مُدلَّهٌ | ببلجة ِ خطَّاف البصيرة ِ معتنِّ |
سددتَ مدى طرفي وأوحشتَ جانبي | من الناس حتى ربتُ فاستوحشوا منّي |
وكنتَ يدي بانتْ وعيني تعذَّرتْ | عليَّ وسيفي ترَّ من خللِ الجفنِ |
فأصبحتُ أرمي في العدا غيرَ صائبٍ | بسهم وأرمى بالأذى غير مجتنِّ |
وكم أزلقتني وقفة ٌ بين حاسدي | وبيني وأعيتني فقلت لك ارشدني |
ومرهقة أعددتَ برَّك بي لها | فكنتَ أخي فيها كأنك كنتَ ابني |
فلا قلتُ يا نفسي بخلٍّ تأنَّسي | ويا كبدي حنّي إلى سكنٍ حنّي |
مضى من به بعتُ الورى غيرَ جاهل | بربحي واستوحدته غيرَ مستثني |
ثويتَ وأبقيتَ الجوى لي َوالأسى | فموتك ما يُبلي وعيشي ما يفني |
كأني كنزتُ الذُّخر منك لفاقتي | بفقدك واستثمرتُ من غبطتي حزني |
هنا التُّربَ في قوسانَ أنك نازلٌ | بأدراجه إن بشِّرَ التُّربُ أو هنِّي |
تطيبُ بك الأرضُ الخبيثُ صعيدها | ولو فطنتْ أثنت عليك كما أثني |
وزارك محلولُ الوديعة ِ مسبلٌ | رفيقٌ على فرط الوكيفة ِ والهتنِ |
أحمُّ شماليٌّ كأنَّ غمامه | سروبُ ظباءٍ أو ندائفُ من عهنِ |
إذا اختلفت أرضٌ خفوضا ورفعة ً | طغى شامخا فاستبدل السهلَ بالحزنِ |
تألَّت لك الأنواءُ أن ليس بعده | عقابيلُ في حوزٍ لهنّ ولا خزنِ |
تصوبُ وأبكي دائبين فإن ونت | ففوِّض إلى دمعي وعوّل على جفني |