صحا القلبُ لكن صبوة ٌ وحنينُ
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
صحا القلبُ لكن صبوة ٌ وحنينُ | وأقصرَ إلاّ أن يخفَّ قطينُ |
وراوده داعي النُّهى فأجابه | إلى الصبر إلاّ أن يقالَ يخونُ |
فما يستخفُّ الهجرُ ميزانَ حلمهِ | ولا هو إن حُمَّ الفراقُ رزينُ |
إذا سايرته فضلة ٌ من جلادة ٍ | على هاجرٍ عزَّته يومَ يبينُ |
وقالوا يكون البينُ والمرء رابطٌ | حشاهُ بفضلِ الحزمِ قلتُ يكونُ |
وقد يضمنُ القلبُ الصرامة لو وفى | ويصدق وعدُ الظنِّ ثم يمينُ |
دعوني فلى إن زُمَّت العيسُوقفة ٌ | أعلِّمُ فيها الصخرَ كيفَ يلينُ |
وخلّوا دموعي أو يقالَ نعم بكا | وزفرة َ صدري أو يقالَ حزينُ |
فلولا غليلُ الشوق أو دمعة ُ النوى | لما خُلقتْ لي أضلعٌ وجفونُ |
وفي الركبِ ليإن أنجد الركب حاجة ٌ | أُجلُّ اسمها أن تقتضى وأصونُ |
يماطلني عنها المليُّ وقد درى | على غدره أن العهودَ ديونُ |
وجوهٌ على وادي الغضاما عدمتها | فكلُّ عزيزٍ بالجمال يهونُ |
تشبّثتُ بالأقمار عنها علالة ً | وباناتِ سلع والفروقُ تبينُ |
وهل عوضٌ في أن تتمَّ تشبُّها | بهنَّ بدورٌ أو تميدَ غصونُ |
وعوَّذني عرَّافُ نجدٍ بذكرها | فأعلمني أن الغرامَ جنونُ |
تعوَّدَ داءً ظاهراً أن يطبَّه | فكيف له بالداءِ وهو دفينُ |
لقد نصحالقاريُّ في رامياتنا | بسلع وبعض الوالدات ضنين |
رمين بعيدا والقسيُّ حواجبٌ | فأخلصنَ فينا والسهامُ عيونُ |
أيا صاحبي قدِّمْ جميلا فإنما | تدانُ بما تولي غداً وتدينُ |
كفيتك في طرقِ الهوى أن تعزّني | فهل أنت في طرق العلاء مهينُ |
وفي الناس مولي نعمة ٍ حاسدٌ لها | عدوٌّ وفي الجلَّى أخٌ وخدينُ |
أثرها على حبِّ الوفاء وحسنهِ | تصعَّبُ في أشطانها وتلينُ |
جوافل من طردِ الرياح قريبة | عليها فجاجُ الأرض وهي شطونُ |
مضبًّرة ٌ فتلاءُ تروى إذا بكت | من الظمءِ فتلاءُ الذراعِ أمونُ |
تشعَّثُ أوبارُ المهارى وظهرها | من الخصب وحفُ الوفرتيندهينُ |
لها وهي خرسٌتحت عضِّ رحالها | تشكٍّ إذا جدَّ السُّرى وأنينُ |
ظهورُ المطايا للحمول وثقلها | تئطّ جنوبٌ تحته وبطونُ |
سماوتها الخضراءُ أختُ سمائها | إذا رفعت واليعملات سفينُ |
لها في عقابِ الموج متنٌ ململمٌ | قويٌّ ولكن لا يقالُ أمينُ |
إلى البحر عذبا نركبُ البحرَ مملحا | وربَّ سهولٍ طرقهنَّ حزونُ |
خبيثٌ مريرُ الشربِ يسقيك بعده | زلالٌ على حكم الشفاهِ معينُ |
على الأرض بحرٌ ثامنٌ صفوُ مائه | طغى بالبحارِ السبعِ وهي أجونُ |
غدا ربّها لما أحاط بملكها | بذلك يرضى كلَّها ويدينُ |
فخضها على التوفيق واقدح بزندها | عمانَ وإنِّي بالنجاح ضمينُ |
