أروَّضَ الوادي أمْ ابيضَّ الغسقْ
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
أروَّضَ الوادي أمْ ابيضَّ الغسقْ | أمْ طيفُ ظمياءَ على النَّأى طرقْ |
جاءَ على غربتهِ لمْ يحتفلْ | ما نكدَ الأرضُ وما تيهُ الطَّرقْ |
تحملهُ راحلة ٌ كاذبة ٌ | منَ الكرى تشكرُ شكرَ منْ صدقْ |
فقمتُ أمشي نائماً ينفضني | إكبارُ ما خاضَ إليَّ وما خرقْ |
مرتشفاً ترابهُ أعرفهُ | منْ غيرهِ بما استفادَ منْ عبقْ |
والرَّكبُ قدْ ألهاهمُ عنْ شأننا | يومَ الخليلِ سامني ما لمْ أطقْ |
وناظرَ رقادهُ منْ غدرهِ | لولا فراقُ الطَّيفِ ماذمَّ الأرقْ |
ناشدْ غصوناً باللوى موائلاً | طوعَ النَّسيمِ تلتوي وتفترقْ |
أهنَّ أحلى أمْ قدودٌ تلتوي | شكوى على جمرِ النَّوى وتعتنقْ |
وعنْ قناة ٍ لحظها عاملها | وحبَّبَ الرُّمحُ إنْ اسمرَّ ودقْ |
لمياءُ يلفي الظَّبيُ منْ أوصافهِ | صفراً إذا ردَّ الَّذي منها سرقْ |
تمَّ البدورُ وهلالُ وجهها | ما بلغَ التّمَ بها ولا امَّحقْ |
فارقتُ حولاً أهلُ نجدٍ والهوى | ذاكَ الهوى وحرقي تلكَ الحرقْ |
فقلْ لمنْ ظنَّ البعادَ سلوة ً | لا تنتحّلْ طعمَ شيءٍ لمْ تذقْ |
آهٍ لقلبٍ شقَّ عنهُ أضلعي | منَ الحمى تخالجُ البرقَ الشَّفقْ |
ثارَ بهِ الشَّوقُ فهبَّ فهفا | تطلُّعاً ثمَّ نزا ثمَّ مرقْ |
أنشدهُ وليسَ في أهلُ منى ً | والقومُ حجٌ منْ تعرَّفَ الشَّرقْ |
للهِ عيشٌ بالحمى تعلَّقتْ | حبالهُ بيدِ قطَّاعِ العلقْ |
صحبتُ منهُ رفقة ً سائرة ً | لو أمهلَ الحادي العنيفُ أو رفقْ |
أيَّامَ لي منْ الشَّبابِ دوحة ٌ | ملتفَّة ُ الأغصانِ خضراءُ الورقْ |
ولمَّتي تقطرُ منْ ماءِ الصِّبا | شرطَ المفدِّي ما فلا وما فرقْ |
إذا الظِّباءُ نفرتْ منْ قانصٍ | تزاحمتْ على حبالي وربقْ |
فاليومَ لا أرجعُ إلاَّ مخفقاً | محصَّنَ المدية ِ مثنّى الورقْ |
قالوا المشيبَ لبسة ٌ جديدة ٌ | خذوا الجديدَ واستردُّوا ليَ الخلقْ |
أسلفتُ دهري غبناً فارتجعتْ | أحداثهُ منّي الّذَي كانَ استحقْ |
كمْ قدْ ركبتُ ظهرهُ ولجمي | تبدلهُ عنِ العليقِ بالعلقْ |
أجريتهُ ركضاً إلى مآربي | وخبباً حتَّى أفوزَ بالسَّبقْ |
فلمْ تزلْ خطاهُ بي قصيرة ً | وجلدي حتَّى رضيتُ بالعنقْ |
قالتْ يئستُ فجلستْ حجرة ً | والرِّزقُ في أخرى يصوبُ ويدقْ |
مزمَّلاُ بعيشة ٍ ذبذابة ٍ | لمْ يكسِ الدَّهرُ بها ولا حمقْ |
تألفُ داراً بالعراقِ جدبها | قدْ عدمَ اللحمَ معادَ يعترقْ |
أضربتْ أسدادُ جوٍّ غيرها | على المطيِّ أمْ على الأرضِ طبقْ |
يحبُّ كسرالبيتِ إمَّا عاطلٌ | منَ العلا أو طائشِ القلبِ فرقْ |