يميني رهنٌ بالغنى لك أن طرتْ | على ملكٍ كلتا يديه يمينُ |
فشاورْ نجومَ السعد والقِ بصدرها | إلى فلقٍ فيه الصباحُ كمينُ |
ومن لي بها لو أن حظا ممساكا | يجيبُ وعزما يستعانُ يبينُ |
وقلبا إذا ما أبصر الرشدَ فاهتدى | يغطي عليه حبّه ويرينُ |
على أنّ ثمَّ الغيثَ عمَّ فماؤه | عليَّ وإن شطَّ المزارُ هتونُ |
وأرضي به والأرضُ بيني وبينه | من الخصب جنَّتٌ خفتْ وعيونُ |
ففي كلِّ يومٍ نعمة ٌ أختُ نعمة ٍ | وجودٌ له مما يليه قرينُ |
مواهبٌ بيضٌ ودّت المزنُ أنّها | لها وهي حمَّاء السحائبِ جونُ |
تكثِّر حسادي عليه فأوجهٌ | زوينَ وألحاظٌ إليّ شفونُ |
وأيدٍ مدمّاة ٌ عليَّ بعضِّها | كما عضَّ في إثر البياع غبينُ |
إلى ناصر الدين امتطى كاهلَ المنى | خليقٌ بغايات النجاح قمينُ |
إلى ملك الأرض الذي كلُّ معرقٍ | إلى نسبيهِ في الملوك هجينُ |
كريم إذا صمَّ الزمانُ فجودهُ | سميعٌ لأصوات العفاة أذينُ |
توحَّدَ في الدنيا فما يستحقُّه | مكانٌ من الدنيا الوساع مكينُ |
وحلَّق يبغى موطنا لعلائه | فأصبح فوقا والكواكب دونُ |
ترى البدر من تحت الثريَّا إذا وفتْ | على التاج منه غرَّة ٌ وجبينُ |
لقد حملَ الدنيا صليبٌ أطاقها | وقد وُقصتْ منها طلى ً ومتونُ |
وولَّى ظباهُ خيرها فأقامها | على قصبات السبق وهي رهونُ |
وأظهرَ في تدبيرها معجزاتهِ | فقام نذيرٌ بالغيوب مبينُ |
رأى فضلها للسابقين فبدَّهم | جماحا وجارى السابقاتِ حرونُ |
وقد عجزتْ من قبلها أن يسوسها | قرونٌ على أدراجها وقرونُ |
فلا آل كسرى قوّدوها مقادة ً | وعندهمُ ركَّاضة ٌ وصفونُ |
ولا حميرُ الأقيالِ قاموا بحفظها | وفيهم قبابٌ دونها وحصونُ |
هوالقائم المهديّ فيها وعصره | زمانٌ لإصلاح الأمور وحينُ |
ولولا ظبا أقلامه وسيوفهِ | لما كان ملكٌ في الزمان يكونُ |
ولا قامت الدنيا بسيرة ِ عادلٍ | يهابُ ولم ينصر لربّك دينُ |
بآية محيى الأمة انتشرت لها | من التّرب سبلُ الحقِّ وهو دفينُ |
غدت ناصلا من كلّ جورٍ بعدله | مطهَّرة َ الأطرافِ وهي درينُ |
على مكرماتٍ للعلا ناصريّة ٍ | قدائمَ شابتْ والزمانُ جنينُ |
بناها على حد الصوارم والقنا | أسودٌ لها غابُ الرماح عرينُ |
إذا نفضوا الراياتِ أو زعزعوا القنا | غدت حركاتُ الناس وهي سكونُ |
يضيعُ ضياءُ الشمس في ليل نقعهم | فإظهارهم تحتَ العجاج دجونُ |
مضوا سلفا واستخلفوا لمجدهم | فقرَّت جنوبٌ في الثرى وعيونُ |
وفيتَ بما سنُّوا وزدتَ زيادة ً | تفوتُ مكاييلٌ لهم ووزونُ |
فداك ملوكٌ حين تذكرُ بينهم | فكلُّ مهيبٍ في النفوس مهينُ |