مجثمتانِ أينَ أنتَ منهما | هما الثُّرى وأنتَ بيضاءُ الأفقْ |
عنِّي فما أعدلها قضيّة ً | لو أنَّ منْ يحرمَ بالفضلِ رزقْ |
أما رأيتَ الفضلَ واجتماعهُ | في وطنِ والحظُّ قلَّما اتفقْ |
العربيُّ راقعٌ شملتهُ | والقرويُّ بالنَّضارِ ينتطقْ |
منْ لي بسوقِ المائقينَ يشتري | حلمي فيها برفاغة ِ النَّزقْ |
وقدْ حرصتُ مطلقاً أعنَّتي | لو أنّ معقولَ القضاءِ ينطلقْ |
والشِّعرُ قدْ أقعدتهُ فكاسدٌ | أو نافقٌ وليتَ شعري ما نفقْ |
عبَّدتهُ حرَّاً لقومٍ عنفوا | بملكهِ فما نجا حتّى أبقْ |
فصرتُ إنْ أردتهُ لمثلها | أبى عليَّ خيفة ً منها وشقْ |
وقدْ عصاني في الملوكِ زمناً | فهلْ ترى يسمحُ في مدحِ السُّوقْ |
لو كانَ كالأميرِ كلُّ سامعٍ | لمْ يحتبسْ عنْ شأوهِ ولمْ يعقْ |
ولو بسعدِ الدَّولة ِ اشتغالهُ | مذْ سارَ ما سارَ بمدحٍ نختلقْ |
حارنْ ما حارنْ وارتاضَ لهُ | لقدأرمَّ ولأمر ما نطقْ |
أصابَ كفئاً ورأى ضريبة ً | ففالتَ الغمدُ إليها واندلقْ |
ومرَّ مشتاقاً معَ الأوصافِ لا | تملكُ منهُ صهوة ٌ ولا عنقْ |
طابتْ لهُ الأنباءُ فاستروحها | شمَّاً وللجودِ رياحٌ تنتشقْ |
يا راكباً تنقلهُ سابحة ً | ورهاءُ لا منْ جنَّة ٍ ولا خرقْ |
سوداءُ منْ لباسها وجلدها | وجسمها أبيضُ عريانَ يققْ |
أرضعها البحرُ وربَّاها وما | تخشى على ذاكَ ردى ً منْ الغرقْ |
إذا المطايا ألمتْ منَ الصَّدى | خمساً وعشراً ألمتَ منَ الشَّرقْ |
تحدى برجزٍ ليسَ منْ أشجانها | ونغمٍ لمٍ يصبها ولمْ يشقْ |
تركبُ منْ هوجِ الرِّياحِ غررا | وما لها إلاَّ بهنَّ مرتفقْ |
بلِّغْ بميسانِ إذا بلغتها | عاقلة َ الثّاوي وزادَ المنطلقْ |
وقمراًَ يطلعُ في سمائها | ونورهُ في الخافقينَ يأتلقْ |
وقلْ كما شاءَ النّدى لخالدٍ | قولة َ لا تخلُّبٍ ولا ملقْ |
يا خيرَ منْ حلَّتْ على أبوابهِ | رحائلُ البدنِ وحاجاتُ الرُّفقْ |
ومنْ أتتهُ كالحبالِ عجفاً | ورجعتْ كالوسقْ منْ تحتِ الوسقْ |
لولا السّماحُ وغرامٌ بالنَّدى | لما قرعتْ تطلبُ المالَ الحلقْ |
ولاشهدتَ اليومَ تغلي قدرهُ | لو لمْ يصبِ ماءُ الطَّلى بهِ احترقْ |
عمَّتْ على أشعارها صبائغٌ | تولّدتْ بينَ النَّجيعِ والعرقْ |
يحملنَ كلَّ خائضٍ بحرَ النّدى | حتَّى يرى الموجَ عليهِ ينطبقْ |
كأنَّهُ بالموتِ يقضي لذّة ً | أو بفراقِ نفسهِ يشقي حنقْ |
كتيبة ُ خرساء إلاَّ قونسٌ | يطنُّ أو خرَّ غلامٌ فصعقْ |
لمء ترَ منْ قبلكَ خرقاً قادها | أسدَ شرى تهفو عليهنَّ الخرقْ |
إذا طغى على لصَّليق زأرها | فأضلعُ البصرة ِ منها تصطفقْ |
لواؤكَ المرفوعُ منْ أمامها | لمْ ينخفضْ ولا هوى منذُ بسقْ |
كأنَّهُ أبصرَ أكبادَ العدا | تنزو فأعداهُ الخفوقُ فخفقْ |
قدْ جرَّبوا كيدكِ أمسِ والّذي | عندَ غدٍ أشقى عليهمْ وأشقْ |
يا فارسَ القرطاسِ والسَّيفِ لقدْ | جمعتَ منْ ذي طرفينِ مفترقْ |
حتّى لقالوا طاعنٌ بقلمٍ | أو كاتبٌ بالرُّمحِ في الطَّرسِ مشقْ |
عرفتَ منْ نفسكَ مالمْ يعرفوا | فطرتَ حتَّى صرتَ حيثُ تستحقْ |
كمْ عجبوا منكَ وأنتَ ترتقي | وانتظروا فيكَ الزَّليلَ والزلقْ |
وخاوصوكَ حسداً بأعينٍ | لمْ تحفلِ الشَّهلة َ منها والزّرقْ |
حتَّى تركتَ النَّجمَ في خضرائهِ | يخطرُ زواً أنْ سبقتَ ولحقْ |
فالمالُ إنْ لمْ تلتحفْ بريشهِ | ولمْ تنطهُ بيدٍ ولمْ تلقْ |
أنفقتهُ في الجودِ فهوَ بددٌ | في الأرضِ حتَّى ما لهُ منكَ نفقْ |
والحوضُ يفنيهِ اعتوارُ شفة ٍ | فشفة ٍ وإنْ علا وإنْ عمقْ |
وفرُ الفتى ما شاءَ منْ حديثهِ | والمجدُ منْ غيرِ النُّضارِِ والورقْ |
هلْ لكَ في ودٍّ على شطِ النّوى | صفا على غشِّ المودَّاتِ ورقْ |
وصاحبٍ كما اشترطتَ صاحباً | أخلصَ ما كانَ إذا قلتَ مذقْ |
بكيلكَ البرَّ بصاعٍ أصوعا | وإنْ عققتْ غيرَ غدرٍ لمْ يعقْ |
مطهَّرُ الشِّيمة ِ غنمٌ قربهُ | محبَّبِ الإكثارِ محفوظُ النّثطقْ |
لا يشربُ الرَّاحَ لأنْ تسكرهُ | لكنْ لأنْ يجذبها حسنُ الخلقْ |
سيفٌ إذا أنتَ عرفتَ قدرهُ | فرى بأعناقِ عداكَ وفلقْ |
أتاهُ عنكَ منْ أحاديثِ النَّدى | والمجدِ ما صبا إليهِ وأرقْ |
فساقها عذراءَ ما خطبتها | وكمْ غلا خطبٌ بها فلمْ تسقْ |
ثمينة َ البضعِ حصيناً سرُّها | على الرِّجالِ حرَّة ً لا تسترقْ |
إنْ آنستْ خيراً أقامتْ أو رأتْ | ضيماً أجازَ حكمها أنْ تنطلقْ |
العقدُ والتّطليقُ للبعلِ وفي | قبضتها أقرَّ بعلٌ أمْ طلقْ |
إنسيّة ٌ تحسبُ نفثَ سحرها | كلامٌ جنيٍّ حكى ما يسترقْ |
حاضرة ً تحسبها بادية ً | تديَّرتْ داراتِ خبتٍ فالبرقْ |
أخَّرها الميلادُ وهي رتبة ً | في الشِّعرِ بالتَّقديمِ أولى وأحقْ |
إذا قرنتَ بالفحولِ شأوها | حكمتَ أنَّ السَّابقَ الَّذي سُبِقْ |
فاجتلّها منْ فمِ راوٍ قدْ فرى | بالسّعيِ فيها لكَ دهراً وخلقْ |
أشفقَ أنْ يعطلَ وهي مفخرٌ | عرضكَ منها والمحبُّ ذو شفقْ |
فاشكرْ لهُ ما حملتْ يمينهُ | منها وما فتّقَ فيها ورتقْ |
واعرفْ لمهديها لكَ افتتاحهُ | في المدحِ باباً عنْ سواكَ منغلقْ |
وجازهِ وابقَ على ودادهِ | مسلّماً ما طردَ الليلُ الفلقْ |
ولا تعلِّلْ باستماعِ غيرها | فإنّما تلكَ بنيَّاتُ الطُّرقْ |