علوتَ على الأنداد عزّاً ورفعة ً | وحطَّهمُ خفضٌ يدقُّ وهونُ |
لهم شركة الأسماء فيه وعندك ال | معاني وهم شكٌّ وأنت يقينُ |
فضلتهمُ نفسا ودارا ونعمة ً | وبين الذُّنابي والذوائبِبينُ |
فإن باهلوا بالماء يجري جداولا | فماؤك جمٌّ والبحار حقينُ |
وظنوا النسيم كلَّما رقَّ سحرة ً | ألذَّ فأغلاظُ هفت وظنونُ |
هجيرك بالمعروفِ والعدلِ باردٌ | وظلُّهمُ بالمنكراتِ سخينُ |
وضيقُالبلادِ مع سماحك واسعٌ | وأعطانهم هذي الرحابُ سجونُ |
وأرضك كافورٌ يخاضُ وجوهرٌ | وأرضهمُ صخرٌ يداس وطينُ |
وإن حدَّثوا عن شامهم وعراقهم | فعندك هندٌ لا ترام وصينُ |
وتحوى من البحر المحيطِ عجائبا | تطيبُ بها أجسامهم وتزينُ |
وما الفخرُ طبيِّ بين دار وأختها | ولكنَّه بين الرجال بيونُ |
ورُبَّ حديث بالهوى جرَّ بعضهُ | إلى الشعر بعضا والحديث شجونُ |
وبغدادُ تبكي والبصيرة ُتشتكي | وشعري نشيج عنهما ورنينُ |
وكم بلدة ٍ باتت تسالم أختها | وبينهما حربٌ عليك زبونُ |
سلمتَ لدنيا عمرُها وصلاحها | بعمرك يا مولى الملوكِ رهينُ |
وطاولت الخضراءَ خلدا ونعمة ً | قصورُ علاً شيَّدتها وحصونُ |
وخُلِّدَ هذا الملكُ تضعفُ دونه | جبالٌ بقاءَ الدهرِ وهو متينُ |
إلى أن تعودَ الراسياتُ موائراً | تسيرُ وتضحي الأرضُ وهي دخينُ |
وحيَّتك عنّى مطرباتٌ كأنما | أناشيدها مما حلونَ لحونُ |
يقوم بها بين السِّماطين خاطبٌ | صدوقٌ وبعضُ المادحينَ يمينُ |
لمجدك منها يومَ تبغى نكاحها | كما شئتَ أبكارٌ تزفُّ وعونُ |
موائسُ من دلٍّ شوامسُ عفّة ً | فهنَّ غصونٌ أو خرائدُ عينُ |
تغالي بفرط الجود لي في مهورها | فأُرخص منها العلقَ وهو ثمينُ |
ويحملها عنّى جوادٌ بنفسه | لخدمتكم والقلبُ منه ضنينُ |
هو العبدُ قنّاً وابنُ عبدك طاعة ً | وعبدُ المعاصي والعصيِّ لعينُ |
له كلَّ عامٍ منكَ عادة ُ نعمة ٍ | ولي توسع الآمالُ حين تحينُ |
ينهِّضه سعيٌ بفضلك آنسٌ | له ثقة ٌ نحو الغنى وسكونُ |
فلاحظه بالإنعامِ لا توكلنَّه | سفيرا يريك النصحَ هو خئونُ |
له قلقٌ مهما وهبتَ كأنّه | سليمٌ بما تعطي العفاة َ طعينُ |
تحيَّفه في الحكم حتى نصرته | وجودك إن جار القضاء أمينُ |
وعش لي فلى شأنٌ من العيش صالحٌ | وللناس في ناسٍ سواك شئونُ |
وما ضرَّني منهم نحولُ مطالبي | لديهم وحظّي من نداك سمينُ |
وما ساءني أن يمنعَ الغيثُ جودهُ | وكفُّك لي إمّا احتلبتُ لبونُ |
لو أنَّ الورى أهلى لكنتُ وأنتَ لي | أقومُ بهم مستظهرا وأمونُ |
وأرجوك لي حيّاً وأرجو لوارثي | نداك وجسمي في التراب دفينُ |
إذا صانك المقدارُ من كلّ حادثٍ | فوجهي عن ذلِّ السؤال مصونُ |